منتديات النغم الحزين


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات النغم الحزين
منتديات النغم الحزين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كتاب الفقة والسنة

+2
حسون~
AaMmOoRr
6 مشترك

صفحة 7 من اصل 8 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:46 am

النذر
معناه : النذر هو التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع بلفظ يشعر بذلك ، مثل أن يقول المرء : لله علي أن أتصدق بمبلغ كذا ، أو إن شفى الله مريضي فعلي صيام ثلاثة أيام ونحو ذلك . ولا يصح إلا من بالغ عاقل مختار ولو كان كافرا . النذر عبادة قديمة : ذكر الله سبحانه عن أم مريم أنها نذرت ما في بطنها لله فقال : - ( إذ قالت امرأة عمران ربي إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ) ( 1 ) .
وأمر الله مريم به فقال : ( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) ( 1 ) .
النذر في الجاهلية : وذكر الله عن أهل الجاهلية ما كانوا يتقربون به إلى آلهتهم من نذور ، طلبا لشفاعتهم عند الله ، وليقربوهم إليه زلفى فقال : ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم . ساء ما يحكمون ) ( 2 ) .
مشرعيته في الاسلام : وهو مشروع بالكتاب والسنة ، ففي الكتاب يقول الله سبحانه : ( وما أنفقتم مننفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه ) ( 3 ) . ويقول : ( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) ( 1 ) . ويقول : ( يوفون ( 2 ) بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) ( 3 ) وفي السنة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصيه فلا صه رواه البخاري ومسلم عن عائشة . والاسلام وإن كان قد شرعه إلا أنه لا يستحبه ، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر ، وقال : إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل . رواه البخاري ومسلم .
( هامش ) ( 1 ) سورة الحج آية رقم 29 . ( 2 ) سورة الدهر آية رقم 7 . ( 3 ) عن قتادة في هذه الاية : قال : كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم فسماهم الله أبرارا . أخرجه الطبراني بسند صحيح .
متى يصح ومتى لا يصح : يصح النذر وينعقد إذا كان قربة يتقرب بها إلى الله سبحانه . ويجب الوفاء به . ولا يصح إلا نذر أن يعصي الله ، ولا ينعقد . كالنذر على القبور وعلى أهل المعاصي ، وكأن ينذر أن يشرب الخمر أو يقتل أو يترك الصلاة أو يؤذي والديه . فإن نذر ذلك لا يحب الوفاء به بل يحرم عليه أن يفعل شيئا من ذلك ولا كفارة عليه ( 1 ) لان النذر لم ينعقد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا نذر في معصية ) ( 2 ) وقيل : ( 3 ) تجب الكفارة زجرا له وتغليظا عليه .
( هامش ) ( 1 ) هذا مذهب الاحناف وأحمد . ( 2 ) رواه مسلم من حديث عمران بن حصين . ( 3 ) جمهور الفقهاء ومنهم المالكية والشافعية .
النذر المباح : سبق أن ذكرنا أنه يصح النذر إذا كان قربة ، ولا يصح إذا كان معصية . وأما النذر مباح مثل أن يقول : لله علي أن أركب هذا القطار أو ألبس هذا الثوب ، فقد قال جمهور العلماء : ليس هذا بنذر ولا يلزم به شئ . روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر وهو يخطب إلى أعرابي قائم في الشمس فقال : ما شأنك ؟ قال : نذرت أن لا أزال في الشمس حتى يفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخطبة . فقال الرسول : ( ليس هذا بنذر ، إنما النذر فيما ابتغي به وجه الله ) . وقال أحمد : ينعقد ، والناذر يخير بين الوفاء وبين تركه ، وتلزمه الكفارة إذا تركه . ورجح هذا صاحب الروضة الندية فقال : النذر المباح يصدق عليه مسمى النذر ، فيدخل تحت العمومات المتضمنة للامر بالوفاء به ، ويؤيد ذلك ما أخرجه أبو داود : ( أن امرأة قالت : يا رسول الله إني نذرت إذا انصرفت من غزوتك سالما أن أضرب على رأسك بالدف ، فقال لها : أوفي بنذرك ) وضرب الدف إذا لم يكن مباحا فهو إما مكروه أو أشد من المكروه ، ولا يكون قربة أبدا . فإن كان مباحا فهو دليل على وجوب الوفاء بالمباح ، وإن كان مكروها فالاذن بالوفاء به يدل على الوفاء بالمباح بالاولى . النذر المشروط وغير المشروط : والنذر قد يكون مشروطا ، وقد يكون غير مشروط . فالاول : هو التزام قربة عند حدوث نعمة أو دفع نقمة . مثل : إن شفى الله مريضي فعلي إطعام ثلاثة مساكين ، أو : إن حقق الله أملي في كذا فعلي كذا . فهذا يلزم الوفاء به عند حصول المطلوب . والثاني : النذر المطلق ، وهو أن يلتزم ابتداء بدون تعليق على شئ ، مثل : لله علي أن أصلي ركعتين . فهذا يلزم الوفاء به ، لدخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) . النذر للاموات : وفي كتب الاحناف : أن النذر الذي يقع للاموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الاولياء الكرام تقربا إليهم ، كأن يقول : يا سيدي فلان ، إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من النقد أو الطعام أو الشمع أو الزيت كذا ، فهو بالاجماع باطل وحرام لوجوه ، منها : 1 - أنه نذر لمخلوق ، والنذر للمخلوق لا يجوز ، لانه عبادة ، وهي لا تكون إلا لله . 2 - أن المنذور له ميت ، والميت لا يملك . 3 - أنه إن ظن أن الميت يتصرف في الامور دون الله تعالى فاعتقاده ذلك كفر والعياذ بالله . اللهم إلا أن يقول : يا ألله ، إني نذرت لك إن شفيت مريضي أو رددت غائبي أو قضيت حاجتي أن أطعم الفقراء الذين بباب الولي الفلاني ، أو أشتري حصرا لمسجد أو زيتا لوقوده أو دارهم لمن يقوم بشعائره . . . إلى غير ذلك مما فيه نفع للفقراء والنذر لله عزوجل . وذكر الولي إنما هو محل لصرف النذر لمستحقيه القاطنين برباطه أو مسجده . فيجوز بهذا الاعتبار . ولا يجوز أن يصرف ذلك لغني ولا لشريف ولا لذي منصب أو ذي نسب أو علم ما لم يكن فقيرا . ولم يثبت في الشرع جواز الصرف للاغنياء .
نذر العبادة بمكان معين : ولو نذر صلاة أو صياما أو قراءة أو اعتكافا في مكان بعينه ، فإن كان للمكان المتعين مزية في الشرع كالصلاة في المساجد الثلاثة : لزم الوفاء به ، وإلا لم يتعين بالنذر الذي أمر الله بالوفاء به . وهذا مذهب الشافعية ، قالوا : وإذا نذر إنسان التصدق بشئ على أهل بلد معين لزمه ذلك وفاء بالتزامه ، ولو نذر صوما في بلد لزمه الصوم لانه قربة ولم يتعين مكان الصوم في ذلك البلد ، فله الصوم في غيره . ولو نذر صلاة في بلدة لم يتعين لها ويصلي في غيرها لانها لا تختلف باختلاف الامكنة إلا المسجد الحرام أي الحرم كله ومسجد المدينة ومسجد الاقصى ، إذا نذر الصلاة في أحد هذه المساجد ، فيتعين لعظم فضلها ، إذا نذر الصلاة في أحد هذه المساجد ، فيتعين لعظم فضلها ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الاقصى ) . واستدلوا بدليل نقلي على تعيين مكان التصدق بالنذر . وهو ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن امرأة أتت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إني نذرت أن أذبح كذا وكذا ، لمكان يذبح فيه أهل الجاهلية . قال : لصنم ؟ قالت : لا . قال : لوثن ؟ قالت : لا . قال : أوفي بنذرك ) . وقال الاحناف : من قال : ( لله علي أن أصلي ركعتين في موضع كذا أو أتصدق على فقراء بلد كذا ) يجوز أداؤه في غير ذلك المكان عند أبي حنيفة وصاحبيه ، لان المقصود من النذر هو التقرب إلى الله عزوجل ، وليس لذات المكان دخل في القرية . وإن نذر صلاة ركعتين في المسجد الحرام فأداها في مكان أقل منه شرفا أو فيما لا شرف له أجزأه عندهم ، لان المقصود هو القربة إلى الله تعالى ، وذلك يتحقق في أي مكان . النذر لشيخ معين : ومن نذر لشيخ معين فإن كان حيا وقصد الناذر الصدقة عليه لفقره وحاجته أثناء حياته كان ذلك النذر صحيحا ، وهذا من باب الاحسان الذي حبب فيه الاسلام . ولو كان ميتا وقصد الناذر الاستغاثة به وطلب قضاء الحاجات منه ، فإن هذا نذر معصية لا يجوز الوفاء به . من نذر صوما وعجز عنه : من نذر صوما مشروعا وعجز عن الوفاء به لكبر سن أو لوجود مرض لا يرجى برؤه . . . كان له أن يفطر ويكفر كفارة يمين أو يطعم عن كل يوم مسكينا . وقيل : يجمع بينهما احتياطا . الحلف بالصدقة بالمال : من حلف بأن يتصدق بماله كله أو قال : مالي في سبيل الله . فهو من نذر اللجاج وفيه كفارة يمين ، وعليه الشافعي ، وقال مالك : يخرج ثلث ماله . وقال أبو حنيفة : ينصرف ذلك إلى كل ما تجب فيه الزكاة من عينه من المال ، دون ما لا زكاة فيه من العقار والدواب ونحوها .
كفارة النذر : إذا حنث الناذر أو رجع عن نذره لزمته كفارة يمين . روى عقبة بن عامر أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين ) . رواه ابن ماجه والترمذي وقال : حسن صحيح غريب .
من مات وعليه نذر صيام : روى ابن ماجه أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي توفيت وعليها نذر صيام ، فتوفيت قبل أن تقضيه ، فقال : ( ليصم عنها الولي ) . البيع التبكير في طلب الرزق : روي الترمذي عن صخر الغامدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم بارك لامتي في بكورها ) ( 1 ) . قال : ( وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم أول النهار ، وكان صخر رجلا تاجرا ، وكان إذا بعث تجارة بعث أول النهار ، فأثرى وكثر ماله )
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:46 am

الكسب الحلال :
عن علي ، كرم الله وجهه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى يحب أن يرى عبده . يعني في طلب الحلال ) ، رواه الطبراني والديلمي . وعن مالك بن أنس ، رضي الله عنه ، أن رسول الله
( هامش ) ( 1 ) البكور : السعي مبكرا أول النهار .
صلى الله عليه وسلم قال : ( طلب الحلال واجب على كل مسلم ) . رواه الطبراني . قال المنذري : وإسناده حسن إن شاء الله . وعن رافع بن خديج أنه قيل : يا رسول الله ، أي الكسب أطيب ؟ ( 1 ) قال : ( عمل المرء بيده ، وكل بيع مبرور ) ( 2 ) . رواه أحمد والبزاز . ورواه الطبراني عن ابن عمر بسند رواته ثقات .
وجوب العلم بأحكام البيع والشراء : يجب على كل من تصدى للكسب أن يكون عالما بما يصححه ويفسده لتقع معاملته صحيحة ، وتصرفاته بعيدة عن الفساد . فقد روي أن عمر ، رضي الله عنه ، كان يطوف بالسوق ويضرب بعض التجار بالدرة ، ويقول : ( لا يبع في سوقنا إلا من يفقه ، وإلا أكل الربا ، شاء أم أبى ) . وقد أهمل كثير من المسلمين الان تعلم المعاملة وأغفلوا
( هامش ) ( 1 ) أي : أحل وأبرك . ( 2 ) ماخلا من الحرام والغش : أصول المكاسب : الزراعة ، والتجارة ، والصنعة . وأطيبها ما كان بعمل اليد ، وما يكتسب من الغنائم التي تغنم بالجهاد ، وقيل : التجارة .
هذه الناحية وأصبحوا لا يبالون بأكل الحرام مهما زاد الربح وتضاعف الكسب . وهذا خطأ كبير يجب أن يسعى في درئه كل من يزاول التجارة ، ليتميز له المباح من المحظور ، ويطيب له كسبه ويبعد عن الشبهات بقدر الامكان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ) . فليتنبه لهذا من يريد أن يأكل حلالا ويكسب طيبا ويفوز بثقة الناس ورضي الله . عن النعمان بن بشير أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( حلال الحلال بين ( 1 ) والحرام بين ( 2 ) وبينهما أمور مشتبهة ( 3 ) ، فمن ترك ما يشتبه عليه من الاثم كان لما استبان أترك ، ومن اجترأ على ما يشك فيه من الاثم أوشك أن يواقع ما استبان . والمعاصي حمى الله . من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه ) .
( هامش ) ( 1 ) الحلال البين : هو ما طلب الشارع فعله . ( 2 ) الحرام البين : هو ما طلب الشارع تركه طلبا جازما . ( 3 ) الامور المشتبهة : هي ما تعارضت فيها الادلة واختلف فيه العلماء .
رواه البخاري ومسلم . معنى البيع : البيع معناه لغة : مطلق المبادلة . ولفظ البيع والشراء يطلق كل منهما على ما يطلق عليه الاخر ، فهما من الالفاظ المشتركة بين المعاني المتضادة . ويراد بالبيع شرعا مبادلة مال بمال ( 1 ) على سبيل التراضي أو نقل ملك ( 2 ) بعوض ( 3 ) على الوجه المأذون ( 4 ) فيه .
مشروعيته : البيع مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الامة . أما الكتاب فيقول الله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) ( 5 ) . وأما السنة : فلقول رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الكسب عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور ) ( 6 )
( هامش ) ( 1 ) المال : كل ما يملك وينتفع به ، وسمي مالا لميل الطبع إليه . ( 2 ) احتراز عن ما لا يملك . ( 3 ) احتراز عن الهبات وما لا يجوز أن يكون عوضا . ( 4 ) احتراز عن البيوع المنهي عنها . ( 5 ) سورة البقرة آية رقم 275 . ( 6 ) البيع المبرور : هو الذي لا غش فيه ولا خيانة .
وقد أجمعت الامة على جواز البيع والتعامل به من عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى يومنا هذا .
حكمته : شرع الله البيع توسعة منه على عباده ، فإن لكل فرد من أفراد النوع الانساني ضرورات من الغذاء والكساء وغيرها مما لا غنى للانسان عنه ما دام حيا ، وهو لا يستطيع وحده أو يوفرها لنفسه لانه مضطر إلى جلبها من غيره . وليس ثمة طريقة أكمل من المبادلة ، فيعطي ما عنده مما يمكنه الاستغناء عنه بدل ما يأخذه من غيره مما هو في حاجة إليه .
أثره : إذا تم عقد ( 1 ) البيع واستوفى أركانه وشروطه ترتب عليه نقل ملكية البائع للسلعة إلى المشتري ، ونقل ملكية المشتري للثمن إلى البائع ، وحل لكل منهما التصرف فيما انتقل ملكه إليه بكل نوع من أنواع التصرف المشروع .
أركانه وينعقد بالايجاب ( 2 ) والقبول ، و يستثنى من ذلك
( هامش ) ( 1 ) العقد معناه : الربط والاتفاق . ( 2 ) البيع وغيره من المعاملات بين العباد أمور مبنية على الرضى النفسي : وهذا لا يعلم لخفائه فأقام الشارع القول المعبر عما في النفس من رضى مقامه ، وناط به الاحكام . والايجاب ما صدر أولا من أحد الطرفين . والقبول ما صدر ثانيا . ولا فرق بين أن يكون الموجب هو البائع والقابل هو المشتري أو يكون الامر بالعكس . فيكون الموجب هو المشتري والقابل هو البائع .
الشئ الحقير ، فلا يلزم فيه إيجاب وقبول ، وإنما يكتفى فيه بالمعاطاة ، ويرجع في ذلك إلى العرف وما جرت به عادات الناس غالبا . ولا يلزم في الايجاب والقبول ألفاظ معينة ، لان العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالالفاظ والمباني . والعبرة في ذلك بالرضى ( 1 ) بالمبادلة ، والدلالة على الاخذ والاعطاء ، أو أي قرينة دالة على الرضى ومنبئة عن معنى التملك والتمليك ، كقول البائع : بعت أو أعطيت أو ملكت ، أو هو لك ، أو هات الثمن . وكقول المشتري : اشتريت أو أخذت أو قبلت أو رضيت أو ، خذ الثمن شروط الصيغة : ويشترط في الايجاب والقبول ، وهما صيغة العقد : أولا : أن يتصل كل منهما بالاخر في المجلس دون أن يحدث بينهما مضر . ثانيا : وأن يتوافق الايجاب والقبول فيما يجب التراضي عليه من مبيع وثمن ، فلو اختلفا لم ينعقد البيع . فلو قال البائع : بعتك هذا الثوب بخمسة جنيهات ، فقال المشتري : قبلته بأربعة ، فإن البيع لا ينعقد بينهما لاختلاف الايجاب عن القبول . ثالثا : وأن يكون بلفظ الماضي مثل أن يقول البائع : بعت ، ويقول المشتري : قبلت . أو بلفظ المضارع إن أريد به الحال ، مثل : أبيع وأشتري ، مع إرادة الحال . فإذا أراد به المستقبل أو دخل عليه ما يمحضه للمستقبل كالسين وسوف ونحوهما كان ذلك وعدا بالعقد .
والوعد بالعقد لا يعتبر عقدا شرعيا . ولهذا لا يصح العقد .
العقد بالكتابة : وكما ينعقد البيع بالايجاب والقبول ينعقد بالكتابة بشرط أن يكون كل من المتعاقدين بعيدا عن الاخر ، أو يكون العاقد بالكتابة أخرس لا يستطيع الكلام ، فإن كانا في مجلس واحد ، وليس هناك عذر يمنع من الكلام فلا ينعقد بالكتابة ، لانه لا يعدل عنا لكلام ، وهو أظهر أنواع الدلالات ، إلى غيره إلا حينما يوجد سبب حقيقي يقتضي العدول عن الالفاظ إلى غيرها . ويشترط لتمام العقد أن يقبل من كتب إليه في مجلس
قراءة الخطاب . عقد بواسطة رسول : وكما ينعقد العقد بالالفاظ والكتابة ينعقد بواسطة رسول من أحد المتعاقدين إلى الاخر بشرط أن يقبل المرسل إليه عقب الاخبار . ومتى حصل القبول في هاتين الصورتين تم العقد ، ولا يتوقف على علم الموجب بالقبول . عقد الاخرس : وكذلك ينعقد بالاشارة المعروفة من الاخرس ، لان إشارته المعبرة عما في نفسه كالنطق باللسان سواء بسواء . ويجوز للاخرس أن يعقد بالكتابة بدلا عن الاشارة إذا كان يعرف الكتابة . وما اشترطه بعض الفقهاء من التزام ألفاظ معينة لم يجئ بما قالوا فيه كتاب ولا سنة .
شروط البيع لابد من أن يتوافر في البيع شروط حتى يقع صحيحا ، وهذه الشروط : منها ما يتصل بالعاقد ، ومنها ما يتصل بالمعقود عليه ، أو محل التعاقد ، أي المال المقصود نقله من أحد العاقدين إلى الاخر ، ثمنا أو مثمنا ، أي مبيعا ( 1 ) .
( هامش ) ( 1 ) الثمن : ما لا يبطل العقد بتلفه ويصح إبداله والتصرف فيه قبل القبض وهو المتصل بالباء في الغالب . المبيع : هو ما لا يبطل العقد بتلفه واستحقاقه ويفسخ معيبه ولا يبدل إذ يصير بيع ما ليس عنده .
شروط العاقد : أما العاقد فيشترط فيه العقل والتمييز فلا يصح عقد المجنون ولا السكران ولا الصبي غير المميز . فإذا كان المجنون يفيق أحيانا ويجن أحيانا كان ما عقده عند الافاقة صحيحا وما عقده حال الجنون غير صحيح . والصبي المميز عقده صحيح ، ويتوقف على إذن الولي ، فإن أجازه كان معتدا به شرعا .
يتبع ..........
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:47 am

شروط المعقود عليه : وأما المعقود عليه فيشترط في ستة شروط : 1 - طهارة العين . 2 - الانتفاع به . 3 - ملكية العاقد له . 4 - القدرة على تسليمه . 5 - العلم به . 6 - كون المبيع مقبوضا . وتفصيل ذلك فيما يأتي : 1 - الاول : أن يكون طاهر العين ، لحديث جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام . فقيل : يا رسول الله : أرأيت شحوم الميتة ، فإنه يطلى بها السفن ، ويدهن بها الجلود ، ويتصبح بها الناس . فقال : لا ، هو حرام . والضمير يعود إلى البيع ، بدليل أن البيع هو الذي نعاه الرسول على اليهودي في الحديث نفسه . وعلى هذا يجوز الانتفاع بشحم الميتة بغير البيع فيدهن بها الجلود ويستضاء بها وغير ذلك مما لا يكون أكلا أو يدخل في بدن الادمي . قال ابن القيم في أعلام الموقعين : ( في قوله صلى الله عليه وسلم ( حرام ) قولان : أحدهما : أن هذه الافعال حرام . والثاني : أن البيع حرام . وإن كان المشتري يشتريه لذلك . والقولان مبنيان على أن السؤال : هل وقع عن البيع لهذا الانتفاع المذكور ، أو عن الانتفاع المذكور ؟ والاول اختاره شيخنا . وهو الاظهر . لانه لم يخبرهم أولا عن تحريم هذا الانتفاع حتى يذكروا له حاجتهم إليه ، وإنما أخبرهم عن تحريم البيع فأخبروه أنهم يبيعونه لهذا الانتفاع فلم يرخص لهم في البيع ولم ينههم عن الانتفاع المذكور ، ولا تلازم بين عدم جواز البيع وحل المنفعة ) اه‍ . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : ( قاتل الله اليهود ، إن الله لما حرم شحومها جملوه ( 1 ) ثم باعوه وأكلوا ثمنه ) . والعلة في تحريم بيع الثلاثة الاولى ، هي النجاسة عند جمهور العلماء ، ( 2 ) فيتعدى ذلك إلى كل نجس . ( 1 ) جملوه ، أي : أذابوه . ( 2 ) يراجع التحقيق في نجاسة الخمر في الجزء الاول من فقه السنة . والظاهر أن تحريم بيعها لانها تسلب الانسان أعظم مواهب الله له وهو العقل فضلا عن أضرارها الاخرى التي أشرنا إليها في الجزء التاسع . وأما الخنزير فمع كونه نجسا إلا أن به ميكروبات ضارة لا تموت بالغلي وهو يحمل الدودة الشريطية التي تمتص الغذاء النافع من جسم الانسان . وأما تحريم بيع الميتة فلانها غالبا ما يكون موتها نتيجة أمراض فيكون تعاطيها مضرا بالصحة ، فضلا عن كونها مما تعافه النفوس . وما يموت فجأة من الحيوانات فإن الفساد يتسارع إليه لاحتباس الدم فيه . والدم أصلح بيئة لنمو الميكروبات التي قد لا تموت بالغلي . ولذلك حرم الدم المسفوح أكله وبيعه لنفس الاسباب . واستثنى الاحناف والظاهرية كل ما فيه منفعة تحل شرعا فجوزوا بيعه ، فقالوا : يجوز بيع الارواث والازبال النجسة التي تدعو الضرورة إلى استعمالها في البساتين ، وينتفع بها وقودا وسمادا . وكذلك يجوز بيع كل نجس ينتفع به في غير الاكل والشرب كالزيت النجس يستصبح به ويطلى به . والصبغ يتنجس فيباع ليصبغ به ونحو ذلك ، مادام الانتفاع به في غير الاكل . روى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر سئل عن زيت وقعت فيه فأرة فقال : ( استصبحوا به وادهنوا به وأدمكم ) . ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم على شاة ليمونهة فوجدها ميتة ملقاة فقال : هلا أخذتم إهابها فدبغتموه وانتفعتم به . فقالوا : يا رسول الله إنها ميتة . فقال : إنما حرم أكلها . ومعنى هذا أنه يجوز الانتفاع في غير الاكل . وما دام الانتفاع بها جائزا فإنه يجوز بيعها مادام القصد بالبيع المنفعة المباحة ( 1 ) .
2 - الثاني : أن يكون منتفعا به ، فلا يجوز بيع الحشرات ولا الحية والفأرة إلا إذا كان ينتفع بها . ويجوز بيع الهرة والنحل وبيع الفهد والاسد وما يصلح للصيد أو ينتفع بجلده ، ويجوز بيع الفيل للحمل ويجوز بيع الببغاء والطاووس والطيور المليحة الصورة ، وإن كانت لا تؤكل ، فإن التفرج بأصواتها والنظر إليها غرض مقصود مباح ، وإنما لا يجوز بيع الكلب لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وهذا في غير الكلب المعلم وما يجوز اقتناؤه ككلب الحراسة وككلب الزرع ، فقد قال أبو حنيفة بجواز بيعه ، وقال عطاء والنخعي : يجوز بيع كلب الصيد دون غيره لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلا كلب صيد . رواه النسائي عن جابر . قال الحافظ : ورجال إسناده ثقات . وهل تجب القيمة على متلفه ؟ قال الشوكاني : فمن قال بتحريم بيعه قال بعدم الوجوب . ومن قال بجوازه قال بالوجوب . ومن فصل في البيع فصل في لزوم القيمة . وروي عن مالك أنه لا يجوز بيعه وتجب القيمة . وروي عنه أن بيعه مكروه فقط . وقال أبو حنيفة : يجوز بيعه ويضمن متلفه .
بيع آلات الغناء : ويدخل في هذا الباب بيع آلات الغناء . فإن الغناء في مواضعه جائز والذي يقصد به فائذة مباحة حلال ، وسماعه مباح ، وبهذا يكون منفعة شرعية يجوز بيع آلته وشراؤها لانها متقومه . ومثال الغناء الحلال : 1 - تغني النساء لاطفالهن وتسليتهن . 2 - تغني أصحاب الاعمال وأرباب المهن أثناء العمل للتخفيف عن متاعبهم والتعاون بينهم . 3 - والتغني في الفرح إشهارا له . 4 - والتغني في الاعياد إظهارا للسرور . 5 - والتغني للتنشيط للجهاد . وهكذا في كل عمل طاعة حتى تنشط النفس وتنهض بحملها . والغناء ما هو إلا كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح ، فإذا عرض له ما يخرجه عن دائرة الحلال كأن يهيج الشهوة أو يدعو إلى فسق أو ينبه إلى الشر أو اتخذ ملهاة عن الطاعات ، كان غير حلال . فهو حلال في ذاته وإنما عرض ما يخرجه عن دائرة الحلال . وعلى هذا تحمل أحاديث النهي عنه .
والدليل على حله : 1 - ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة ، رضي الله عنها ، أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان وتضربان بالدف ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه فانتهرهما أبو بكر ، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه وقال : ( دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد ) . 2 - ما رواه الامام أحمد والترمذي بإسناد صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في بعض مغازيه فلما انصرف جاءته جارية سوداء فقالت : يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى . قال : ( إن كنت نذرت فاضربي ) . فجعلت تضرب . 3 - ما صح عن جماعة كثيرين من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يسمعون الغناء والضرب على المعازف . فمن الصحابة : عبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن جعفر وغيرهما . ومن التابعين : عمر بن عبد العزيز ، وشريح القاضي ، وعبد العزيز بن مسلمة ، مفتي المدينة وغيرهم . 3 - الثالث : أن يكون المتصرف فيه مملوكا للتعاقد ، أو مأذونا فيه من جهة المالك ، فإن وقع البيع أو الشراء قبل إذنه فإن هذا يعتبر من تصرفات الفضولي .
بيع الفضولي : والفضولي هو الذي يعقد لغيره دون إذنه ، كأن يبيع الزوج ما تملكه الزوجة دون إذنها ، أو يشتري لها ملكا دون إذنها له بالشراء . ومثل أن يبيع إنسان ملكا لغيره وهو غائب ، أو يشتري - دون إذن منه - كما يحدث عادة .
وعقد الفضولي يعتبر عقدا صحيحا ، إلا أن لزومه يتوقف على إجازة المالك أو وليه ( 1 ) ، فإن أجازه نفذ وإن لم يجزه بطل .
( هامش ) ( 1 ) هذا مذهب المالكية وإسحاق بن راهويه وإحدى الروايتين عند الشافعية والحنابلة
ودليل ذلك ما رواه البخاري عن عروة البازقي أنه قال : ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بدينار لاشتري له به شاة ، فاشتريت له به شاتين . بعت إحداهما بدينار وجئته بدينار وشاة ، فقال لي : ( بارك الله في صفقة يمينك ) . وروى أبو داود والترمذي ، عن حكيم بن حزام ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ليشتري له أضحية بدينار ، فاشتري أضحية فأربح فيها دينارا فباعها بدينارين ، ثم اشترى شاة أخرى مكانها بدينار ، وجاء بها وبالدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : ( بارك الله لك في صفقتك ) . ففي الحديث الاول أن عروة اشترى الشاة الثانية وباعها دون إذن مالكها ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رجع إليه وأخبره أقره ودعا له ، فدل ذلك على صحة شراء الشاة الثانية وبيعه إياها . وهذا دليل على صحة بيع الانسان ملك غيره وشرائه له دون إذن . وإنما يتوقف على الاذن مخافة أن يلحقه من هذا التصرف ضرر . وفي الحديث الثاني أن حكيما باع الشاة بعدما اشتراها وأصبحت مملوكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم اشترى له الشاة الثانية ولم يستأذنه ، وقد أقره الرسول صلى الله عليه وسلم على تصرفه وأمره أن يضحي بالشاة التي أتاه بها ودعا له ، فدل ذلك على أن بيعة الشاة الاولى وشراءه الثانية صحيح . ولو لم يكن صحيحا لا نكره عليه وأمره برد صفقته . 4 - الرابع : أن يكون المعقود عليه مقدورا على تسليمه شرعا وحسا ، فما لا يقدر على تسليمه حسا لا يصح بيعه كالسمك في الماء . وقد روى أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر ) . وقد روي عن عمران بن الحصين مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقد روي النهي عن ضربة الغائض . والمراد به أن يقول من يعتاد الغوص في البحر لغيره : ما أخرجته في هذه الغوصة فهو لك بكذا من الثمن . ومثله الجنين في بطن أمه . ويدخل في هذا بيع الطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعه إلى محله ، فإن اعتاد الطائر رجوعه إلى محله ، ولو كيلا ، لم يصح أيضا عند أكثر العلماء إلا النحل ( 1 ) ، لان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الانسان ما ليس عنده . ويصح عند الاحناف لانه مقدور على تسليمه إلا النحل . ويدخل في هذا الباب عسب الفحل ، وهو ماؤه ، والفحل الذكر من كل حيوان : فرسا ، أو جملا أو ت يسا ، وقد نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم . كما رواه البخاري وغيره ، لانه غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه . وقد ذهب الجمهور إلى تحريمه بيعا وإجازة ، ولا بأس بالكرامة ، وهي ما يعطى على عسب الفحل من غير اشتراط شئ عليه . وقيل : يجوز إجارة الفحل للضراب مدة معلومة وبه قال : الحسن وابن سيرين ، وهو مروي عن مالك ، ووجه للشافعية والحنابلة .
يتبع ....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:48 am

( هامش ) ( 1 ) يرى الائمة الثلاثة جواز بيع دود القز والنحل منفردة عن الخلية إذا كانت محبوسة في بيوتها ورآها المتبايعان ، خلافا لابي حنيفة .
وكذلك بيع اللبن في الضرع - أي قبل انفصاله - لما فيه من الغرر والجهالة . قال الشوكاني : إلا أن يبيع منه كيلا ، نحو أن يقول : بعت منك صاعا من حليب بقرتي . فإن الحديث يدل على جوازه لارتفاع الغرر والجهالة . ويستثنى أيضا لبن الظئر فيجوز بيعه لموضع الحاجة . وكذا لا يجوز بيع الصوف على ظهر الحيوان ، فإنه يتعذر تسليمه لاختلاط غير المبيع بالمبيع . فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع تمر حتى يطعم ، أو صوف على ظهر ( 1 ) أو لبن في ضرع ، أو سمن في اللبن . رواه الدار قطني : والمعجوز عن تسليمه شرعا كالمرهون والموقوف ، فلا ينعقد بيعهما . ويلحق بهذا التفريق بالبيع بين البهيمة وولدها لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن تعذيب الحيوان . ويرى بعض العلماء جواز ذلك قياسا على الذبح
( 1 ) أما بيع الصوف على الظهر بشرط الجز ، فقد أجازه الحنابلة في رواية عندهم لانه معلوم ويمكن تسليمه
وهو الاولى . وأما بيع الدين : فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز بيع الدين ممن عليه الدين - أي المدين . وأما بيعه إلى غير المدين ، فقد ذهب الاحناف والحنابلة والظاهرية إلى عدم صحته لان البائع لا يقدر على التسليم . ولو شرط التسليم على المدين فإنه لا يصح أيضا لانه شرط التسليم على غير البائع ، فيكون شرطا فاسدا يفسد به البيع . 5 - الخامس : أن يكون كل من المبيع والثمن معلوما . فإذا كانا مجهولين أو كان أحدهما مجهولا فإن البيع لا يصح لما فيه من غرر ، والعلم بالمبيع يكتفى فيه بالمشاهدة في المعين ولو لم يعلم قدره كما في بيع الجزاف . أما ما كان في الذمة فلا بد من معرفة قدره وصفته بالنسبة للمتعاقدين . والثمن يجب أن يكون معلوم الصفة والقدر والاجل . أما بيع ما غاب عن مجلس العقد ، وبيع ما في رؤيته مشقة أو ضرر ، وبيع الجزاف ، فلكل واحد من هذه البيوع أحكام نذكرها فيما يلي : بيع ما غاب عن مجلس العقد بشرط أن يوصف وصفا يؤدي إلى العلم به ، ثم إن ظهر موافقا للوصف لزم البيع وإن ظهر مخالفا ثبت لمن لم يره من المتعاقدين الخيار في إمضاء العقد أو رده ، يستوي في ذلك البائع والمشتري . روى البخاري وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : بعت من أمير المؤمنين عثمان مالا بالوادي بمال له بخيبر . وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من اشترى شيئا لم يره فله الخيار إذا رآه ) . أخرجه الدار قطني والبيهقي بيع ما في رؤيته مشقة أو ضرر : وكذا يجوز بيع المغيبات إذا وصفت أو علمت أوصافها بالعادة والعرف . وذلك كالاطعمة المحفوظة والادوية المعبأة في القوارير وأنابيب الاكسوجين وصفائح البنزين والغاز ونحو ذلك مما لا يفتتح إلا عند الاستعمال لما يترتب على فتحه من ضرر أو مشقة . ويدخل في هذا الباب ما غيبت ثمارة في باطن الارض مثل الجزر واللفت والبطاطس والقلقاس والبصل ، وما كان من هذا القبيل . فإن هذه لا يمكن بيعها بإخراج المبيع دفعة واحدة لما في ذلك من المشقة على أربابها ، ولا يمكن بيعها شيئا فشيئا لما في ذلك من الحرج والعسر ، وربما أدى ذلك إلى فساد الاموال أو تعطيها . وإنما تباع عادة بواسطة التعاقد على الحقول الواسعة التي لا يمكن بيع ما فيها من الزروع المغيبة إلا على حالها . وإذا ظهر أن المبيع يختلف عن أمثاله اختلافا فاحشا يوقع الضرر بأحد المتعاقدين ثبت الخيار ، فإن شاء أمضاه وإن شاء فسخه ، كما في صورة ما إذا اشترى بيضا فوجده فاسدا فله الخيار في إمساكه أو رده دفعا للضرر عنه ( 1 ) .
( هامش ) ( 1 ) مذهب الجمهور بطلان البيع في هذه الصورة لما فيها من الغرر والجهالة المنهي عنها والاحناف جوزوا البيع وأثبتوا الخيار عند الرؤية
بيع الجزاف : الجزاف : هو الذي لا يعلم قدره على التفصيل . وهذا النوع من البيع كان متعارفا عليه بين الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كان المتبايعان يعقدان العقد على سلعة مشاهدة لا يعلم مقدارها إلا بالحرز والتخمين من الخبراء وأهل المعرفة الذين يعهد فيهم صحة التقدير ، فقلما يخطئون فيه ، ولو قدر أن ثمة غررا فإنه يكون يسيرا يتسامح فيه عادة لقلته . قال ابن عمر رضي الله عنه : كانوا يتبايعون الطعام جزافا بأعلى السوق ، فنهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه . فالرسول أقرهم على بيع الجزاف ، ونهى عن البيع قبل النقل فقط . قال ابن قدامة : يجوز بيع الصيرة جزافا ، لا نعلم فيه خلافا ، إذا جهل البائع والمشتري قدرها . 6 - السادس : أن يكون المبيع مقبوضا إن كان قد استفاده بمعاوضة وفي هذا تفصيل نذكره فيما يلي : يجوز بيع الميراث والوصية والوديعة وما لم يكن الملك حاصلا فيه بمعاوضة قبل القبض وبعده . وكذلك يجوز لمن اشترى شيئا أن يبيعه أو يهبه أو يتصرف فيه التصرفات المشروعة بعد قبضه . أما إذا لم يكن قبضه فإنه يصح له التصرف فيه بكل نوع من أنواع التصرفات المشروعة ، ما عدا التصرف بالبيع . أما صحة التصرف فيما عدا البيع فلان المشتري ملك المبيع بمجرد العقد ، ومن حقه أن يتصرف في ملكه كما يشاء . قال ابن عمر : مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حبا مجموعا فهو من مال المشتري . رواه البخاري . أما التصرف بالبيع قبل القبض فإنه لا يجوز ، إذ يحتمل أن يكون هلك عند البائع الاول فيكون بيع غرر ، وبيع الغرر غير صحيح سواء أكان عقارا ( 1 ) أم منقولا وسواء أكان مقدرا أم جزافا . لما رواه أحمد والبيهقي وابن حبان بإسناد حسن أن حكيم بن حزام قال : يا رسول الله إني أشتري بيوعا فما يحل لي منها وما يحرم ؟ قال : ( إذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه ) . وروى البخاري ومسلم : أن الناس كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبيعوه في مكانه حتى يؤدوه إلى رحالهم .
( هامش ) ( 1 ) مثل الارض والمنازل والحدائق والشجر .
ويستثنى من هذه القاعدة جواز بيع أحد النقدين بالاخر قبل القبض . فقد سأل ابن عمر الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، عن بيع الابل بالدنانير وأخذ الدراهم بدلا منها فأذن له . معنى القبض : والقبض في العقار يكون بالتخلية بينه وبين من انتقل ملكه إليه على وجه يتمكن معه من الانتفاع به فيما يقصد منه ، كزرع الارض وسكنى المنزل والاستظلال بالشجر أو جني ثماره ونحو ذلك . والقبض فيما يمكن نقله كالطعام والثياب والحيوان ونحو ذلك يكون على النحو الاتي : أولا : باستيفاء القدر كيلا أو وزنا إن كان مقدرا . ثانيا : بنقله من مكانه إلى كان جزافا . ثالثا : يرجع إلى العرف فيما عدا ذلك . والدليل على أن القبض في المنقول يكون باستيفاء القدر ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن عفان رضي الله عنه : ( إذا سميت الكيل فكل ) . فهذا دليل على وجوب الاكتيال عند اشتراط التقدير بالكيل . ومثله الوزن لاشتراكهما في أن كلا منهما معيار لتقدير الاشياء ، فوجب أن يكون كل شئ يملك مقدرا يجري القبض فيه باستيفاء قدره سواء أكان طعاما أم كان غير طعام . ودليل وجوب النقل من مكانه من رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ( كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه ) . وليس هذا خاصا بالطعام بل يشمل الطعام وغيره كالقطن والكتان وأمثالهما إذا بيعت جزافا ، لانه لا فرق بينهما . أما ما عدا هذا مما لم يرد فيه نص فيرجع فيه إلى عرف الناس وما جرى عليه التعامل بينهم ، وبهذا نكون قد أخذنا بالنص ورجعنا إلى العرف فيما لا نص فيه .
حكمته : وحكمة النهي عن بيع السلع قبل قبضها زيادة على ما تقدم : أن البائع إذا باعها ولم يقبضها المشتري فإنها تبقى في ضمانه ، فإذا هلكت كانت خسارتها عليه دون المشتري . فإذا باعها المشتري في هذه الحال وربح فيها كان رابحا لشئ لم يتحمل فيه تبعة الخسارة ، وفي هذا يروي أصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ربح ما لم يضمن . وأن المشتري الذي باع ما اشتراه قبل قبضه يماثل من دفع مبلغا من المال إلى آخر ليأخذ في نظيره مبلغا أكثر منه ، إلا أن هذا أراد أن يحتال على تحقيق قصده بإدخال السلعة بين العقدين ، فيكون ذلك أشبه بالربا . وقد فطن إلى هذا ابن عباس ، رضي الله عنهما ، وقد سئل عن سبب النهي عن بيع ما لم يقبض ، فقال : ( ذاك دراهم بدراهم والطعام مرجأ ) .
الاشهاد على عقد البيع أمر الله بالاشهاد على عقد البيع فقال : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد ) ( 1 ) . والامر بالاشهاد للندب والارشاد إلى ما فيه المصلحة والخير . وليس للوجوب كما ذهب إليه البعض ( 2 ) . قال الجصاص في كتاب أحكام القرآن : ( ولا خلاف بين فقهاء الامصار أن الامر بالكتابة
( هامش ) ( 1 ) سورة البقرة آية رقم 282 . ( 2 ) ممن ذهب إلى أن الاشهاد واجب في كل شئ ولو كان شيئا تافها : عطاء ، والنخعي ، ورجحه أبو جعفر الطبري .
والاشهاد والرهن المذكور جميعه في هذه الاية ، ندب وإرشاد إلى ما لنا فيه الحظ والصلاح والاحتياط للدين والدنيا ، وأن شيئا منه غير واجب ) . وقد نقلت الامة خلفا عن سلف عقود المداينات والاشرية والبياعات في أمصارهم من غير إشهاد ، مع علم فقهائهم بذلك من غير نكير منهم عليهم ، ولو كان الاشهاد واجبا لما تركوا النكير على تاركه مع علمهم به . وف ذلك دليل على أنهم رأوه ندبا ، وذلك منقول من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا . ولو كانت الصحابة والتابعون تشهد على بياعاتها وأشريتها لورد النقل به متواتر مستفيضا ، ولانكرت على فاعله ترك الاشهاد . فلما لم ينقل عنهم الاشهاد بالنقل المستفيض ولا إظهار النكير على تاركه من العامة ، ثبت بذلك أن الكتاب والاشهاد في الديوان والبياعات غير واجبين . اه‍ . البيع على البيع يحرم البيع على البيع لما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا بيع أحدكم على بيع أخيه ) . رواه أحمد والنسائي . وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يبيع الرجل على بيع أخيه ) . وعند أحمد والنسائي وأبي داود والترمذي وحسنه : أن من باع من رجلين فهو للاول منهما ) . وصورته كما قال النووي : - أن يبيع أحد الناس سلعة من السلع بشرط الخيار للمشتري ، فيجئ آخر يعرض على هذا أن يفسخ العقد ليبيعه مثل ما اشتراه بثمن أقل . وصورة الشراء على شراء الاخر أن يكون الخيار للبائع ، فيعرض عليه بعض الناس فسخ العقد على أن يشتري منه ما باعه بثمن أعلى . وهذا الصنيع في حالة البيع أو الشراء ، صنيع آثم ، منهي عنه . ولكن لو أقدم عليه بعض الناس وباع أو اشترى ينعقد البيع والشراء عند الشافعية وأبي حنيفة وآخرين من الفقهاء . ولا ينعقد عند داود بن علي ، شيخ أهل الظاهر ، وروي عن مالك في ذلك روايتان ) اه‍ . وهذا بخلاف المزايدة في البيع فإنها جائزة ، لان العقد لم يستقر بعد ، وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم عرض بعض السلع ، وكان يقول : من يزيد . من باع من رجلين فهو للاول منهما من باع شيئا من رجل ثم باعه من آخر لم يكن للبيع الاخر حكم بل هو باطل لانه باع غير ما يملك إذ قد صار في ملك المشتري الاول ، ولا فرق بين أن يكون البيع الثاني وقع في مدة الخيار أو بعد انقضائها لان المبيع قد خرج من ملكه بمجرد البيع . فعن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيما امرأة زوجها وليان فهي للاول منهما . وأيما رجل باع بيعا من رجلين فهو للاول منهما . زيادة الثمن نظير زيادة الاجل يجوز البيع بثمن حال كما يجوز بثمن مؤجل ، وكما يجوز أن يكون بعضه معجلا وبعضه مؤخرا ، متى كان ثمة تراض بين المتبايعين . وإذا كان الثمن مؤجلا وزاد البائع فيه من أجل التأجيل جاز ، لان للاجل حصة من الثمن . وإلى هذا ذهب الاحناف والشافعية وزيد بن علي والمؤيد بالله وجمهور الفقهاء ، لعموم الادلة القاضية بجوازه . ورجحه الشوكاني . جواز السمسرة قال الامام البخاري : لم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسا ( 1 ) .
وقال ابن عباس : لا بأس بأن يقول : بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك . وقال ابن سيرين : إذا قال بعه بكذا فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك فلا بأس به . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم ) . رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة . وذكره البخاري تعليقا .
( هامش ) ( 1 ) السمسار : هو الذي يتوسط بين البائع والمشتري لتسهيل عملية البيع .
بيع المكره اشترط جمهور الفقهاء أن يكون العاقد مختارا في بيع متاعه ، فإذا أكره على بيع ماله بغير حق فإن البيع لا ينعقد لقول الله سبحانه : ( إلا أن تكون تجارة ( 2 ) عن تراض منكم ) .
( 2 ) سورة النساء آية رقم 29 . والتجارة كل عقد يقصد به الربح مثل عقد البيع وعقد الاجارة وعقد الهبة بشرط العوض ، لان المبتغى في جميع ذلك في عادات الناس تحصيل الاعواض لا غير ، وعلى هذا فالتجارة أعم من البيع . ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنما البيع عن تراض ) . وقوله : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه . رواه ابن ماجه ابن حبان والدار قطني والطبراني والبيهقي والحاكم . وقد اختلف في حسنه وضعفه . أما إذا أكره على بيع ماله بحق فإن البيع يقع صحيحا . كما إذا أجبر على بيع الدار لتوسعة الطريق أو المسجد أو المقبرة . أو أجبر على بيع سلعة ليفي ما عليه من دين ( 1 ) أو لنفقة الزوجة أو الابوين . ففي هذه الحالات وأمثالها يصح البيع إقامة لرضا الشرع مقام رضاه . قال عبد الرحمن بن كعب : كان معاذ بن جبل شابا سخيا . وكان لا يمسك شيئا ، فلم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه ليكلم غرماءه ، فلو تركوا لاحد لتركوا لمعاذ لاجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله ، حتى قام معاذ بغير شئ .
( هامش ) ( 1 ) من غير تفرقة بين دين ودين ولا بين مال ومال .
بيع المضطر قد يضطر الانسان لبيع ما في يده لدين عليه ، أو لضرورة من الضرورات المعاشية ، فيبيع ما يملكه بأقل من قيمته من أجل الضرورة ، فيكون البيع على هذا النحو جائزا مع الكراهة ولا يفسخ . والذي يشرع في مثل هذه الحال أن يعان المضطر ويقرض حتى يتحرر من الضيق الذي ألم به . وقد روي في ذلك حديث رجل مجهول . فعند أبي داود عن شيخ من بني تميم قال : خطبنا علي بن أبي طالب فقال : ( سيأتي على الناس زمان عضوض ، يعض الموسر على ما في يديه ولم يؤمر بذلك . قال الله تعالى : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) ( 1 ) ، ويبايع المضطرون ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر ، وبيع الغرر ، وبيع الثمرة قبل أن تدرك )
بيع التلجئة إذا خاف إنسان اعتداء ظالم على ماله فتظاهر ببيعه فرارا من هذا الظالم وعقد عقد البيع مستوفيا شروطه وأركانه فإن هذا العقد لا يصح ، لان العاقدين لم يقصدوا البيع فهما كالهازلين . وقيل : هو عقد صحيح ، لانه استوفى أركانه وشروطه . قال ابن قدامة : بيع التلجئة باطل . وقال أبو حنيفة والشافعي : هو صحيح لان البيع تم بأركانه وشروطه خاليا من مفسد فصح به ، كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقد البيع بلا شرط ، ولنا أنهما ما قصدا البيع فلم يصح كالهازلين ) اه‍ .
البيع مع استثناء شئ معلوم يجوز أن يبيع المرء سلعة ويستثني منها شيئا معلوما ، كأن يبيع الشجر ويستثني منها واحدة ، أو يبيع أكثر من منزل ويستثني منزلا ، أؤ قطعة من الارض ويستثني منها جزءا معلوما . فعن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة والثنيا ( 1 ) إلا أن تعلم .
( هامش ) ( 1 ) الثنيا : الاستثناء في البيع .
فإن استثنى شيئا مجهولا غير معلوم لم يصح البيع ، لما يتضمنه من الجهالة والغرر . ايفاء الكيل والميزان يأمر الله ، سبحانه ، بإيفاء الكيل والميزان فيقول : ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ) ( 1 ) . ويقول : ( وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ، ذلك خير وأحسن تأويلا ) ( 2 ) . وينهى عن التلاعب بالكيل والوزن وتطفيفهما فيقول : ( ويل للمطففين ، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ، ليوم عظيم ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ) ( 3 ) .
ويندب ترجيح الميزان : عن سويد بن قيس قال : جلبت أنا ومخرفة العبدي بزا من هجر فأتينا به مكة ، فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي فساومنا سراويل فبعناه ، وثم رجل يزن بالاجر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( زن وأرجح ) . أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه . وقال الترمذي حسن صحيح . السماحة في البيع والشراء : روى البخاري والترمذي عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( رحم الله رجلا سمحا ( 1 ) إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى ) ( 2 ) .
( هامش ) ( 1 ) سمحا : سهلا . ( 2 ) اقتضى : طلب حقه . ( . )
يتبع.
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:49 am

بيع الغرر بيع الغرر ( 3 ) هو كل بيع احتوى جهالة أو تضمن مخاطرة أو قمارا ، وقد نهى عنه الشارع ومنع منه ، قال النووي : النهي عن بيع الغرر أصل من أصول الشرع يدخل تحته مسائل كثيرة جدا .
( هامش ) ( 3 ) الغرر : أي الغرور وهو الخداع الذي هو مظنة عدم الرضا به عند تحققه ، فيكون من باب أكل أموال الناس بالباطل .
ويستثنى من بيع الغرر أمران : أحدهما : ما يدخل في المبيع تبعا ، بحيث لو أفرد لم يصح بيعه ، كبيع أساس البناء تبعا للبناء واللبن في الضرع تبعا للدابة . والثاني : ما يتسامح بمثله عادة ، إما لحقارته أو للمشقة في تمييزه أو تعيينه ، كدخول الحمام بالاجر مع اختلاف الناس في الزمان ، ومقدار الماء المستعمل ، وكالشرب من الماء المحرز ، وكالجبة المحشوة قطنا . وقد أفاض الشارع في المواضع التي يكون فيها . وإليك بعضها حسب ما كانوا يتعاملون به في الجاهلية . 1 - النهي عن بيع الحصاة : فقد كان أهل الجاهلية يعقدون على الارض التي لا تتعين مساحتها ثم يقذفون الحصاة حتى إذا استقرت كان ما وصلت إليه هو منتهى مساحة البيع . أو يبتاعون الشئ لا يعلم عينه ، ثم يقذفون بالحصاة فما وقعت عليه كان هو المبيع . ويسمى هذا بيع الحصاة . 2 - النهي عن ضربة الغواص : فقد كانوا يبتاعون من الغواص ما قد يعثر عليه من لقطات البحر حين غوصه ، ويلزمون المتبايعين بالعقد فيدفع المشتري الثمن ولو لم يحصل على شئ ، ويدفع البائع ما عثر عليه ولو أبلغ أضعاف ما أخذ من الثمن . ويسمى هذا ضربة الغواص . 3 - بيع النتاج : وهو العقد على نتاج الماشية قبل أن تنتج ، ومنه بيع ما في ضروعها من لبن . 4 - بيع الملامسة : وهو أن يلمس كل منهما ثوب صاحبه أو سلعته فيجب البيع بذلك دون علم بحاله أو تراض عنها . 5 - بيع المنابذة : وهو أن ينبذ كل من المتعاقدين ما معه ، ويجعلان ذلك موجبا للبيع دون تراض منهما . 6 - ومنه بيع المحاقلة : والمحاقلة بيع الزرع بكيل من الطعام معلوم . 7 - ومنه بيع المزابنة : والمزابنة بيع ثمر النخل بأوساق من التمر . 8 - ومنع بيع المخاضرة : والمخاضرة بيع الثمرة الخضراء قبل بدو صلاحها . / صفحة 82 / 9 - ومنه بيع الصوف في الظهر 10 - ومنه بيع السمن في اللبن . 11 - ومنع بيع حبل الحبلة : ففي الصحيحين : كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حبل الحبلة ، وحبل الحبلة : أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل التي نتجت ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . فهذه البيوع وأمثالها نهى عنها الشارع لما فيها من غرور وجهالة بالمعقود عليه . حرمة شراء المغصوب والمسروق يحرم على المسلم أن يشتري شيئا وهو يعلم أنه أخذ من صاحبه بغير حق ، لان أخذه بغير حق ينقل الملكية من يد مالكه ، فيكون شراؤه له شراء ممن لا يملك ، مع ما فيه من التعاون على الاثم والعدوان . روى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من اشتري سرقة وهو يعلم أنها سرقة فقد اشترك في إثمها وعارها ) .
بيع العنب لمن يتخذه خمرا وبيع السلاح في الفتنة لا يجوز بيع العنب لمن يتخذه خمرا ، ولا السلاح في الفتنة ولا لاهل الحرب ، ولا ما يقصد به الحرام . وإذا وقع العقد فإنه يقع باطلا ( 1 ) : لان المقصود من العقد هو انتفاع كل واحد من المتبايعين بالبدل ، فينتفع البائع بالثمن وينتفع المشتري بالسلعة . وهنا لا يحصل المقصود من الانتفاع لما يترتب عليه من ارتكاب المحظور ، ولما فيه من التعاون على الاثم والعدوان المنهي عنهما شرعا ، قال الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ) ( 2 ) . عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حبس العنب أبام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمرا ، فقد تقحم النار على بصيرة ) . وعن عمر بن الحصين قال :
( هامش ) ( 1 ) يرى أبو حنيفة والشافعي صحة العقد لتحقق ركنه وتوفر شروطه ، لان الغرض غير المباح أمر مستتر ويترك فيه الامر لله يعاقب عليه . ( 2 ) سورة المائدة آية رقم 2
( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة ) أخرجه البيهقي . قال ابن قدامة : ( إن بيع العصير لمن يعتقد أن يتخذه خمرا محرم ، إذا ثبت هذا فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم قصد المشتري بذلك ، إما بقوله وإما بقرائن مختصة به . فإن كان محتملا مثل أن يشتريها من لا يعلم حاله ، أو من يعمل الخمر والخل معا ، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر فالبيع جائز . وهذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام ، كبيع السلاح لاهل الحرب ، أو لقطاع الطريق أو في الفتنة . . . أو إجارة داره لبيع الخمر فيها وأشباه ذلك . فهذا حرام ، والعقد باطل . اه‍ . بيع ما اختلط بمحرم إذا اشتملت الصفقة على مباح ومحرم . فقيل : يصح العقد في المباح ، ويبطل في المحظور . وهو أظهر القولين للشافعي ، ومذهب مالك . وقيل : يبطل العقد فيهما
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:49 am

النهي عن كثرة الحلف

1 - نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كثرة الحلف فقال : ( الحلف منفقة للسلعة ( 1 ) ، ممحقة للبركة ) . رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة . لما يترتب على ذلك من قلة التعظيم لله ، وقد يكون سببا من أسباب التغرير . 2 - وعند مسلم : ( إياكم وكثرة الحلف في البيع ، فإنه ينفق ( 2 ) ثم يمحق ) . 3 - وقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن التجارهم الفجار ، فقيل : يا رسول الله ، أليس قد أحل الله البيع ؟ قال : نعم ، ولكنهم يحلفون فيأثمون ، ويحدثون فيكذبون ) . رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح . 4 - عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( هامش ) ( 1 ) السلعة : المبيع . ينفق : يروج وزنا ومعنى .
( من حلف على مال امرئ مسلم بغير حقه لقي الله وهو عليه غضبان ) . قال : ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عزوجل : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لاخلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) ( 1 ) . متفق عليه . 5 - روى البخاري أن اعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما الكبائر ؟ قال : الاشراك بالله . قال : ثم ماذا ؟ قال : اليمين الغموس ، قال : وما اليمين الغموس ؟ قال : الذ يقتطع مال امرئ مسلم ، يعني بيمين هو فيها كاذب . وسميت غموسا لانها تغمس صاحبها في نار جهنم ، ولا كفارة لها عند بعض الفقهاء ، لانها لشدة فحشها وكبر إثمها لا يمكن تداركها بالكفارة . 6 - وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة . فقال له رجل : وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله ؟ قال : وإن كان قضيبا من أراك ) . رواه مسلم . البيع والشراء في المسجد أجاز أبو حنيفة البيع في المسجد ، وكره إحضار السلع وقت البيع في المسجد تنزيها له . وأجاز مالك والشافعي مع الكراهة . ومنع صحة جوازه أحمد وحرمه . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك ) .
البيع عند أذان الجمعة البيع عند ضيق وقت المكتوبة وعند أذان الجمعة حرام ، ولا يصح عند أحمد ( 1 ) لقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم
( هامش ) ( 1 ) وجوزه غيره مع الكراهة .
إن كنتم تعلمون ) ( 1 ) . والنهي يقتضي الفساد بالنسبة للجمعة ، ويقاس عليها غيرها من سائر الصلوات
جواز التولية والمرابحة والوضيعة : تجوز التولية والمرابحة والوضيعة . ويشترط أن يعرف كل من البائع والمشتري الثمن الذي اشتريت به السلعة . والتولية ، هي البيع برأس المال دون زيادة أو نقص . والمرابحة ، هي البيع بالثمن الذي اشتريت به السلعة مع ربح معلوم . والوضيعة ، هي البيع بأقل من الثمن الاول .
بيع المصحف وشراؤه : اتفق الفقهاء على جواز شراء المصحف واختلفوا في بيعه . فأباحه الائمة الثلاثة ، وحرمته الحنابلة ، وقال أحمد : لا أعلم في بيع المصاحف رخصة . بيع بيوت مكة وإجارتها : أجاز كثير من الفقهاء ، منهم الاوزاعي والثوري ومالك والشافعي . وقول لابي حنيفة .
بيع الماء : مياه البحار والانهار وما يشابهها مباحة للناس جميعا لا يختص بها أحد دون أحد ، ولا يجوز بيعها ما دامت في مقارها . وفي الحديث : يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( الناس شركاء في الماء والكلا والنار ) فإذا أحرزها إنسان أو حفر بئرا في ملكه أو وضع آلة يستخرج بها الماء أصبحت ملكا له ويجوز له حينئذ بيع الماء ، ويكون في هذه الحال مثل الحطب المباح أخذه ، الذي يحل بيعه بعد إحرازه . وفي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لئن يحتطب أحدكم حزمة من حطب فيبيعها خير له من أن يسأل الناس ، أعطوه أو منعوه ) . وثبت أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قدم المدينة وفيها بئر تسمى بئر رومة ، يملكها يهودي ويبيع الماء منها للناس ، فأقره على بيعه وأقر المسلمين على شرائهم منه ، واستمر الامر على هذا حتى اشتراها عثمان رضي الله عنه وحبسها على المسلمين . وبيع الماء يجري حسب ما يجري عليه العرف ، إلا إذا كان هناك مثل العداد فإنه يحتسب به القدر المبيع .
بيع الوفاء : بيع الوفاء هو أن يبيع المحتاج إلى النقد عقارا على أنه متى وفى الثمن استرد العقار . . . وحكمه حكم الرهن في أرجح الاقوال عندنا .
بيع الاستصناع : والاستصناع هو شراء ما يصنع وفقا للطلب ، وهو معروف قبل الاسلام . وقد أجمعت الامة على مشروعيته . وركنه الايجاب والقبول . وهو جائز في كل ما جرى التعامل باستصناعه . وحكمه : إفادة الملك في الثمن والمبيع .
وشروط صحته : بيان جنس المستصنع ونوعه وصفته وقدره بيانا تنتفي معه الجهالة ويرتفع النزاع . والمشتري عند رؤية المبيع مخير بين أن يأخذه بكل الثمن وبين أن يفسخ العقد بخيار الرؤية ، سواء وجده على الحالة التي وصفها أم لا ، عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما . وقال أبو يوسف : إن وجده على ما وصف فلا خيار له دفعا للضرر عن الصانع ، إذ قد لا يشتري غيره المصنوع بما يشتريه به هو .
بيع الثمار والزروع بيع الثمار قبل بدو الصلاح وبيع الزرع قبل اشتداد الحب لا يصح ، مخافة التلف وحدوث العاهة قبل أخذها . 1 - روى البخاري ومسلم عن ابن عمر : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ( نهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها : نهى البائع والمبتاع ) . 2 - وروى مسلم عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن بيع النخل حتى يزهو ، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة . نهى البائع والمشتري ) . 3 - وروى البخاري عن أنس : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( أرأيت إن منع الله الثمرة ، بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ ) . فإن بيعت الثمار قبل بدو الصلاح ، والزروع قبل اشتداد الحب بشرط القطع في الحال ، صح إن كان يمكن الانتفاع بها ولم تكن مشاعة ، لانه لا خوف في هذه الحال من التلف ولا خوف من حدوث العاهة . فإن بيعت بشرط القطع ثم تركها المشتري حتى بدا صلاحها ، قيل إن البيع يبطل ، وقيل لا يبطل ويشتركان في الزيادة . بيعها لمالك الاصل أو لمالك الارض : هذا هو الحكم بالنسبة لغير مالك الاصل ولغير مالك الارض ، فإن بيعت الثمار قبل بدو صلاحها لمالك الاصل صح البيع ، كما لو بيعت الثمرة قبل بدو الصلاح مع الاصل . وكذلك يصح بيع الزروع قبل بدو الصلاح لمالك الارض ، لحصول التسليم بالنسبة للمشتري على وجه الكمال . بم يعرف الصلاح ؟ : ويعرف صلاح البلح بالاحمرار والاصفرار . أخرج البخاري ومسلم عن أنس أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : ( نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو ) . قيل لانس : وما زهوها ؟ قال : تحمار وتصفار . ويعرف صلاح العنب بظهور الماء الحلو واللين والاصفرار ( 1 ) .
( هامش ) ( 1 ) وما ورد من النهي عن بيع العنب حتى يسود فإنه بالنسبة للعنب الاسود .
ويعرف صلاح سائر الفواكه بطيب الاكل وظهور النضج . روى البخاري ومسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن بيع الثمرة حتى تطيب ) . ويعرف صلاح الحبوب والزروع بالاشتداد ( 1 ) .
( هامش ) ( 1 ) وعند الاحناف أن بدو الصلاح يكون بأن تؤمن العاهة والفساد ، أي أن المعتبر ظهور الثمرة .
بيع الثمار التي تظهر بالتدريج : إذا بدأ صلاح بعض الثمر أو الزرع جاز بيعه جميعا صفقة واحدة ، ما بدا صلاحه وما لم يبد منه ، متى كان العقد واردا على بطن واحدة . وكذلك يجوز البيع إذا كان العقد على أكثر من بطن وأريد بيعه بعد ظهور الصلاح في البطن الاول . ويتصور هذا في حالة ما إذا كان الشجر مما ينتج بطونا متعددة كالموز من الفواكه ، والقثاء من الخضروات ، والورد من الازهار ، ونحو ذلك مما تتلاحق بطونها ، وإلى هذا ذهب فقهاء المالكية وبعض فقهاء الحنفية والحنابلة ، واستدلوا على هذا بما يأتي : 1 - أنه ثبت عن الشارع جواز بيع الثمر إذا بدا صلاح بعضه فيكون ما لم يبد صلاحه تابعا لما بدا منه ، فكذلك ما هنا : يقع العقد فيه على الموجود ويكون المعدوم تبعا له ( 1 ) . 2 - أن عدم جواز هذا البيع يؤدي إلى محظورين : ( أ ) وقوع التنازع . ( ب ) وتعطيل الاموال . أما وقوع التنازع ، فإن العقد كثيرا ما يقع على المزاع الواسعة ، ولا يتمكن المشتري من قبض البطن الاول من ثمارها إلا في وقت قد يطول ويتسع لظهور شئ من البطن الثاني ، ولا يمكن تميزه من البطن الاول ، فيقع النزاع بين المتعاقدين ويأكل أحدهما مال الاخر . أما المحظور الثاني ، فإن البائع قلما يتيسر له في كل وقت من يشتري منه ما يظهر من ثمره أولا فأول ، فيؤدي ذلك إلى ضياع ماله . وإذا كان ذلك كذلك فإنه يجوز البيع في هذه الصورة ، والقول بعدم الجواز يوقع في الحرج والمشقة ، وهما مرفوعان بقوله تعالى ( 2 ) :
( هامش ) ( 1 ) هذا إذا اشترى جميع الثمار ، أما إذا اشترى بعضها فلكل شجرة حكم بنفسها .
( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) ( 1 ) . وقد رجح ابن عابدين هذا القول ، وأخذت به مجلة الاحكام الشرعية .
( هامش ) ( 1 ) يرى جمهور الفقهاء عدم جواز العقد في هذه الصورة وقالوا : يجب أن يباع كل بطن على حدة .
بيع الحنطة في سنبلها : يجوز بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره والارز والسمسم والجوز واللوز ، لانه حب منتفع به ، فيجوز بيعه في سنبله كالشعير ، والنبي ، صلى الله عليه وسلم ، نهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة ، ولان الضرورة تدعو إليه فيغتفر ما فيه من غ رر ، وهذا مذهب الاحناف والمالكية . وضع الجوائح الجوائح جمع جائحة ، وهي الافة التي تصيب الزروع أو الثمار فتهلكها دون أن يكون لادمي صنع فيها ، مثل القحط والبرد والعطش . وللجوائح حكم يختص بها . فإذا بيعت الثمرة بعد ظهور صلاحها وسلمها البائع للمشتري بالتخلية ثم تلفت بالجائحة قبل أوان الجذاذ ، فهي من ضمان البائع وليس على المشتري أن يدفع ثمنها ، لان الرسول صلى الله عليه وسلم ( أمر بوضع الجوائح ) . رواه مسلم عن جابر . وفي لفظ قال : ( إن بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ من ثمنه شيئا ، بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ ) . وهذا الحكم في حالة ما إذا لم يبعها البائع مع أصلها أو لم يبعها لمالك أصلها أو يؤخر المشتري أخذها عن عادته ، ففي هذه الحالات تكون من ضمان المشتري . فإن لم يكن التلف بسبب الجائحة بل كان من عمل الادمي ، فللمشتري الخيار بين الفسخ والرجوع بالثمن على البائع وبين الامساك ومطالبة المتلف بالقيمة . وقد ذهب إلى هذا أحمد بن حنبل وأبو عبيد وجماعة من أصحاب الحديث . ورجحه ابن القيم قال في تهذيب سنن أبي داود : وذهب جمهور العلماء إلى أن الامر بوضع الجوائح أمر ندب واستحباب ، عن طريق المعروف والاحسان ، لا على سبيل الوجوب والالزام . وقال مالك بوضع الثلث فصاعدا ، ولا يوضع فيما هو أقل من الثلث . قال أصحابه : ومعنى هذا الكلام أن الجائحة إذا كانت دون الثلث كان من مال المشتري ، وما كان أكثر من الثلث فهو من مال البائع . واستدل من تأول الحديث على معنى الندب والاستحباب دون الايجاب : بأنه أمر حدث بعد استقرار ملك المشتري عليها ، فلو أراد أن يبيعها أو يهبها لصح ذلك منه فيها . وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن ربح ما لم يضمن . فإذا صح بيعها ثبت أنها من ضمانه . وقد نهى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها . فلو كانت الجائحة بعد بدو الصلاح من مال البائع لم يكن لهذا النهي فائة . اه‍
يتبع......
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:51 am

الاقالة من اشترى شيئا ثم ظهر له عدم حاجته إليه . أو باع شيئا بدا له أنه محتاج إليه . فلكل منهما أن يطلب الاقالة وفسخ العقد ( 1 ) . وقد رغب الاسلام فيها ودعا إليها . روى أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( هامش ) ( 1 ) كما تصح من المضارب والشريك .
" من أقال مسلما أقال الله عثرته " . وهي فسخ لا بيع . وتجوز قبل قبض البيع ، ولا يثبت فيها خيار المجلس ولا خيار الشرط ولا شفعة فيها لانها ليست بيعا . وإذا انفسخ العقد رجع كل من المتعاقدين بما كان له ، فيأخذ المشتري الثمن ويأخذ البائع العين المبيعة . وإذا تلفت العين المبيعة أو مات العاقد أو زاد الثمن أو نقص فإنها لا تصح .
السلم تعريفه : السلم ويسمى السلف ( 1 ) وهو بيع شئ موصوف في الذمة بثمن معجل ، والفقهاء تسميه : بيع المحاويج ، لانه بيع غائب تدعو إليه ضرورة كل واحد من المتبايعين ، فإن صاحب رأس المال محتاج إلى أن يشتري السلعة ، وصاحب السلعة محتاج إلى ثمنها قبل حصولها عنده لينفقها على نفسه وعلى زرعه حتى ينضج فهو من المصالح الحاجية .
( هامش ) ( 1 ) مأخوذ من التسليف وهو التقديم لان الثمن هنا مقدم على المبيع .
ويسمي المشتري : المسلم ، أو رب السلم . ويسمى البائع : المسلم إليه . والبيع : المسلم فيه ، والثمن : رأس مال السلم .
مشروعيته : وقد ثبتت مشروعيته بالكتاب والسنة والاجماع . 1 - قال ابن عباس ، رضي الله عنهما ، : " أشهد أن السلف المضمون إلى أجل قد أحله الله في كتابه وأذن فيه " . ثم قرأ قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتهم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ( 1 ) " . 2 - وروى البخاري ومسلم : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال : " من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " . وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز .
مطابقته لقواعد الشريعة : ومشروعية السلم مطابقة لمقتضى الشريعة ومتفقة مع قواعدها وليست فيها مخالفة للقياس ، لانه كما يجوز تأجيل الثمن في البيع يجوز تأجيل المبيع في السلم ، من غير تفرقة بينهما والله سبحانه وتعالى يقول : " إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " . والدين هو المؤجل من الاموال المضمونة في الذمة ، ومتى كان المبيع موصوفا ومعلوما ومضمونا في الذمة ، وكان المشتري على ثقة من توفية البائع المبيع عند حلول الاجل ، كان المبيع دينا من الديون التي يجوز تأجيلها والتي تشملها الاية كما قال ابن عباس ، رضي الله عنهما . ولا يدخل هذا في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع المرء ما ليس عنده ، كما جاء في قوله لحكيم بن حزام : " لا تبع لا ليس عندك ( 1 ) " . فإن المقصود من هذا النهي أن يبيع المرء مالا قدرة له على تسليمه ، لان مالا قدرة له على تسليمه ليس عنده حقيقة فيكون بيعه غررا ومغامرة .أما بيع الموصوف المضمون في الذمة مع غلبة الظن بإمكان توفيته في وقته ، فليس من هذا الباب في شئ . شروطه : للسلم شروط لا بد من أن تتوفر فيه حتى يكون صحيحا . وهذه الشروط منها ما يكون في رأس المال . ومنها ما يكون في المسلم فيه . شروط رأس المال : أما شروط رأس المال فهي : 1 - أن يكون معلوم الجنس . 2 - أن يكون معلوم القدر . ( 3 ) أن يسلم في المجلس . شروط المسلم فيه : ويشترط في المسلم فيه :
1 - أن يكون في الذمة . 2 - وأن يكون موصوفا بما يؤدي إلى العلم بمقداره وأوصافه التي تميزه عن غيره ، كي ينتي الغرر وينقطع النزاع . 3 - وأن يكون الاجل معلوما . وهل يجوز إلى الحصاد والجذاذ وقدوم الحاج إلى العطاء ؟ فقال مالك : يجوز متى كانت معلومة كالشهور والسنين .
اشتراط الاجل : ذهب الجمهور إلى اعتبار الاجل في السلم ، وقالوا : لا يجوز السلم حالا . وقالت الشافعية : يجوز ، لانه إذ جار مؤجلا مع الغرر فجوازه حالا أولى . وليس ذكر الاجل في الحديث لاجل الاشتراط بل معناه إن كان لاجل فليكن معلوما . قال الشوكاني : والحق ما ذهبت إليه الشافعية من عدم اعتبار الاجل لعدم ورود دليل يدل عليه ، فلا يلزم التقيد بحكم بدون دليل . وأما ما يقال : من أنه يلزم مع عدم الاجل أن يكون بيعا للمعدوم ، ولم يرخص فيه إلا في السلم ، ولا فارق بينه وبين البيع إلا الاجل : فيجاب عنه بأن الصيغة فارقة ، وذلك كاف . لا يشترط في المسلم فيه أن يكون عند المسلم إليه : لا يشترط في السلم أن يكون المسلم إليه مالكا للمسلم فيه بل يراعى وجوده عند الاجل . ومتى انقطع المبيع عند محل الاجل انفسخ العقد ، ولا يضر انقطاعه قبل حلوله . روى البخاري عن محمد بن المجالد قال : بعثني عبد الله بن شداد وأبو بردة إلى عبد الله بن أبي أوفى فقالا : سله هل كان أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يسلفون في الحنطة ؟ فقال عبد الله : كنا نسلف نبيط ( 1 ) أهل الشام في الحنطة والشعير والزيت في كيل معلوم إلى أجل معلوم . قلت : إلى من كان أصله عنده ؟ قال : ما كنا نسألهم عن ذلك . ثم بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبزي ، فسألته فقال : كان أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يسلفون على عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولم نسألهم ألهم حرث أم لا .
لا يفسد العقد بالسكوت عن موضع القبض : لو سكت المتعاقدان عن تعيين موضع القبض فالسلم صحيح ولو لم يتعين الموضع لانه لم يبين في الحديث ولو كان شرطا لذكره الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، كما ذكر الكيل والوزن والاجل .
السلم في اللبن والرطب : قال القرطبي : " وأما السلم في اللبن والرطب مع الشروع في أخذه فهي مسألة مدنية اجتمع عليها أهل المدينة . وهي مبنية على قاعدة المصلحة ، لان المرء يحتاج إلى أخذ اللبن والرطب مياومة ويشق أن يأخذ كل يوم ابتداء ، لان النقد قد لا يحضره ، ولان السعر قد يختلف عليه ، وصاحب النخل واللبن محتاج إلى النقد لان الذي عنده عروض لا ينصرف له ، فلما اشتركا في الحاجة رخص لهما في هذه المعاملة قياسا على العرايا وغيرها من أصول الحاجات والمصالح " . اه‍ .
جواز أخذ غير المسلم فيه عوضا عنه : ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز أخذ غير المسلم فيه عوضا عنه مع بقاء عقد السلم ، لانه يكون قد باع دين المسلم فيه قبل قبضه . ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من أسلف في شئ فلا يصرفه إلى غيره " ( 1 ) . وأجازه الامام مالك وأحمد . قال ابن المنذر : ثبت عن ابن عباس أنه قال : " إذا أسلفت في شئ إلى أجل ، فإن أخذت ما أسلفت فيه وإلا فخذ عوضا أنقص منه ، ولا تربح مرتين " . رواه شعبة وهو قول الصحابي ، وقول الصحابي حجة ما لم يخالف . وأما الحديث ففيه عطية بن سعد وهو لا يحتج بحديثه . ورجح هذا ابن القيم فقال - بعد أن ناقش أدلة كل من الفريقين - : فثبت أنه لا نص في التحريم ولا إجماع ولا قياس ، وأن النص والقياس يقتضيان الاباحة . والواجب عند التنازع الرد إلى الله وإلى الرسول ، صلى الله عليه وسلم . وأما إذا انفسخ عقد السلم بإقالة ونحوها . فقيل : لا يجوز أن يأخذ عن دين السلم عوضا من غير جنسه .وقيل : يجوز أخذ العوض عنه ، وهو مذهب الشافعي واختيار القاضي أبي يعلى وابن تيمية . قال ابن القيم : وهو الصحيح ، لان هذا عوض مستقر في الذمة فحازت المعاوضة كسائر الديون من القرض وغيره .
الربا تعريفه : - الربا في اللغة : الزيادة ، والمقصود به هنا : الزيادة على رأس المال ، قلت أو كثرت . يقول الله سبحانه : " وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " ( 1 ) .
حكمه : - وهو محرم في جميع الاديان السماوية ، ومحظور في اليهودية والمسيحية والاسلام . جاء في العهد القديم : ( إذا أقرضت مالا لاحد من أبناء شعبي ، فلا تقف منه موقف الدائن . لا تطلب منه ربحا لمالك ) . آية 25 ، فصل 22 ، من سفر الخروج . وجاء فيه أيضا فصل 25 ، من سفر اللاويين . إلا أن اليهود لا يرون مانعا من أخذ الربا من غير اليهودي ، كما جاء في آية 20 ، من الفصل 23 ، من سفر التثنية . وقد رد عليهم القرآن ، ففي سورة النساء ( 1 ) : ( وأخذهم الربا وقد نهوا عنه ) . وفي كتاب العهد الجديد : ( إذا أقرضتم لمن تنتظرون منه المكافأة ، فأي فضل يعرف لكم ؟ ولكن افعلوا الخيرات ، وأقرضوا غير منتظرين عائدتها . وإذن يكون ثوابكم جزيلا ) . آية 34 وآية 35 ، من الفصل 6 ، من إنجيل لوقا . واتفقت كلمة رجال الكنيسة على تحريم الربا تحريما قاطعا استنادا إلى هذه النصوص . قال سكوبار : ( إن من يقول إن الربا ليس معصية يعد ملحدا . وقال الاب بوني : ( إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة الدنيا ، وليسوا أهلا للتكفين بعد موتهم ) . وفي القرآن الكريم تحدث عن الربا في عدة مواضع مرتبة ترتيبا زمنيا ، ففي العهد المكي نزل قول الله سبحانه : " وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله ، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ( 1 ) " . وفي العهد المدني نزل تحريم الربا صراحة في قول الله سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم ترحمون ( 2 ) " . وآخر ما ختم به التشريع قول الله سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ( 1 ) " . وفي هذه الاية رد قاطع على من يقول : إن الربا لا يحرم إلا إذا كان أضعافا مضاعفة ، لان الله لم يبح إلا رد رءوس الاموال دون الزيادة عليها . وهذا آخر ما نزل في هذا الامر . وهو من كبائر الاثم ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " اجتنبوا السبع الموبقات " . قالوا : وما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " . وقد لعن الله كل من اشترك في عقد الربا ، فلعن الدائن الذي يأخذه ، والمستدين الذي يعطيه ، والكاتب الذي يكتبه ، والشاهدين عليه . روى البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود ، والترمذي وصححه ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( لعن الله آكل الربا ، ومؤكله ، وشاهديه ، وكاتبه ) روى الدار قطني عن عبد الله بن حنظلة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " الدرهم ربا أشد عند الله تعالى من ست وثلاثين زنية في الخطيئة " . وقال صلى الله عليه وسلم : " الربا تسعة وتسعون بابا ، أدناها كأن يأتي الرجل بأمه " .
الحكمة في تحريم الربا : الربا محرم في جميع الاديان السماوية ، والسبب في تحريمه ما فيه من ضرر عظيم : 1 - أنه يسبب العداوة بين الافراد ، ويقصي على روح التعاون بينهم . والادبان كلها ، ولا سيما الاسلام ، تدعو إلى التعاون والايثار وتبغض الاثرة والانانية واستغلال جهد الاخرين . 2 - وأنه يؤدي إلى حلق طبقة مترفة لا تعمل شيئا ، كما يؤدي إلى تضخيم الاموال في أيديها دون جهد مبذول ، فتكون كالنباتات الطفيلية تنمو على حساب غيرها . والاسلام يمجد العمل ويكرم العاملين ويجعله أفضل وسيلة من وسائل الكسب ، لانه يؤدي إلى المهارة ، ويرفع الروح المعنوية في الفرد . 3 - وهو وسيلة الاستعمار ، ولذلك قيل : الاستعمار يسير وراء تاجر أو قسيس . ونحن قد عرفنا الربا وآثاره في استعمار بلادنا . 4 - والاسلام بعد هذا يدعو إلى أن يقرض الانسان أخاه قرضا حسنا إذا احتاج إلى المال ويثيب عليه أعظم مثوبة : " وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون " ( 1 ) .
أقسامه : والربا قسمان : ( 1 ) ربا النسيئة ( 2 ) وربا الفضل . ربا النسيئة : وربا النسيئة ( 2 ) هو الزيادة المشروطة التي يأخذها الدائن من المدين نظير التأجيل . وهذا النوع محرم بالكتاب والسنة وإجماع الائمة .
( هامش ) ( 1 ) سورة الروم آية رقم 39 . ( 2 ) النسيئة : التأجيل والتأخير أي الربا الذي يكون بسبب التأجيل . ربا الفضل : وربا الفضل وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة وهو محرم بالسنة والاجماع لانه ذريعة إلى ربا النسيئة . وأطلق عليه اسم الربا تجوزا . كما يطلق اسم المسبب يطلق اسم المسبب على السبب . روى أبو سعيد الخدري أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين ، فإني أخاف عليكم الرماء " أي : الربا . فنهى عن ربا الفضل لما يخشاه عليهم من ربا النسيئة . وقد نص الحديث على تحريم الربا في ستة أعيان : الذهب والفضة والقمح والشعير والتمر والملح . فعن أبي سعيد قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، : " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، الاخذ والمعطي سواء " . رواه أحمد والبخاري .
علة التحريم : هذه الاعيان الستة التي خصها الحديث بالذكر تنتظم الاشياء الاساسية التي يحتاج الناس إليها والتي لا غنى لهم عنها . فالذهب والفضة هما العنصران الاساسيان للنقود تنضبط بها المعاملة والمبادلة ، فهما معيار الاثمان الذي يرجع إليه في تقويم السلع . وأما بقية الاعيان الاربعة فهي عناصر الاغذية وأصول القوت الذي به قوام الحياة . فإذا جرى الربا في هذه الاشياء كان ضارا بالناس ومفضيا إلى الفساد في المعاملة ، فمنع الشارع منه رحمة بالناس ورعاية لمصالحهم . ويظهر من هذا أن علة التحريم بالنسبة للذهب والفضة كونهما ثمنا ، وأن علة التحريم بالنسبة لبقية الاجناس كونها طعاما . فإذا وجدت هذه العلة في نقد آخر غير الذهب والفضة أخذ حكمه ، فلا يباع إلا مثلا بمثل يدا بيد . وكذلك إذا وجدت هذه العلة في طعام آخر غير القمح والشعير والتمر والملح ، فإنه لا يباع إلا مثلا بمثل يدا بيد . روى مسلم عن معمر بن عبد الله عن النبي أنه نهى عن بيع الطعام إلا مثلا بمثل ، فكل ما يقوم مقام هذه الاجناس الستة يقاس عليها ويأخذ حكمها ، فإذا اتفق البدلان في الجنس والعلة حرم التفاضل وحرم النساء أي التأجيل . فإذا بيع ذهب بذهب أو قمح بقمح فإنه يشترط لصحة هذا التبادل شرطان : 1 - التساوي في الكمية بقطع النظر عن الجودة والرداءة للحديث المذكور ، ولما رواه مسلم أن رجلا جاء إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بشئ من التمر ، فقال له النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : ما هذا من تمرنا ؟ فقال الرجل : يارسول الله ، بعنا تمرنا صاعين بصاع . فقال صلى الله عليه وسلم : ذلك الربا ، ردوه ثم بيعوا تمرنا ثم اشتروا لنا من هذا . وروى أبو داود عن فضالة قال : أتي النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بقلادة فيها ذهب وخرز اشتراها رجل بتسعة دنانير أو سبعة ، فقال النبي : لا ، حتى تميز بينهما . قال : فرده حتى ميز بينهما . ولمسلم : " أمر بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ، ثم قال : الذهب بالذهب وزنا بوزن " ( 1 ) .
( هامش ) ( 1 ) أفاد ابن القيم يحل بيع المصوغات المباحة بأكثر من وزنها ذهبا ، والمصوغات
2 - عدم تأجيل أحد البدلين ، بل لا بد من التبادل الفوري ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يدا بيد " . وفي هذا يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا ( 1 ) بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا غائبا منها بناجز " . رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد . وإذا اختلف البدلان في الجنس واتحدا في العلة حل التفاضل وحرم النساء . فإذا بيع ذهب بفضة أو قمح بشعير فهنا يشترط شرط واحد وهو الفورية ، ولا يشترط التساوي في الكم بل يجوز التفاضل . روى أبو داود أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا بأس ببيع البر بالشعير ، والشعير أكثرهما ، يدا بيد " . وفي حديث عبادة عند أحمد ومسلم : " فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا
( هامش ) الفضية المباحة بأكثر من وزنها فضة . ( 1 ) تشفوا : تفضلوا .
كان يدا بيد " . وإذا اختلف البدلان في الجنس والعلة فإنه لا يشترط شئ فيحل التفاضل والنساء . فإذا بيع الطعام بالفضة حل التفاضل والتأجيل ، وكذا إذا بيع ثوب بثوبين أو إناء بإناءين . والخلاصة أن كل ما سوى الذهب والفضة والمأكول والمشروب لا يحرم فيه الربا ، فيجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا ونسيئة ، ويجوز فيه التفرق قبل التقابض ، فيجوز بيع شاة بشاتين نسيئة ، ونقدا ، وكذلك شاة بشاة لحديث عمرو بن العاص ( أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أمره أن يأخذ في قلائص الصدقة البعير بالبعيرين إلى الصدقة ) . أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم . ورواه البيهقي ، وقوى الحافظ بن حجر إسناده . وقال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، اشترى عبدا بعبدين أسودين ، واشترى جارية بسبعة أرؤس ، وإلى هذا ذهب الشافعي .
يتبع ....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:52 am

المزارعة فضل المزارعة : قال القرطبي : الزراعة من فروض الكفاية ، فيجب على الامام أن يجبر الناس عليها وما كان في معناها من غرس الاشجار . 1 - روى البخاري ومسلم عن أنس ، رضي الله عنه ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا ( 1 ) فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة " . 2 - وأخرج الترمذي عن عائشة قالت : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، : " التمسوا الرزق من خبايا الارض " .
( هامش ) ( 1 ) الغرس : ماله ساق كالنخل والعنب ، والزرع : مالاساق له مثل القمح والشعير .
تعريفها : معنى المزارعة في اللغة : المعاملة على الارض ببعض مايخرج منها . ومعناها هنا : إعطاء الارض لمن يزرعها على أن يكون له نصيب مما يخرج منها كالنصف أو الثلث أو الاكثر من ذلك أو الادنى حسب ما يتفقان عليه . مشروعيتها : الزراعة نوع من التعاون بين العامل وصاحب الارض ، فربما يكون العامل ماهرا في الزراعة وهو لا يملك أرضا . وربماكان مالك الارض عاجزا عن الزراعة . فشرعها الاسلام رفقا بالطرفين . المزارعة عمل بها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وعمل بها أصحابه من بعده . روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عامل أهل خيبر بشطر مايخرج منها من زرع أو ثمر . وقال محمد الباقر بن علي بن الحسين رضي الله عنهم : ما بالمدينة أهل بيت هجرة ( 1 ) إلا يزرعون على الثلث والربع ، وزارع علي ، رضي الله عنه ، وسعد بن مالك وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وآل عمر وآل علي وابن سيرين . رواه البخاري . قال في المغني : " هذا أمر مشهور ، عمل به رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حتى مات ، ثم خلفاؤه الراشدون حتى ماتوا ، ثم أهلوهم من بعدهم . ولم يبق من المدينة من أهل بيت إلا عمل به ، وعمل به أزواج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من بعده . ومثل هذا مما لا يجوز أن ينسخ ، لان النسخ إنما يكون في حياة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فأما شئ عمل به إلى أن مات ، ثم عمل به خلفاؤه من بعده ، وأجمعت الصحابة رضوان الله عليهم عليه ، وعملوا به ولم يخالف فيه منهم أحد ، فكيف يجوز نسخه ؟ فإن كان نسخه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكيف عمل به بعد نسخه ، وكيف خفي نسخه فلم يبلغ خلفاءه مع اشتهار قصة خيبر وعملهم فيها ، فأين كان راوي النسخ حتى لم يذكروه ولم يخبرهم به ؟ رد ما ورد من النهي عنها : وأما ما ذكره رافع بن خديج أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنها ، فقدرده زيد بن ثابت رضي الله عنه ، وأخبر أن النهي كان لفض النزاع ، فقال : يغفر الله لرافع بن خديج ، أنا والله أعلم بالحديث منه . إنما جاء للنبي صلى الله عليه وسلم رجلان من الانصار قد اقتتلا ، فقال : إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع ، فسمع رافع قوله : فلا تكروا المزارع . رواه أبو داود والنسائي . كما رده ابن عباس رضيا لله عنه ، وبين أن النهي إنما كان من أجل إرشادهم إلى ما هو خير لهم ، فقال : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لم يحرم المزارعة ، ولكن أمر أن يرفق الناس بعضهم ببعض ، بقوله : " من كانت له أرض فليزرعها أو يمنحها أخاه ، فإن أبى فليمسك أرضه " . وعن عمرو بن دينار ، رضي الله عنه ، قال : سمعت ابن عمر يقول : ما كنا نرى بالمزارعة بأسا حتى سمعت رافع بن خديج يقول : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، نهى عنها . فذكرته لطاووس فقال : قال لي أعلمهم " يقصد ابن عباس " : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لم ينه عنها ، ولكن قال : " لان يمنح أحدكم أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجا معلوما " . رواه الخمسة . كراء الارض بالنقد : تجوز المزارعة بالنقد وبالطعام وبغيرهما مما يعد مالا ، فعن حنظلة بن قيس ، رضيا لله عنه ، قال : سألت رافع ابن خديج عن كراء الارض فقال : نهى رسول الله ، صلى عليه وسلم ، عنه فقلت : بالذهب والورق ؟ فقال : أما بالذهب والورق فلا بأس به . رواه الخمسة إلا الترمذي ، وهذا مذهب أحمد وبعض المالكية والشافعية . قال النووي : وهذا هو الراجح المختار من جميع الاقوال . المزارعة الفاسدة : سبق أن قلنا إن المزارعة الصحيحة هي إعطاء الارض لمن يزرعها على أن يكون له نصيب مما يخرج منها ، كالثلث والربع ونحو ذلك ، أي أن يكون نصيبه غير معين . فإذا كان نصيبه معينا بأن يحدد مقدارا معينا مما تخرج الارض ، أو يحدد قدرا معينا من مساحة الارض تكون غلتهاله ، والباقي يكون للعامل أو يشتر كان فيه : فإن المزارعة في هذه الحال تكون فاسدة ، لما فيها من الغرر ولانها تفضي إلى النزاع . روى البخاري عن رافع بن خديج قال : " كنا أكثر أهل الارض ( أي المدينة ) مزروعا . كنا نكري الارض بالناحية منها تسمى لسيد الارض ، فربما يصاب ذلك وتسلم الارض ، وربما تصاب الارض ويسلم ذلك ، فنهينا " . وروي أيضا عنه : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " ما تصنعون بمحاقلكم " - المزارع . قالوا : نؤجرها على الربع ، وعلى الاوسق من التمر والشعير . قال : " لا تفعلوا " . وروى مسلم عنه قال : وإنما كان الناس يؤجرون على عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بما على الماديانات - ما ينبت على حافة النهر ومسايل الماء وأقيال الجداول - أوائل السواقي - وأشياء من الزرع ، فيهلك هذا ويسلم هذا ، ويسلم هذا ويهلك هذا ، ولم يكن للناس كري إلا هذا ، فلذلك زجر عنه .
احياء الموات معناه : إحياء الموات معناه إعداد الارض الميتة التي لم يسبق تعميرها وتهيئتها وجعلها صالحة للانتفاع بها في السكنى والزرع ونحو ذلك . الدعوة إليه : والاسلام يحب أن يتوسع الناس في العمران وينشروا في الارض ويحيوا مواتها فتكثر ثرواتهم ويتوفر لهم الثراء والرخاء ، وبذلك تتحقق لهم الثروة والقوة . وهو لذلك يحبب إلى أهله أن يعمدوا إلى الارض الميتة ليحيوا مواتها ويستثمروا خيراتها وينتفعوا ببركاتها . 1 - فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من أحيا أرضا ميتة فهي له " . رواه أبو داودو النسائي والترمذي وقال : إنه حسن . 2 - وقال عروة : إن الارض أرض الله والعباد عباد له ، ومن أحيا مواتا فهو أحق بها . جاءنا بهذا عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الذين جاؤوا بالصلوات عنه . 3 - وقال : " من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر ، وما أكله العوافي ( 1 ) فهو له صدقة " . رواه النسائي وصححه ابن حبان . 4 - وعن الحسن بن سمرة عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من أحاط حائطا على أرض فهي له " . رواه أبو داود . 5 - وعن أسمر بن مضرس قال : أتيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فبايعته ، فقال : " من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له " . فخرج الناس يتعادون يتحاطون شروط إحياء الموات : يشترط لاعتبار الارض مواتا أن تكون بعيدة عن
( هامش ) ( 1 ) العوافي : الطير والسباع . ( 2 ) يتحاطون : أي يحيطون ما أحرزوه بما يفيد إحرازهم له .
العمران ، حتى لا تكون مرفقا من مرافقه ، ولا يتوقع أن تكون من مرافقه . ويرجع إلى العرف في معرفة مدى البعد عن العمران . إذن الحاكم : اتفق الفقهاء على أن الاحياء سبب للملكية . واختلفوا في اشتراط إذن الحاكم في الاحياء . فقال أكثر العلماء : إن الاحياء سبب للملكية من غير اشتراط إذن الحاكم ، فمتى أحياها أصبح مالكا لها من غير إذن من الحاكم . وعلى الحاكم أن يسلم بحقه إذا رفع إليه الامر عند النزاع ، لما رواه أبو داود عن سعيد بن زيد أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من أحيا أرضا ميتة فهي له " . وقال أبو حنيفة : الاحياء سبب للملكية ، ولكن شرطها إذن الامام وإقراره . وفرق مالك بين الاراضي المجاورة للعمران والارض البعيدة عنه . فإن كانت مجاورة فلا بد فيها من إذن الحاكم . وإن كانت بعيدة فلا يشترط فيها إذنه ، وتصبح ملكا لمن أحياها .
متى يسقط الحق : من أمسك أرضا وعلمها بعلم أو أحاطها بحائط ثم لم يعمرها بعمل سقط حقه بعد ثلاث سنين . عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال على المنبر : من أحيا أرضا ميتة فهي له ، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين . وذلك أن رجالا كانوا يحتجرون من الارض ما لا يعملون ( 1 ) . وعن طاووس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، : " عادي الارض لله وللرسول ، ثم لكم من بعد ، فمن أحيا أرضا ميتة فهي له ، وليس لمحتجر بعد ثلاث سنين " ( 2 ) . من أحيا أرض غيره دون علمه : إن ما جرى عليه عمل عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز : أنه إذا عمر المرء أرضا من الاراضي ظانا إياها من الاراضي الساقطة ، أي غير المملوكة لاحد ، ثم جاء رجل
( هامش ) ( 1 ) أي لا يستثمرونه . ( 2 ) رواه أبو عبيد في الاموال وقال : عادي الارض التي بها مساكن في آباد الدهر فانقرضوا . نسبهم إلى عاد لانهم مع تقدمهم ذوو قوة وآثار كثيرة . فنسب كل أثر قديم إليهم .
آخر وأثبت أنها له ، خير في أمره : إما أن يسترد من العامر أرضه بعد أن يؤدي إليه أجرة عمله ، أو يحيل إليه حق الملكية بعد أخذ الثمن . وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من أحيا أرضا ميتة فهي له ، وليس لعرق ظالم حق " ( 1 ) .
إقطاع الارض والمعادن والمياه : يجوز للحاكم العادل أن يقطع بعض الافراد من الارض الميتة والمعادن والمياه ما دامت هناك مصلحة ( 2 ) . وقد فعل ذلك الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، كما فعله الخلفاء من بعده ، كما يتضح من الاحاديث الاتية : 1 - عن عروة بن الزبير أن عبد الرحمن بن عوف قال : أقطعني رسول الله ، صلى الله عليه سلم ، وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا ، فذهب الزبير إلى آل عمر فاشترى نصيبه منهم فأتى عثمان فقال : إن عبد الرحمن ابن عوف زعم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أقطعه
( هامش ) ( 1 ) كتاب ملكية الارض . ( 2 ) إذا لم تكن هناك مصلحة من الاقطاع كما يفعل الحكام الظالمون من إعطاء بعض الافراد محاباة له بغير حق فإنه لا يجوز .
وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا ، وإني اشتريت نصيب آل عمر ، فقال عثمان : عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه . رواه أحمد . 2 - وعن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أقطعه أرضا في حضر موت . 3 - وعن عمر بن دينار قال : لما قدم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، المدينة أقطع أبا بكر وأقطع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما . 4 - وعن ابن عباس قال : أقطع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها ( 1 ) وغوريها . أخرجه أحمد وأبو داود . قال أبو يوسف : " فقد جاءت هذه الاثار بأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أقطع أقواما ، وأن الخلفاء من بعده أقطعوا . ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاح فيما فعل من ذلك ، إذ كان فيه تأليف على الاسلام وعمارة الارض . وكذلك الخلفاء إنما أقطعوا من رأوا أن له غناء في الاسلام ونكاية
هامش ) ( 1 ) القبلية : نسبة إلى قبل مكان بساحل البحر . والجلس : المرتفع من الارض ، والغور : المنخفض منها . للعدو ، ورأوا أن الافضل ما فعلوا ، ولو لا ذلك لم يأتوه ، ولم يقطعوا حق مسلم ولا معاهد " . نزع الارض ممن لا يعمرها : وإنما يقطع الحاكم من أجل المصلحة ، فإذا لم تتحقق بأن لم يعمرها من أقطع له ولم يستثمرها فإنها تنزع منه . 1 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أقطع لاناس من مزينة أو جهينة أرضا فلم يعمروها فجاء قوم فعمروها ، فخاصمهم الجهنيون أو المزنيون إلى عمر بن الخطاب فقال : لو كانت مني أو من أبي بكر لرددتها ، ولكنها قطيعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم قال : من كانت له أرض ثم تركها ثلاث سنين فلم يعمرها فعمرها قوم آخرون فهم أحق بها . 2 - وعن الحارث بن بلال بن الحارث المزني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه العقيق أجمع ، قال : فلما كان زمان عمر قال لبلال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحتجره عن الناس ، إنما أقطعك لتعمل فخذ منها ما قدرت على عمارته ورد الباقي .
هلاك المبيع قبل القبض وبعده 1 - إذا هلك البيع كله أو بعضه قبل القبض بفعل المشتري ، فإن البيع لا ينفسخ ، ويبقى العقد كما هو ، وعليه أن يدفع الثمن كله لانه هو المتسبب في الهلاك . 2 - وإذا هلك بفعل أجنبي فإن المشتري بالخيار بين الرجوع على هذا الاجنبي وبين فسخ العقد . 3 - ويفسخ البيع إذا هلك المبيع كله قبل القبض بفعل البائع أو بفعل المبيع نفسه أو بآفة سماوية . 4 - فإذا هلك بعض المبيع بفعل البائع سقط عن المشتري من الثمن بقدر الجزء الهالك . ويخير في الباقي بأخذه بحصته من الثمن . 5 - أما إذا كان هلاك بعض المبيع بفعل نفسه فإنه لا يسقط شئ من ثمنه ، والمشتري مخير بين فسخ العقد وبين أن يأخذ ما بقي بجميع الثمن . 6 - وإذا كان الهلاك بآفة سماوية ترتب عليها نقصان قدره ، فيسقط من الثمن بقدر النقصان الحادث ، ثم يكون المشتري بالخيار بين فسخ العقد وبين أخذ الباقي بحصته من الثمن .
هلاك المبيع بعد القبض : إذا هلك المبيع بعد القبض كان من ضمان المشتري . ويلزم بثمنه إن لم يكن فيه خيار للبائع ، وإلا فيلزم بالقيمة أو المثل
الاجارة تعريفها : الاجارة مشتقة من الاجر وهو العوض ، ومنه سمي الثواب أجرا . وفي الشرع : عقد على المنافع بعوض ، فلا يصح استئجار الشجر من أجل الانتفاع بالثمر ، لان الشجر ليس منفعة ، ولا استئجار النقدين ، ولا الطعام للاكل ، ولا المكيل والموزون لانه لا ينتفع بها إلا باستهلاك أعيانها . وكذلك لا يصح استئجار بقرة أو شاة أو ناقة لحلب لبنها لان الاجارة تملك المنافع ، وفي هذه الحال تملك اللبن وهو عين . والعقد يرد على المنفعة لا للعين . . . والمنفعة قد تكون منفعة عين ، كسكنى الدار ، أو ركوب السيارة . . . فقه السنة - 12 وقد تكون منفعة عمل ، مثل عمل المهندس والبناء والنساج والصباغ والخياط والكواء ، وقد تكون منفعة الشخص الذي يبذل جهده ، مثل الخدم والعمال . . . والمالك الذي يؤجر المنفعة يسمى : مؤجرا . والطرف الاخز الذي يبذل الاجر يسمى : مستأجرا . والشئ المعقود عليه المنفعة يسمى : مأجورا . والبذل المبذول في مقابل المنفعة يسمى : أجرا وأجرة . ومتى صح عقد الاجارة ثبت للمستأجر ملك المنفعة . وثبت للمؤجر ملك الاجرة ، لانها عقد معاوضة .
مشروعيتها : الاجارة مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع . يقول الله سبحانه وتعالى : 1 - أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون " ( 1 ) . ويقول جل شأنه : 2 - " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير " ( 1 ) . ويقول عزوجل : 3 - " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين . قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجر ني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين " ( 2 ) . وجاء في السنة ما يأتي : 1 - روى البخاري أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، استأجر رجلا من بني الديل ( 3 ) يقال له : عبد الله بن الاريقط وكان هاديا خريتا أي ماهرا . 2 - وروى ابن ماجه أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " أعطوا الاجير أجره قبل أن يجف عرقه " . 3 - وروى أحمد وأبو داود والنسائي عن سعد بن أبي وقاص ، رضي الله عنه ، قال : " كنا نكري الارض بما على السواقي من الزرع " . فنهى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك وأمرنا أن نكريها يذهب أو ورق . 4 - وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : " احتجم وأعطى الحجام أجره " . وعلى مشروعية الاجارة أجمعت الامة ، ولا عبرة بمن خالف هذا الاجماع من العلماء حكمة مشروعيتها : وقد شرعت الاجارة لحاجة الناس إليها ، فهم يحتاجون إلى الدور للسكنى ، ويحتاج بعضهم لخدمة بعض ، ويحتاجون إلى الدواب للركوب والحمل ، ويحتاجون إلى الارض للزراعة ، وإلى الالات لا ستعمالها في حوائجهم المعاشية . ركنها : والاجارة تنعقد بالايجاب والقبول بلفظ الاجارة والكراء وما اشتق منهما ، وبكل لفظ يدل عليها .
شروط العاقدين : ويشترط في كل من العاقدين الاهلية بأن يكون كل منهما عاقلا مميزا ، فلو كان أحدهما مجنونا أو صبيا غير مميز فإن العقد لا يصح . ويضيف الشافعية والحنابلة شرطا آخر وهو البلوغ . فلا يصح عندهم عقد الصبي ولو كان مميزا .
شروط صحة الاجارة : ويشترط لصحة الاجارة الشروط الاتية : 1 - رضا العاقدين . فلو أكره أحدهما على الاجارة فإنها لا تصح لقول الله سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالبا ؟ ل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم . ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " ( 1 ) . 2 - معرفة المنفعة المعقود عليها معرفة تامة تمنع من المنازعة . والمعرفة التي تمنع المنازعة تم بمشاهدة العين التي يراد استئجارها أو بوصفها إن انضبطت بالوصف ، وبيان مدة الاجارة كشهر أو سنة أو أكثر أو أقل ، وبيان العمل المطلوب . 3 - أن يكون المعقود عليه المقدور الاستيفاء حقيقة وشرعا ، فمن العلماء من اشترط هذا الشرط فرأى أنه لا يجوز إجارة المشاع من غير الشريك ، وذلك لان منفعة المشاع غير مقدورة الاستيفاء . وهذا مذهب أبي حنيفة وزفر . وقال جمهور الفقهاء : يجوز إجارة المشاع مطلقا من الشريك وغيره . لان للمشاع منفعة والتسليم ممكن بالتخلية أو المهايأة بالتهيؤ ( 1 ) . كما يجوز ذلك في البيع . والاجارة أحد نوعي البيع . فإن لم تكن المنفعة معلومة كانت الاجارة فاسدة . 4 - القدرة على تسليم العين المستأجرة مع اشتمالها على المنفعة ، فلا يصح تأجير دابة شاردة ، ولا مغصوب لا يقدر على انتزاعه لعدم القدرة على التسليم . ولا أرض للزرع لا تنبت ، أو دابة للحمل وهي زمنة : لعدم المنفعة التي هي موضوع العقد . 5 - أن تكون المنفعة مباحة لا محرمة ولا واجبة . فلا تصح الاجارة على المعاصي ، لان المعصية يجب اجتنابها . فمن استأجر رجلا ليقتل رجلا ظلما أو رجلا ليحمل له الخمر أو أجر داره لمن يبيع بها الخمر أو ليلعب فيها القمار أو ليجعلها كنيسة فإنها تكون إجارة فاسدة وكذلك لا يحل حلوان الكاهن ( 1 ) والعراف ( 2 ) وهو ما يعطاه على كهانته وعرافته ، إذ أنه عوض عن محرم وأكل لاموال الناس بالباطل . ولا تصح الاجارة على الصلاة والصوم ، لان هذه فرائض عينية يجب أداؤها على من فرضت عليه .
يتبع .....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:54 am

الاستئجار بالطعام والكسوة : اختلف العلماء في حكم الاستئجار بالطعام والكسوة فأجازه قوم ومنعه آخرون ، وحجة المجيزين ما رواه أحمد وابن ماجه عن عتبة بن الندر قال : " كنا عند النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقرأ " طسم " حتى بلغ قصة موسى عليه السلام فقال : " إن موسى أجر نفسه ثمان سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه " وهو مروي عن أبي بكر وعمر وأبي موسى . وإلى هذا ذهب مالك والحنابلة ، وجوزه أبو حنيفة في الظئر دون الخادم . . . وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد والهادوية والمنصور بالله لا يصح للجهالة . . . ويرى المالكية الذين أجازوا استئجار الاجير بطعامه وكسوته : أن ذلك يكون على حسب المتعارف . قالوا : ولو قال : احصد زرعي ولك نصفه ، أو اطحنه أو اعصر الزيت ، فإن ملكه نصفه الان جاز ، وإن أراد نصف ما يخرج منه لم يجز ، للجهالة .
إجارة الارض ( 1 ) : ويصح استئجار الارض ، ويشترط فيه بيان ما تستأجر له من زرع أو غرس أو بناء . وإذا كانت للزراعة فلا بد من بيان ما يزرع فيها ، إلا أن يأذن له المؤجر بأن يزرع فيها ما يشاء . فإذا لم تتحقق هذه الشروط فإن الاجارة تقع فاسدة ، لان منافع الارض تختلف باختلاف البناء والزرع كما يختلف تأخير المزروعات في الارض ، وله أن يزرعها زرعا آخر غير الزرع المتفق عليه بشرط أن يكون ضرره مثل ضرر الزرع المتفق عليه أو أقل منه . وقال داود : ليس له ذلك .
استئجار الدواب : ويصح استئجار الدواب . ويشترط فيه بيان المدة أو المكان ، كما يشترط بيان ما تستأجر له الدابة من الحمل أو الركوب ، وبيان ما يحمل عليها ومن يركبها وإذا هلكت الدواب المؤجرة للحمل والركوب فإن كانت مؤجرة معيبة فهلكت انقضت الاجارة ، وإن كانت غير معيبة فهلكت لا تبطل الاجارة . وعلى المؤجر أن يأتي بغيرها وليس له أن يفسخ العقد لان الاجارة وقعت على منافع في الذمة ولم يعجز المؤجر عن وفاء ما التزمه بالعقد . وهذا متفق عليه بين فقهاء المذاهب الاربعة .
استئجار الدور للسكنى : واستئجار الدور للسكن يبيح الانتفاع بسكناها سواء سكن فيها المستأجر أو أسكنها غيره بالاعارة أو الاجارة على أن لا يمكن من سكناها من يضر بالبناء أو يوهنه مثل الحداد وأمثاله . وعلى المؤجر إتمام ما يتمكن به المستأجر من الانتفاع حسب ما جرت به العادة .
تأجير العين المستأجرة : ويجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة . فإذا كانت دابة وجب عليه أن يكون العمل مساويا أو قريبا للعمل الذي استؤجرت من أجله أولا ، حتى لا تضار الدابة . ويجوز له أن يؤجر العين المستأجرة إذا قبضها بمثل ما أجرها به أو أزيد أو أقل ، وله أن يأخذ ما يسمى بالخلو .
هلاك العين المستأجرة : العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لانه قبضها ليستوفي منها منفعة يستحقها ، فإذا هلكت لا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير في الحفظ . ومن استأجر دابة ليركبها فكبحها بلجامها كما جرت به العادة فلا ضمان عليه .
الاجير الاجير : خاص وعام . . . فالاجير الخاص : هو الشخص الذي يستأجر مدة معلومة ليعمل فيها ، فإن لم تكن المدة معلومة كانت الاجارة فاسدة . ولكل واحد من الاجير والمستأجر فسخها متى أراد . . . وفي الاجارة : إذا كان الاجير سلم نفسه للمستأجر زمنا ما فليس له في هذه الحال إلا أجر المثل ( 1 ) عن المدة التي عمل فيها . . . والاجير الخاص لا يجوز له أثناء المدة المتعاقد عليها أن يعمل لغير مستأجره . فإن عمل لغيره في المدة نقص من أجره بقدر عمله . . وهو يستحق الاجرة متى سلم نفسه ولم يمتنع عن العمل الذي استؤجر من أجله . وكذلك يستحق الاجرة كاملة لو فسخ المستأجر الاجارة قبل المدة المتفق عليها في العقد ما لم يكن هناك عذر يقتضي الفسخ . كأن يعجز الاجير عن العمل أو يمرض مرضا لا يمكنه من القيام به . فإن وجد عذر من عيب أو عجز ففسخ المستأجر الاجارة لم يكن للاجير إلا أجرة المدة التي عمل فيها - ولا تجب على المستأجر الاجرة الكاملة . والاجير الخاص مثل الوكيل في أنه أمين على ما بيده من عمل ، فلا يضمن منه ما تلف إلا بالتعدي أو التفريط . فإن فرط أو تعدي ضمن كغيره من الامناء .
الاجير المشترك : والاجير المشترك هو الذي يعمل لاكثر من واحد فيشتركون جميعا في نفعه كالصباغ ، والخياط ، والحداد ، والنجار ، والكواء . وليس لمن استأجره أن يمنعه من العمل لغيره ، ولا يستحق الاجرة إلا بالعمل . وهل يده يد ضمان أو يد أمانة ؟ ؟ . ذهب الامام علي وعمر ، رضي الله عنهما ، وشريح القاضي وأبو يوسف ومحمد والمالكية إلى أن يد الاجير المشترك يد ضمان ، وأنه يضمن الشئ التالف ولو بغير تعذ أو تقصير منه صيانة لاموال الناس وحفاظا على مصالحهم . روي البيهقي عن علي - كرم الله وجهه - أنه كان يضمن الصباغ والصانع وقال : " لا يصلح الناس إلا ذاك " . وروى أيضا : أن الشافعي ، رضي الله عنه ، ذكر أن شريحا ذهب إلى تضمين القصار ( 1 ) ، فضمن قصارا احترق بيته فقال : تضمنني وقد احترق بيتي ؟ فقال شريح : أرأيت لو احترق بيته كنت تترك له أجرك ؟ وذهب أبو حنيفة وابن حزم إلى أن يده يد أمانة فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة والصحيح من أقوال الشافعي رضي الله عنه . وقال ابن حزم : لا ضمان على أجير مشترك أو غير مشترك ولاعلى صانع أصلا ، إلا ما ثبت أنه تعدى فيه أو أضاعه .
( هامش ) ( 1 ) القصار : الصباغ .
فسخ الاجارة وانتهاؤها : الاجارة عقد لازم لا يملك أحد المتعاقدين فسخه لانه عقد معاوضة ، إلا إذا وجد ما يوجب الفسخ كوجود عيب ، كما سيأتي . . . فلا تفسخ الاجارة بموت أحد المتعاقدين مع سلامة المعقود عليه ويقوم الوارث مقام مورثه سواء أكان مؤجرا أو مستأجرا . . . خلافا للحنفية والظاهرية والشعبي والثوري والليث بن سعد . ولا تفسخ ببيع العين المستأجرة للمستأجر أو لغيره ، ويتسلمها المشتري إذا كان غير المستأجر بعد انقضاء مدة الاجارة ( 1 ) .
وتفسخ بما يأتي : 1 - طروء العيب الحادث على المأجور وهوفي يد المستأجر أو ظهور العيب القديم فيه . 2 - هلاك العين المؤجرة المعينة كالدار المعينة والدابة المعينة . . .
( هامش ) ( 1 ) هذا مذهب مالك وأحمد . وقال أبو حنيفة : لاتباع إلا برضا المستأجر أو يكون عليه دين يحبسه الحاكم بسببه فيبيعها في دينه .
3 - هلاك المؤجر عليه كالثوب المؤجر للخياطة ، لانه لا يمكن استيفاء المعقود عليه بعد هلاكه . . . 4 - استيفاء المنفعة المعقود عليها أو إتمام العمل أو انتهاء المدة إلا إذا كان هناك عذر يمنع الفسخ ، كما لو انتهت مدة إجارة الارض الزراعية قبل أن يستحصد الزرع فتبقى في يد المستأجر بأجر المثل حتى يستحصد ، ولو جبرا على المؤجر منعا لضرر المستأجر بقلع الزرع قبل أو انه . 5 - وقال الاحناف : يجوز فسخ الاجارة لعذر يحصل ولو من جهته ، مثل أن يكتري حانوتا ليتجر فيه فيحترق ماله أو يسرق أو يغصب أو يفلس فيكون له فسخ الاجارة . . .
رد العين المستأجرة : ومتى انتهت الاجارة وجب على المستأجر رد العين المستأجرة . فإن كانت من المنقولات سلمها لصاحبها . . . وإن كانت من العقارات المبينة سلمها لصاحبها خالية من متاعه . وإن كانت من الاراضي الزراعية سلمها خالية من الزرع ، إلا إذا كان هناك عذر كما سبق ، فإنها تبقى بيد المستأجر حتى يحصد الزرع بأجر المثل . وقالت الحنابلة : متى انقضت الاجارة رفع المستأجر يده ولم يلزمه الرد ولا مؤونته مثل المودع ، لانه عقد لا يقتضي الضمان ، فلا يقتضي رده ومؤونته . قالوا : وتكون بعد انقضاء المدة بيد المستأجر أمانة إن تلفت بغير تفريط فلاضمان عليه .
المضاربة تعريفها : المضاربة مأخوذة من الضرب في الارض وهو السفر للتجارة ، يقول الله سبحانه : " وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله " ( 1 ) . وتسمى قراضا ، وهو مشتق من القرض ، وهو القطع ، لان المالك قطع قطعة من ماله ليتجر فيها وقطعة من ربحه . وتسمى أيضا : معاملة . والمقصود بهاهنا : عقد بين طرفين على أن يدفع أحدهما نقدا إلى الآخر ليتجر فيه ، على أن يكون الربح بينهما حسب ما يتفقان عليه .
حكمها : وهي جائزة بالاجماع وقد ضارب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لخديجة - رضي الله عنها - بمالها ، وسافر به إلى الشام قبل أن يبعث ، وقد كان معمولا بها في الجاهلية ، ولما جاء الاسلام أقرها . قال الحافظ بن حجر : " والذي نقطع به أنها كانت ثابتة في عصر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يعلم بها وأقرها ، ولو لا ذلك لما جازت ألبتة . . . وروى أن عبد الله وعبيدالله ابي عمر بن الخطاب رضي الله عنهم خرجا في جيش العراق فلما قفلا ( 1 ) مرا على عامل لعمر : وهو أبو موسى الاشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسهل ، وقال : لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت ، ثم قال : بلى ، ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكما فتبتاعان به متاعا من متاع العراق ثم تبيعانه في المدينة وتوفران رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما ربحه ، فقالا : وددنا ، ففعل . فكتب إلى عمر أن يأخذ منهما المال ، فلما قدما وباعا وربحا قال عمر : أكل الجيش قد أسلف كما أسلفكما ؟ فقالا : لا . فقال عمر :
( هامش ) ( 1 ) أي رجعا .
ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما ، أديا المال وربحه . فأما عبد الله فسكت ، وأما عبيدالله فقال : يا أمير المؤمنين لو هلك المال ضمناه ، فقال : أدياه ، فسكت عبد الله وراجعه عبيدالله ، فقال رجل من جلساء عمر : يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا ( 1 ) ، فرضي عمر وأخذ رأس المال ونصف ربحه ، وأخذ عبد الله وعبيدالله نصف ربح المال . حكمتها : وقد شرعها الاسلام وأباحها تيسيرا على الناس . فقد يكون بعض منهم مالكا للمال ، ولكنه غير قادر على استثماره . وقد يكون هناك من لا يملك المال ، لكنه يملك القدرة على استثماره . فأجاز الشارع هذه المعاملة لينتفع كل واحد منهما ، فرب المال ينتفع بخبرة المضارب ، والمضارب ينتفع بالمال . ويتحقق بهذا تعاول المال والعمل . والله ما شرع العقود إلا لتحقيق المصالح ودفع الجوائح .
ركنها : وركنها الايجاب والقبول الصادران ممن لهما أهلية التعاقد .
( هامش ) ( 1 ) أي لو عملت بحكم المضاربة ، وهو أن يجعل لهما النصف ولبيت المال النصف .
ولا يشترط لفظ معين ، بل يتم العقد بكل ما يؤدي إلى معنى المضاربة ، لان العبرة في العقود للمقاصد والمعاني ، لا للالفاظ والمباني .
شروطها : ويشترط في المضاربة الشروط الآتية : 1 - أن يكون رأس المال نقدا . فإن كان تبرا أو حليا أو عروضا فإنها لا تصح . قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه أنه لا يجوز أن يجعل الرجل دينا له على رجل مضاربة " انتهى . 2 - أن يكون معلوما ، كي يتميز رأس المال الذي يتجر فيه من الربح الذي يوزع بينهما حسب الاتفاق . 3 - أن يكون الربح بين العامل وصاحب رأس المال معلوما بالنسبة ، كالنصف والثلث والربع ، لان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها . وقال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة " انتهى . وعلة ذلك أنه لو اشترط قدر معين لاحدهما فقد لا يكون الربح إلا هذا القدر ، فيأخذه من اشترط له ولا يأخذ الآخر شيئا . وهذا مخالف المقصود من عقد المضاربة الذي راد به نفع كل من المتعاقدين . 4 - أن تكون المضاربة مطلقة ، فلا يقيد رب المال العامل بالاتجار في بلد معين أوفي سلعة معينة ، أو يتجر في وقت دون وقت ، أو لا يتعامل إلا مع شخص بعينه ، ونحو ذلك من الشروط ، لان اشتراط التقييد كثيرا ما يفوت المقصود من العقد ، وهو الربح . فلابد من عدم اشتراطه ، وإلا فسدت المضاربة . وهذا مذهب مالك والشافعي . وأما أبو حنيفة وأحمد فلم يشترطا هذا الشرط وقالا : " إن المضاربة كما تصح مطلقة فإنها تجوز كذلك مقيدة " . ( 1 ) وفي حالة التقييد لا يجوز للعامل أن يتجاوز الشروط التي شرطها ، فإن تعداها ضمن . روي عن حكيم بن حزام : أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالا مقارضة يضرب له به : " أن لا يجعل مالي في كبد رطبة ، ولا يحمله في بحر ، ولا ينزل به بطن مسيل ، فإن فعلت شيئا من ذلك فقد ضمنت مالي " . وليس من شروط المضاربة بيان مدتها ، فإنها عقد جائز يمكن فسخه في أي وقت .وليس من شروطها أن تكون بين مسلم ومسلم ، بل يصح أن تكون بين مسلم وذمي .
العامل أمين : ومتى تم عقد المضاربة وقبض العامل المال كانت يد العامل في المال يد أمانة ، فلا يضمن إلا بالتعدي . فإذا تلف المال بدون تعد منه فلاشئ عليه ، والقول قوله مع يمينه إذا ادعى ضياع المال أو هلاكه ، لان الاصل عدم الخيانة . العامل يضارب بمال المضاربة : وليس للعامل أن يضارب بمال المضاربة ويعتبر ذلك تعديا منه . قال في بداية المجتهد : " ولم يختلف هؤلاء المشاهير من فقهاء الامصار أنه إن دفع العامل رأس مال القراض إلى مقارض آخر فإنه ضامن إن كان خسران ، وإن كان ربح فذلك على شرطه ، ثم يكون للذي عمر شرطه على الذي دفع إليه فيوفيه حظه مما بقي من المال " ( 1 ) . نفقة العامل : نفقة العامل في مال المضاربة من ماله مادام مقيما ، وكذلك إذا سافر للمضاربة . لان النفقة
( هامش ) ( 1 ) يرى أبو قلابة ونافع وأحمد و إسحاق : أن المضارب إذا خالف فهو ضامن والربح لرب المال . وقال أصحاب الرأي : الربح للمضارب ويتصدق به ، والوضيعة عليه وهو ضامن لرأس المال في الوجهين معا .
قد تكون قدر الربح فيأخذه كله دون رب المال ولان له نصيبا من الربح مشروطا له فلا يستحق معه شيئا آخر . لكن إذا أذن رب المال للعامل بأن ينفق على نفسه من مال المضاربة أثناء سفره أو كان ذلك مما جرى به العرف فإنه يجوز له حينئذ أن ينفق من مال المضاربة . ويرى الامام مالك أن للعامل أن ينفق من مال المضاربة متى كان المال كثيرا يتسع للانفاق منه .
فسخ المضاربة : وتنفسخ المضاربة بما يأتي : 1 - أن تفقد شرطا من شروط الصحة . فإذا فقدت شرطا من شروط الصحة وكان العامل قد قبض المال واتجر فيه فإنه يكون له في هذه الحال أجرة مثله ، لان تصرفه كان بإذن من رب المال وقام بعمل يستحق عليه الاجرة . وما كان من ربح فهو للمالك وما كان من خسارة فهي عليه ، لان العامل لا يكون إلا أجيرا ، والاجير لا يضمن إلا بالتعدي . 2 - أن يتعدى العامل أو يقصر في حفظ المال ، أو يفعل شيئا يتنافى مع مقصود العقد ، فإن المضاربة في هذه الحال تبطل ، ويضمن المال إذا تلف ، لانه هو المتسبب في التلف . 3 - أن يموت العامل أو رب المال . فإذا مات أحدهما انفسخت المضاربة . تصرف العامل بعد موت رب المال : إذا مات رب المال انفسخت المضاربة بموته ، ومتى انفسخت المضاربة فإن العامل لا حق له في التصرف في المال ، فإذا تصرف بعد علمه بالموت وبغير إذن الورثة فهو غاصب ، وعليه ضمان . ثم إذا ربح المال فالربح بينهما ، قال ابن تيمية : " وبه حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فيما أخذ ابناه من بيت المال ، فاتجرا فيه بغير استحقاق فجعله مضاربة " انتهى . وإذا انفسخت المضاربة ورأس المال عروض ، فلرب المال وللعامل أن يبيعاه أو يقتسماه لان ذلك حق لهما . وإن رضي العامل بالبيع وأبى رب المال أجبر رب المال على البيع لان للعامل حقا في الربح ولا يحصل عليه إلا بالبيع . وهذا مذهب الشافعية والحنابلة .
اشتراط حضور رب المال عند القسمة : قال ابن رشد . فقه السنة - 14 / صفحة 210 / " أجمع علماء الامصار على أنه لا يجوز للعامل أن يأخذ نصيبه من الربح إلا بخضرة رب المال ، وأن حضور رب المال شرط في قسمة المال و أخذ العامل حصته ، وأنه ليس يكفي في ذلك أن يقسمه في حضور بينة أو غيرها " . انتهى
الحوالة تعريفها : الحوالة ( 1 ) ( 1 ) مأخوذة من التحويل بمعنى الانتقال ، والمقصود بها هنا نقل الدين من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه . وهي تقتضي وجود محيل ، ومحال ، ومحال عليه . فالمحيل هو المدين ، والمحال هو الدائن ، والمحال عليه هو الذي يقوم بقضاء الدين . والحوالة تصرف من التصرفات التي لا تحتاج الى ايجاب وقبول ، وتصح بكل ما يدل عليها : كأحلتك وأتبعتك بدينك على فلان . . . ونحو ذلك .
مشروعيتها : وقد شرعها الاسلام وأجازها للحاجة إليها . روى الامام البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع " ( 1 ) . ففي هذا الحديث أمر الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، الدائن إذا أحاله المدين على غني ملئ قادر أن يقبل الاحالة ، وأن يتبع الذي أحيل عليه بالمطالبة حتى يستوفي حقه . هل الامر للوجوب أو الندب ؟ : ذهب الكثير من الحنابلة وابن جرير وأبو ثور والظاهرية : إلى أنه يجب على الدائن قبول الاحالة على الملئ عملا بهذا الامر . وقال الجمهور : إن الامر للاستحباب .
شروط صحتها : ويشترط لصحة الحوالة الشروط الآتية : 1 - رضا المحيل والمحال دون المحال عليه استدلالا بالحديث المتقدم ، فقد ذكرهما الرسول ، صلى الله عليه وسلم . ولان المحيل له أن يقضي الدين الذي عليه من أي جهة أراد . ولان المحال حقه في ذمة المحيل فلا ينتقل إلا برضاه . وقيل : لا يشترط رضاه لان المحال يجب عليه قبولها
( هامش ) ( 1 ) المطل في الاصل المد . والمراد به هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر والغني هنا : القادر على الاداء ولو كان فقيرا . والملئ : الغني المقتدر .
لقوله صلى الله عليه وسلم : إذا أحيل أحدكم على ملئ فليتبع . ولان له أن يستوفي حقه سواء أكان من المحيل نفسه أو ممن قام مقامه . وأما عدم اشتراط رضا المحال عليه فلان الرسول لم يذكره في الحديث ، ولان الدائن أقام المحال مقام نفسه في استيفاء حقه فلا يحتاج إلى رضا من عليه الحق . وعند الحنفية والاصطخري من الشافعية اشتراط رضاه أيضا . 2 - تماثل الحقين في الجنس والقدر والحلول والتأجيل والجودة والرداءة ، فلا تصح الحوالة إذا كان الدين ذهبا وأحاله ليأخذ بدله فضة . وكذلك إذا كان الدين حالا وأحاله ليقبضه مؤجلا أو العكس . وكذلك لا تصح الحوالة إذا اختلف الحقان من حيث الجودة والرداءة أو كان أحدهما أكثر من الآخر . 3 - استقرار الدين ، فلو أحاله على موظف لم يستوف أجره بعد فإن الحوالة لا تصح . 4 - أن يكون كل من الحقين معلوما . هل تبرأ ذمة المحيل بالحوالة ؟ : إذا صحت الحوالة برئت ذمة المحيل ، فإذا أفلس الحال عليه أو جحد الحوالة أو مات لم يرجع المحال على المحيل بشئ . وهذا هو ما ذهب إليه جماهير العلماء . إلا أن المالكية قالوا : إلا أن يكون المحيل غر المحال فأحاله على عديم ، قال مالك في الموطأ : " الامر عندنا في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه ، إن أفلس الذي أحيل عليه أو مات ولم يدع وفاء فليس للمحال على الذي أحاله شئ ، وأنه لا يرجع على صاحبه الاول . قال : " وهذا الامر الذي لااختلاف فيه عندنا " . وقال أبو حنيفة وشريح وعثمان البتي وغيرهم : يرجع صاحب الدين إذا مات المحال عليه مفلسا أو جحد الحوالة .
يتبع ......
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:56 am

الشفعة تعريفها : الشفعة مأخوذة من الشفع وهو الضم ، وقد كانت معروفة عند العرب . فان الرجل في الجاهلية إذا أراد بيع منزل أو حائط أتاه الجار والشريك والصاحب يشفع إليه فيما باع فيشفعه ويجعله أولى به ممن بعد منه ، فسميت شفعة ، وسمي طالبها شفيعا . والمقصود بها في الشرع : تملك المشفوع فيه جبرا عن المشتري بما قام عليه من الثمن والنفقات .
مشروعيتها : والشفعة ثابتة بالسنة ، واتفق المسلمون على أنها مشروعة . " روى البخاري عن جابر بن عبد الله أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، قضى في الشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطريق فلا شفعة " .
حكمتها : وقد شرع الاسلام الشفعة ليمنع الضرر ويدفع الخصومة ، لان حق تملك الشفيع للمبيع الذي اشتراه أجنبي يدفع عنه ما قد يحدث له من ضرر ينزل به من هذا الاجنبي الطارئ . واختار الشافعي أن الضرر هو ضرر مؤونة القسمة واستحداث المرافق وغيرها . وقيل : ضرر سوء المشاركة . الشفعة للذمي : وكما تثبت الشفعة للمسلم فإنها للذمي عند جمهور الفقهاء . وقال أحمد والحسن والشعبي : لا تثبت للذمي ، لما رواه الدارقطني عن أنس أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لاشفعة لنصراني " . استئذان الشريك في البيع : ويجب على الشريك أن يستأذن شريكه قبل البيع فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به ، وإن أذن في البيع وقال : لاغرض لي فيه ، لم يكن له الطلب بعد البيع . هذا مقتضى حكم رسول الله ، ولا معارض له بوجه . 1 - وروى مسلم عن جابر قال : " قضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بالشفعة في كل شركة لم تقسم : ربعة ( 1 ) أو حائط ( 2 ) . لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك ، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به " . 2 - وعن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان له شرك في نخل أو ربعة فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فإن رضي أخذ وإن كره ترك " . رواه يحيى بن آدم عن زهير عن أبي الزبير وإسناده على شرط مسلم . قال ابن حزم : " لا يحل لمن له ذلك أن يبيعه حتى يعرضه على شريكه أو شركائه فيه ، فإن أراد من يشركه فيه الاخذ له بما أعطى فيه غيره فالشريك أحق به ، وإن لم يرد فقد سقط حقه ، ولاقيام له بعد ذلك إذا باعه ممن باعه . فإن لم يعرض عليه ، كما ذكرنا ، حتى باعه من غير من يشركه فيه فمن يشركه مخير بين أن يمضي ذلك البيع وبين أن يبطله ويأخذ ذلك الجزء لنفسه بما بيع به " .
( هامش ) ( 1 ) الربعة : المنزل . ( 2 ) الحائط : البستان
وقال ابن القيم : " وهذا مقتضى حكم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا معارض له بوجه ، وهو الصواب المقطوع به . وذهب بعض العلماء ومنهم الشافعية إلى أن الامر محمول على الاستحباب . قال النووي : هو محمول عند أصحابنا على الندب إلى إعلامه وكراهة بيعه قبل إعلامه وليس بحرام .
الاحتيال لاسقاط الشفعة : ولا يجوز الاحتيال لاسقاط الشفعة ، لان في ذلك إبطال حق المسلم ، لما روي عن أبي هريرة مرفوعا : " لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل " . وهذا مذهب مالك وأحمد ، ويرى أبو حنيفة والشافعي أنه يجوز الاحتيال . والاحتيال لاسقاط الشفعة مثل أن يقر له ببعض المالك فيصبح بهذا الاقرار شريكا له ، ثم يبيعه الباقي أو يهبه له " .
شروط الشفعة يشترط للاخذ بالشفعة الشروط الآتية : أولا : أن يكون المشفوع فيه عقارا كالارض والدور وما يتصل بها اتصال قرار ، كالغراس والبناء والابواب والرفوف ، وكل ما يدخل في البيع عند الاطلاق ، لما تقدم عن جابر رضي الله عنه قال : قضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بالشفعة في كل شركة لم تقسم : ربعة أو حائط . وهذا مذهب الجمهور من الفقهاء ، وخالف في ذلك أهل مكة والظاهرية ، ورواية عن أحمد ، وقالوا : إن الشفعة في كل شئ ، لان الضرر الذي قد يحدث للشريك في العقار قد يحدث أيضا للشريك في المنقول ، ولما قاله جابر قال : " قضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بالشفعة في كل شئ " . قال ابن القيم : ورواة هذا الحديث ثقات ، ولحديث ابن عباس ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " الشفعة في كل شئ " ورجاله ثقات إلا أنه أعل بالارسال ، وأخرج الطحاوي له شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس به ، وقد انتصر لهذا ابن حزم فقال : " الشفعة واجبة في كل جزء بيع مشاعا غير مقسوم ، بى اثنين فصاعدا ، من أي شئ كان مما ينقسم أولا : من أرض أو شجرة واحدة فأكثر ، أو عبد أو أمة ، أم من سيف أو من طعام أو من حيوان أو من أي شئ بيع " . ثانيا : أن يكون الشفيع شريكا في المشفوع فيه ، وأن تكون الشركة متقدمة على البيع ، وأن لا يتميز نصيب كل واحد من الشريكين ، بل تكون الشركة على الشيوع . فعن جابر رضي الله عنه قال : " قضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بالشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة " . رواه الخمسة . أي أن الشفعة ثابتة في كل مشترك مشاع قابل للقسمة ، فإذا قسم وظهرت الحدود ورسمت الطرق بينهما فلاشفعة . وإذا كانت الشفعة تثبت للشريك فإنها تثبت فيما يقبل القسمة ، ويجبر الشريك فيها على القسمة بشرط أن ينتفع بالمقسوم على الوجه الذي كان ينتفع به قبل القسمة ، ولهذا لا تثبت الشفعة في الشئ الذي لو قسم لبطلت منفعته ، قال في المنهاج : " وكل ما لو قسم بطلت منفعته المقصودة كحمام ورحى لاشفعة فيه على الاصح " . وروى مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب " أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قضى بالشفعة فيما لم يقسم بين الشركاء ، فإذا وقعت الحدود بينهم فلاشفعة " . وهذا مذهب علي وعثمان وعمر وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز وربيعة ومالك والشافعي والاوزاعي وأحمد وإسحاق وعبيد الله بن الحسن والامامية . قال في شرح السنة : " اتفق أهل العلم على ثبوت الشفعة للشريك في الربع المنقسم إذا باع أحد الشركاء نصيبه قبل القسمة ، فللباقين أخذه بالشفعة بمثل الثمن الذي وقع عليه البيع . وإن باع بثئ متقوم من ثوب فيأخذ بقيمته " انتهى . وأما الجار فإنه لاحق له في الشفعة عندهم . وخالف في ذلك الاحناف فقالوا : إن الشفعة مرتبة : فهي تثبت للشريك الذي لم يقاسم أولا ، ثم يليه الشريك المقاسم إذا بقيت في الطرق أو في الصحن شركة ، ثم الجار الملاصق . ومن العلماء من توسط فأثبتها عند الاشتراك في حق من حقوق الملك ، كالطريق والماء ونحوه ، ونفاها عند تميز كل ملك بطريق حيث لا يكون بين الملاك اشتراك ، واستدل لهذا بما رواه أصحاب السنن بإسناده صحيح عن جابر عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " الجار أحق بشفعة جاره ، ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا " . قال ابن القيم : " وعلى هذا القول تدل أحاديث جابر منطوقها ومفهومها ويزول عنها القضاء والاختلاف " . قال : " والاقوال الثلاثة في مذهب أحمد ، وأعدلها واحسنها هذا القول الثالث " انتهى . ثالثا : أن يخرج المشفوع فيه من ملك صاحبه بعوض مالي ، بأن يكون مبيعا ( 1 ) أو يكون في معنى المبيع ، كصلح عن إقرار بمال ، أو عن جناية توجبه أو هبة ببيع بعوض معلوم لانه بيع في الحقيقة . فلاشفعة فيما انتقل عنه ملكه بغير بيع كمر هوب بغير عوض وموصى به وموروث . وفي بداية المجتهد : " واختلف في الشفعة في المساقاة ، وهي تبديل أرض بأرض ، فعن مالك في ذلك ثلاث روايات : الجواز والمنع والثالث أن تكون المناقلة بين الاشراك أو الاجانب ، فلم يرها في الاشراك ورآها في الاجانب . رابعا : أن يطلب الشفيع على الفور ، أي أن الشفيع إذا علم بالبيع فإنه يجب عليه أن يطلب الشفعة حين يعلم متى كان ذلك ممكنا ، فإن علم ثم أخر الطلب من غير عذر سقط حقه فيها .
( هامش ) ( 1 ) الاحناف يرون أن الشفعة لا تكون إلا في المبيع فقط ، أخذا بظاهر الاحاديث .
والسبب في ذلك أنه لو لم يطلبها الشفيع على الفور وبقي حقه في الطلب متراخيا لكان في ذلك ضرر بالمشتري ، لان ملكه لا يستقر في المبيع ولا يتمكن من التصرف فيه بالعمارة خوفا من ضياع جهده وأخذه بالشفعة . وإلى هذا ذهب أبو حنيفة ، وهو الراجح من مذهب الشافعي وإحدى الروايات عن أحمد ( 1 ) ، وهذا ما لم يكن الشفيع غائبا ، أو لم يعلم بالمبيع ، أو كان يجهل الحكم . فإن كان غائبا أو لم يعلم بالبيع أو كان يجهل أن تأخير الطلب يسقط الشفعة فإنها لا تسقط . ويرى ابن حزم وغيره أن الشفعة تثبت حقا له بإيجاب الله فلا تسقط بترك الطلب ولو ثمانين سنة أو أكثر ، إلا إذا أسقطه بنفسه . ويرى أن القول بأن الشفعة لمن واثبها لفظ فاسد ، لا يحل أن يضاف مثله إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . وقال مالك : لا تجب على الفور بل وقت وجوبها متسع .
( هامش ) ( 1 ) أصح الروايتين عن أبي حنيفة : أن الطلب لا يجب أن يكون فور العلم بالبيع ، لان الشفيع قد يحتاج إلى التروي في الامر ، فيجب أن يمكن من ذلك . وهذا يكون بجعل الخيار له طول مجلس علمه بالبيع . فلا تبطل شفعته إلا إذا قام عن المجلس أو تشاغل عن الطلب بأمر آخر .
قال ابن رشد : واختلف قوله في هذا الوقت ، هل هو محدود أم لا ؟ فمرة قال : هو غير محدود ، وإنها لا تنقطع أبدا إلا أن يحدث المبتاع بناء أو تغيرا كثيرا بمعرفته وهو حاضر عالم ساكت . ومرة حدد هذا الوقت ، فروي عنه السنة ، وهو الاشهر ، وقيل أكثر من سنة . وقد قيل عنه : إن الخمسة أعوام لا تنقطع فيها الشفعة . خامسا : أن يدفع الشفيع للمشتري قدر الثمن الذي وقع عليه العقد فيأخذ الشفيع الشفعة بمثل الثمن إن كان مثليا أو بقيمته إن كان متقوما . ففي حديث جابر مرفوعا " هو أحق به بالثمن " رواه الجوزجاني . فإن عجز عن دفع الثمن كله سقطت الشفعة . ويرى مالك والحنابلة أن الثمن إذا كان مؤجلا كله أو بعضه فإن للشفيع تأجيله أو دفعه منجما " مقسطا " حسب المنصوص عليه في العقد ، بشرط أن يكون موسرا أو يجئ بضامن له موسر ، وإلا وجب أن يدفع الثمن حالا رعاية للمشتري . والشافعي والاحناف يرون أن الشفيع مخير ، فإن عجل تعجلت الشفعة ، وإلا تتاخر إلى وقت الاجل . سادسا : أن يأخذ الشفيع جميع الصفقة ، فإن طلب الشفيع أخذ البعض سقط حقه في الكل . وإذا كانت الشفعة بين أكثر من شفيع فتركها بعضهم فليس للباقي إلا أخذ الجميع حتى لا تتفرق الصفقة على المشتري .
الشفعة بين الشفعاء : إذا كانت الشفعة بين أكثر من شفيع وهم أصحاب سهام متفاوتة فإن كل واحد منهم يأخذ من المبيع بقدر سهمه عند مالك ، والاصح من قولي الشافعي وأحمد ، لانها حق يستفاد بسبب الملك فكانت على قدر الاملاك . وقال الاحناف وابن حزم : إنها على عدد الرؤوس لاستوائهم جميعا في سبب استحقاقها .
وراثة الشفعة : يرى مالك والشافعي ( 1 ) أي الشفعة تورث ولا تبطل بالموت ، فإذا أوجبت له الشفعة فمات ولم يعلم بها ، أو علم بها ومات قبل التمكن من الاخذ انتقل الحق إلى الوارث قياسا على الاموال . وقال أحمد : لا تورث إلا أن يكون الميت طالب بها . وقالت الاحناف : إن هذا الحق لا يورث كما أنه لا يباع وإن كان الميت طالب بالشفعة إلا أن يكون الحاكم حكم له بها ثم مات .
تصرف المشتري : تصرف المشتري في المبيع قبل أخذ الشفيع بالشفعة صحيح لانه تصرف في ملكه ، فإن باعه فللشفيع أخذه بأحذ البيعين . وإن وهبه أو وقفه أو تصدق به أو جعله صداقا ونحوه فلاشفعة ، لان فيه إضرارا بالمأخوذ منه لان ملكه يزول عنه بغير عوض والضرر لا يزال بالضرر ، أما تصرف المشتري بعد أخذ الشفيع بالشفعة فهو باطل ، لانتقال الملك للشفيع بالطلب . المشتري يبني قبل الاستحقاق بالشفعة : إذا بنى المشتري أو غرس في الجزء المشفوع فيه قبل قيام الشفعة ثم استحق عليه بالشفعة . فقال الشافعي وأبو حنيفة : للشفيع أن يعطيه قيمة البناء منقوضا ، وكذلك قيمة العرش مقلوعا أو يكلفه بنقضه . وقال مالك : لاشفعة إلا أن يعطى المشتري قيمة ما بنى وما غرس . المصالحة عن إسقاط الشفعة : إذا صالح عن حقه في الشفعة أو باعه من المشتري كان عمله باطلا ومسقطا لحقه في الشفعة ، وعليه رد ما أخذه عوضا عنه من المشتري . وهذا عند الشافعي . وعند الائمة الثلاثة يجوز له ذلك ، وله أن يتملك ما بذله له المشتري .
الوكالة تعريفها : الوكالة ( 1 ) : معناها التفويض ، تقول : وكلت أمري إلى الله ، أي فوضته إليه - وتطلق على الحفظ ، ومنه قول الله سبحانه : " حسبنا الله ونعم الوكيل ( 2 ) " . والمراد بها هنا استنابة الانسان غيره فيما يقبل النيابة . مشروعيتها : وقد شرعها الاسلام للحاجة إليها ، فليس كل إنسان قادرا على مباشرة أموره بنفسه فيحتاج إلى توكيل غيره ليقوم بها بالنيابة عنه ، جاء في القرآن الكريم قول الله سبحانه في قصة أهل الكهف : " وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم . قال قائل منهم : كم لبثتم ؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم . قالوا : ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه ، وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا " ( 1 ) . وذكر الله عن يوسف أنه قال للملك : " اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم " . وجاءت الاحاديث الكثيرة تفيد جواز الوكالة ، منها أنه ، صلى الله عليه وسلم ، وكل أبا رافع ورجلا من الانصار فزوجاه ميمونة رضي الله عنها - وثبت عنه ، صلى الله عليه وسلم ، التوكيل في قضاء الدين ، والتوكيل في إثبات الحدود واستيفائها ، والتوكيل في القيام على بدنه وتقسيم جلالها ( 2 ) وجلودها ، وغير ذلك . وأجمع المسلمون على جوازها بل على استحبابها ، لانها نوع من التعاون على البر والتقوى الذي دعا إليه القرآن الكريم وحببت فيه السنة ، يقول الله سبحانه : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان " . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه " .
( هامش ) ( 1 ) سورة الكهف الآية ( 19 ) . ( 2 ) البدن ، الحيوان البدين من ناقة أو بقر . والجلة ، البعرة .
وقد حكى صاحب البحر الاجماع على كونها مشروعة . وفي كونها نيابة أو ولاية وجهان : فقيل : نيابة ، لتحريم المخالفة ، وقيل : ولاية لجواز المخالفة إلى الاصلح ، كالبيع بمعجل وقد أمر بمؤجل .
أركانها : الوكالة عقد من العقود ، فلا تصح إلا باستيفاء أركانها من الايجاب والقبول ، ولا يشترط فيهما لفظ معين بل تصح بكل ما يدل عليهما من القول أو الفعل . ولكل واحد من المتعاقدين أن يرجع في الوكالة ويفسخ العقد في أي حال . لانها من العقود الجائزة أي غير اللازمة .
التنجيز والتعليق : وعقد الوكالة يصح منجزا ومعلقا ومضافا إلى المستقبل كما يصح مؤقتا بوقت ، أو بعمل معين ، فالمنجز مثل : وكلتك في شراء كذا . والتعليق مثل : إن تم كذا فأنت وكيلي ، والاضافة إلى المستقبل مثل : إن جاء شهر رمضان فقد وكلتك عني ، والتوقيت مثل : وكلتك مدة سنة أو لتعمل كذا . وهذا مذهب الحنفية والحنابلة ، ورأى الشافعية أنه لا يجوز تعليقها بالشرط . والوكالة قد تكون تبرعا من الوكيل وقد تكون بأجر لانه تصرف لغيره لا يلزمه فجاز أخذ العوض عليه ، وحينئذ للموكل أن يشترط عليه أن لا يخرج نفسه منها إلا بعد أجل محدود وإلا كان عليه التعويض ( 1 ) . وإن نص في العقد على أجرة للوكيل اعتبر أجيرا وسرت عليه أحكام الاجير .
شروطها : والوكالة لا تصح إلا إذا استكملت شروطها ، وهذه الشروط منها شروط خاصة بالموكل ومنها شروط خاصة بالوكيل ، ومنها شروط خاصة بالموكل فيه ، أي محل الوكالة .
شروط الموكل : ويشترط في الموكل أن يكون مالكا للتصرف فيما يوكل فيه ، فإن لم يكن مالكا للتصرف فلا يصح توكيله : كالمجنون والصبي غير المميز ، فإنه لا يصح أن يوكل واحد منهما غيره ، لان كلا منهما فاقد الاهلية ، فلا يملك التصرف ابتداء . أما الصبي المميز فإنه يصح توكيله في التصرفات النافعة له نفعا محضا ، مثل التوكيل بقبول الهبة والصدقة والوصية . فإن كانت التصرفات ضارة به ضررا محضا مثل الطلاق والهبة والصدقة فإن توكيله لا يصح . شروط الوكيل : ويشترط في الوكيل أن يكون عاقلا ،
( هامش ) ( 1 ) قالت الحنابلة : إن قال بع هذا بعشرة فما زاد فهو لك صح البيع وله الزيادة ، وهو قول إسحاق وغيزه ، وكان ابن عباس لا يرى بذلك بأسا لانه مثل المضاربة .
فلو كان مجنونا أو معتوها أو صبيا غير مميز فإنه لا يصح توكيله . أما الصبي المميز فإنه يجوز توكيله عند الاحناف لانه مثل البالغ في الاحاطة بأمور الدنيا ، ولان عمرو ابن السيدة أم سلمة زوج أمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان صبيا لم يبلغ الحلم بعد .
شروط الموكل فيه : ويشترط في الموكل فيه أن يكون معلوما للوكيل أو مجهولا جهالة غير فاحشة ، إلا إذا أطلق الموكل كأن يقول له : اشتر لي ما شئت ، كما يشترط فيه أن يكون قابلا للنيابة . ويجري ذلك في كل العقود التي يجوز للانسان أن يعقدها لنفسه : كالبيع والشراء والاجارة وإثبات الدين والعين والخصومة والتقاضي والصلح وطلب الشفعة والهبة والصدقة والرهن والارتهان والاعارة والاستعارة والزواج والطلاق وإدارة الاموال ، سواء أكان الموكل حاضرا أم غائبا وسواء أكان رجلا أم امرأة . روي البخاري عن أبي هريرة قال : كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم سن من الابل فجاء يتقاضاه فقال : أعطوه ، فطلبواله سنه فلم يجدوا إلا سنا فوقها . فقال : أعطوه . فقال : أوفيتني أوفى الله لك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن خيركم أحسنكم قضاء " . قال القرطبي : فدل هذا الحديث مع صحته على جواز توكيل الحاضر الصحيح البدن ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يعطوا عنه السن التي كانت عليه . وذلك توكيل منه لهم على ذلك ، ولم يكن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مريضا ولا مسافرا ، وهذا يرد قول أبي حنيفة وسحنون في قولهما " : إنه لا يجوز توكيل الحاضر الصحيح البدن إلا برضاء الخصم " ، وهذا الحديث خلاف قولهما . صابط ما تجوز فيه الوكالة : وقد وضع الفقهاء ضابطا لما تجوز فيه الوكالة فقالوا : كل عقد جاز أن يعقده الانسان لنفسه جاز أن يوكل به غيره ،
أما ما لا تجوز فيه الوكالة ، فكل عمل لا تدخله النيابة ، مثل الصلاة والحلف والطهارة ، فإنه لا يجوز في هذه الحالات أن يوكل الانسان غيره فيها لان الغرض منها الابتلاء والاختبار وهو لا يحصل بفعل الغير .
الوكيل أمين : ومتى تمت الوكالة كان الوكيل أمينا فيما وكل فيه فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط ، ويقبل قوله في التلف كغيره من الامناء ( 1 ) .
( هامش ) ( 1 ) ومن صور التفريط أن يبيع السلعة ويسلمها قبل قبض الثمن أو أن يستعمل العين استعمالا خاصا أو أن يضعها في غير حرز .
التوكيل بالخصومة : ويصح التوكيل بالخصومة في إثبات الديون والاعيان وسائر حقوق العباد ، سواء أكان الموكل مدعيا أم مدعى عليه ، وسواء أكان رجلا أم امرأة ، وسواء رضي الخصم أم لم يرض ، لان المخاصمة حق خالص للموكل ، فله‌أن يتولاه بنفسه وله أن يوكل عنه غيره فيه ، وهل يملك الوكيل بالخصومة الاقرار على موكله ؟ وهل له الحق في قبض المال الذي يحكم به له ؟ والجواب عن ذلك نذكره فيما يلي :
يتبع .....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:57 am

إقرار الوكيل على موكله : إقرار الوكيل على موكله في الحدود والقصاص لا يقبل مطلقا ، سواء أكان بمجلس القضاء أم بغيره . وأما إقراره في غير الحدود والقصاص ، فإن الائمة اتفقوا على أنه لا يقبل في غير مجلس القضاء ، واختلفوا فيما إذا أقر عليه بمجلس القضاء فقال الائمة الثلاثة : لا يصح ، لانه إقرار فيما لا يملكه ، وقال أبو حنيفة : " يصح إلا إن شرط عليه ألا يقر عليه " .
الوكيل بالخصومة ليس وكيلا بالقبض : والوكيل بالخصومة ليس وكيلا بالقبض ، لانه قد يكون كفئا للتقاضي والمخاصمة ولايكون أمينا في قبض الحقوق ، وهذا ما ذهب إليه الائمة الثلاثة ، خلافا للاحناف الذين يرون أن له قبض المال الذي يحكم به لموكله ، لان هذا من تمام الخصومة ولا تنتهي إلا به ، فيعتبر موكلا فيه .
التوكيل باستيفاء القصاص : ومما اختلف العلماء فيه التوكيل باستيفاء القصاص ، فقال أبو حنيفة : لا يجوز إلا إذا كان الموكل حاضرا ، فإذا كان غائبا فإنه لا يجوز لانه صاحب الحق ، وقد يعفو لو كان حاضرا فلا يجوز استيفاء القصاص مع وجود هذه الشبهة ، وقال مالك : يجوز ولو لم يكن الموكل حاضرا . وهذا أصح قولي الشافعي ، وأظهر الروايتين عن أحمد .
الوكيل بالبيع : ومن وكل غيره ليبيع له شيئا وأطلق الوكالة فلم يقيده بثمن معين ولا أن يبيعه معجلا أن مؤجلا فليس له أن يبيعه إلا بثمن المثل ولا أن يبيعه مؤجلا ، فلو باعه بما لا يتغابن الناس بمثله أو باعه مؤجلا لم يجز هذا البيع إلا برضا الموكل ، لان هذا يتنافي مع مصلحته فيرجع فيه إليه ، وليس معنى الاطلاق أن يفعل الوكيل ما يشاء ، بل معناه الانصراف إلى البيع المتعارف لدى التجار وبما هو أنفع للموكل ، قال أبو حنيفة : يجوز أن يبيع كيف شاء نقداأو نسيئة ، وبدون ثمن المثل وبما لا يتغابن الناس بمثله وبنقد البلد وبغير نقده ، لان هذا هو معنى الاطلاق . وقد يرغب الانسان في التخلص من بعض ما يملك ببيعه ولو بغبن فاحش . هذا إذا كانت الوكالة مطلقة ، فإذا كانت مقيدة فإنه يجب على الوكيل أن يتقيد بما قيده به الموكل ، ولايجوز مخالفته إلا إذا خالفه إلى ما هو خير للموكل ، فإذا قيده بثمن معين فباعه بأزيد ، أو قال بعه مؤجلا فباعه حالا صح هذا البيع . فإذا لم تكن المخالفة إلى ما هو خير للموكل كان تصرفه باطلا عند الشافعي ، ويرى الاحناف أن هذا التصرف يتوقف على رضا الموكل فإن أجازه صح وإلا فلا ( 1 ) شراء الوكيل من نفسه لنفسه : وإذا وكل في بيع شئ هل يجوز له أن يشتريه لنفسه ؟ . قال مالك : للوكيل أن يشتري من نفسه لنفسه بزيادة في الثمن . وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في أظهر روايتيه : لا يصح شراء
( هامش ) ( 1 ) وعند الحنابلة ، أن الوكيل إذا اشترى بأكثر من ثمن المثل أو الثمن الذي قدره له الموكل بما لا يتغابن الناس فيه عادة صح الشراء للموكل وضمن الوكيل الزيادة . والبيع كالشراء في صحته ، وضمان الوكيل النقص في الثمن أماما يتغابن فيه الناس عادة فعفو لا يضمنه .
الوكيل من نفسه لنفسه ، لان الانسان حريص بطبعه على أن يشتري لنفسه رخيصا ، وغرض الموكل الاجتهاد في الزيادة ، وبين الغرضين مضادة .
التوكيل بالشراء : الوكيل بالشراء إن كان مقيدا بشروط اشترطها الموكل وجب مراعاة تلك الشروط ، سواء أكانت راجعة إلى ما يشترى أو إلى الثمن ، فإن خالف فاشترى غير ما طلب منه شراؤه ، أو اشترى بثمن أزيد مما عينه الموكل كان الشراء له دون الموكل ، فإن خالف إلى ما هو أفضل جاز ، فعن عروة البارقي ، رضي الله عنه ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أعطاه دينارا يشتري به ضحية أو شاة ، فاشترى شاتين فباع إحداهما بدينار فأتاه بشاة ودينار ، فدعا له بالبركة في بيعه ، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه . رواه البخاري وأبو داود والترمذي . وفي هذا دليل على أنه يجوز للوكيل إذا قال له المالك : اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها أن يشتري به شاتين بالصفة المذكورة ، لان مقصود الموكل قد حصل ، وزاد الوكيل خيرا ، ومثل هذا لو أمره أن يبيع شاة بدرهم فباعها . بدرهمين أو أن يشتريها بدرهم فاشتراها بنصف درهم . وهو الصحيح عند الشافعية كما نقله النووي في زيادة الروضة . . . . وإن كانت الوكالة مطلقة فليس للوكيل أن يشتري بأكثر من ثمن المثل أو بغبن فاحش ، وإذا خالف كان تصرفه غير نافذ على الموكل ووقع الشراء للوكيل نفسه .
انتهاء عقد الوكالة : ينتهي عقد الوكالة بما يأتي : 1 - موت أحد المتعاقدين أو جنونه ، لان من شروط الوكالة الحياة والعقل ، فإذا حدث الموت أو الجنون فقد فقدت ما يتوقف عليه صحتها . 2 - إنهاء العمل المقصود من الوكالة ، لان العمل المقصود إذا كان قد انتهى فإن الوكالة في هذه الحال تصبح لا معنى لها . . . 3 - عزل الموكل للوكيل ولو لم يعلم ( 1 ) . ويرى الاحناف : أنه يجب أن يعلم الوكيل بالعزل ، وقبل العلم تكون تصرفاته كتصرفاته قبل العزل في جميع الاحكام . 4 - عزل الوكيل نفسه . ولا يشترط علم الموكل بعزل نفسه أو حضوره ، والاحناف يشترطون ذلك حتى لا يضار . 5 - خروج الموكل فيه عن ملك الموكل .
( هامش ) ( 1 ) وهذا عند الشافعي والحنابلة ، ويكون ما بيده بعد العزل أمانة .
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 4:58 am

العارية
تعريفها : العارية ( 1 ) عمل من أعمال البر التي ندب إليها الاسلام ورغب فيها . يقول الله سبحانه : " وتعاونوا على البر والتقوي ولا تعاونوا على الاثم والعدوان " ( 2 ) . وقال أنس ، رضي الله عنه : كان فزع بالمدينة فاستعار النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فرسا من أبي طلحة يقال له : المندوب ، فركبه فلما رجع قال : " ما رأينا من شئ وإن وجدناه لبحرا " . وقد عرفها الفقهاء بأنها إباحة المالك منافع ملكه لغيره بلا عوض .
بم تنعقد : وتنعقد بكل ما يدل عليها من الاقوال والافعال .
شروطها : ويشترط لها الشروط الآتية : 1 - أن يكون المعير أهلا للتبرع . 2 - أن تكون العين منتفعا بها مع بقائها . 3 - أن يكون النفع مباحا .
إعارة الاعارة وإجارتها : ذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن المستعير له إعارة العارية وإن لم يأذن المالك إذا كان مما لا يختلف باختلاف المستعمل . وعند الحنابلة أنه متى تمت العارية جاز للمستعير أن ينتفع بها بنفسه أو بمن يقوم مقامه ، إلا أنه لا يؤجرها ولا يعيرها إلا بإذن المالك . فإن أعارها بدون إذنه فتلفت عند الثاني فللمالك أن يضمن أيهما شاء ، ويستقر الضمان على الثاني لانه قبضها على أنه ضامن لها وتلفت في يده ، فاستقر الضمان عليه ، كالغاصب من الخاصب .
متى يرجع المعير : وللمعير أن يسترد العارية متى شاء ، ما لم يسبب ضررا للسمتعير . فإن كان في استردادها ضرر بالمستعير أجل حتى يتقي ما يتعرض له من ضرر .
وجوب ردها : ويجب على المستعير أن يرد العارية التي استعارها بعد استيفاء نفعها لقول الله سبحانه : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها " ( 1 ) . وعن أبي هريرة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " أد الامانة إلى من أئتمنك ولا تخن من خانك " . أخرجه أبو داود ، والترمذي وصححه ، والحاكم وحسنه . وروى أبو داود والترمذي وصححه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العارية مؤداة " ( 2 ) . إعارة ما لا يضر المعير وينفع المستعير : نهى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن يمنع الانسان جاره من غرز خشبة في جداره ما لم يكن في ذلك ضرر يصيب الجدار . فعن أبي هريرة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لايمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره " . قال أبو هريرة : مالي أراكم عنها معرضين ، والله لارمين بها بين أكتافكم . رواه مالك . واختلف العلماء في معنى الحديث ، هل هو على المندب إلى تمكين الجار من وضع الخشب على جدار جاره أم على الايجاب . وفيه قولان للشافعي وأصحاب مالك ، أصحهما في المذهبين الندب ، وبه قال أبو حنيفة والكوفيون ، والثاني الايجاب وبه قال أحمد وأبو ثور وأصحاب الحديث وهو ظاهر الحديث ، ومن قال بالندب قال : ظاهر الحديث أنهما توقفوا عن العمل ، فلهذا قال : مالي أراكم عنها معرضين . وهذا يدل على أنهم فهموا منه الندب لا الايجاب ، ولو كان واجبا لما أطبقوا على الاعراض عنه . والله أعلم . ويدخل في هذا كل ما ينتفع به المستعير ولاضرر فيه على المعير ، فإنه لا يحل منعه وإذا منعه صاحبه قضى الحاكم به . لما رواه مالك عن عمر بن الخطاب أن الضحاك ابن قيس ساق خليجا له من العريض فأراد أن يمر في أرض محمد بن مسلمة ، فأبى محمد - فقال له الضحاك : أنت تمنعني وهو لك منفعة - تسقي منه أولا وآخرا ولا يضرك ؟ فأبى محمد . فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب ، فدعا عمر محمد بن مسلمة ، فأمره أن يخلي سبيله ، قال محمد : لا ، فقال عمر : لا تمنع أخاك ما ينفعه ولا يضرك ، فقال محمد : لا - فقال عمر : والله ليمرن به ولو على بطنك ، فأمره عمر أن يمر به - ففعل الضحاك . ولحديث عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال : كان في حائط جدي ربيع لعبد الرحمن بن عوف فأراد أن يحوله إلى ناحية من الحائط فمنعه صاحب الحائط . فكلم عمر بن الخطاب - فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله . وهذا مذهب الشافعي وأحمد وأبي ثور وداود وجماعة أهل الحديث . ويرى أبو حنيفة ومالك : أنه لا يقضي بمثل هذا ، لان العارية لا يقضى بها . والاحاديث المتقدمة ترجح الرأي الاول .
ضمان المستعير : ومتى قبض المستعير العارية فتلفت ضمنها ، سواء فرط أم لم يفرط . وإلى هذا ذهب ابن عباس وعائشة وأبو هريرة والشافعي وإسحاق . ففي حديث سمرة ، رضي الله عنه ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " على اليد ما أخذت حتى تودي " ( 1 ) . وذهب الاحناف والمالكية إلى أن المستعير لا يضمن إلا بتفريط منه ، لقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم : " ليس على المستعير غير المغل ( 2 ) ضمان ، ولا المستودع غير المغل ضمان " . أخرجه الدارقطني .
( هامش ) ( 1 ) أي اليد ضمان ما أخذت حتى ترده إلى مالكه . ( 2 ) المغل : الخائن .
الوديعة تعريفها : الوديعة مأخوذة من ودع الشئ بمعنى تركه . وسمي الشئ الذي يدعه الانسان عند غيره ليحفظه له بالوديعة ، لانه يتركه عند المودع .
حكمها : والايداع والاستيداع جائزان ، ويستحب قبولها لمن يعلم عن نفسه القدرة على حفظها ، ويجب على المودع أن يحفظها في حرز مثلها . والوديعة أمانة عند المودع يجب ردها عندما يطلبها صاحبها ، يقول الله سبحانه : " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اوتمن أمانته وليتق الله ربه " ( 1 ) . وقد تقدم حديث " أد الامانة إلى من ائتمنك . . . الخ " ضمانها : ولا يضمن المودع إلا بالتقصير أو الجناية منه على الوديعة ، للحديث المتقدم الذي رواه الدارقطني في الباب المتقدم . وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من أودع وديعة فلاضمان عليه " . رواه ابن ماجه . وفي حديث رواه البيهقي : " لا ضمان على مؤتمن " . وقضى أبو بكر رضي الله عنه في وديعة كانت في جراب فضاعت من خرق الجراب أن لا ضمان فيها . وقد استودع عروة بن الزبير أبا بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام ما لا من مال بني مصعب ، قال : فأصيب المال عند أبي بكر ، أو بعضه ، فأرسل إليه عروة : أن لا ضمان عليك ، إنما أنت مؤتمن . فقال أبو بكر : قد علمت أن لا ضمان علي . ولكن لم تكن لتحدث قريشا أن أمانتي قد خربت . ثم إنه باع مالا له فقضاه .
قبول قول المودع مع يمينه : وإذا ادعى المودع تلف الوديعة دون تعد منه فإنه يقبل قوله مع يمينه . قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه : أن المودع إذا أحرزها ثم ذكر أنها ضاعت أن القول قوله .
ادعاء سرقة الوديعة : وفي مختصر الفتاوى لابن تيمية : " من ادعى أنه حفظ الوديعة مع ماله فسرقت دون ماله كان ضامنا لها " . وقد ضمن عمر ، رضي الله عنه ، أنس بن مالك ، رضيا لله عنه ، وديعة ادعى أنها ذهبت دون ماله .
من مات وعنده وديعة لغيره : من مات وثبت أن عنده وديعة لغيره ولم توجد فهي دين عليه تقضى من تركته . وإذا وجدت كتابة بخطه وفيها إقرار بوديعة ما فإنه يؤخذ بها ويعتمد عليها ، فإن الكتابة تعتبر كالاقرار سواء بسواء متى عرف خطه .
الغصب تعريفه : جاء في القرآن الكريم : " أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا " ( 1 ) . والغصب هو أخذ شخص حق غيره والاستيلاء عليه عدوانا وقهرا عنه ( 2 ) .
حكمه : وهو حرام يأثم فاعله ، يقول الله سبحانه :
( هامش ) ( 1 ) سورة الكهف آية رقم 79 . ( 2 ) إن أخذ المال سرا من حرز مثله كان سرقه ، وإن أخذ مكابرة كان محاربة ، وإن أخذ استيلاء كان اختلاسا ، وإن أخذ ممن كان له مؤتمنا عليه كان خيانة .
" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " ( 1 ) . 1 - وفي خطبة الوداع التي رواها البخاري ومسلم قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا " . 2 - وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة ( 2 ) يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن " . 3 - وعن السائب بن يزيد عن أبيه ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولالاعبا ، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه " . أخرجه أحمد وأبو داود ، والترمذي وحسنه . 4 - وعند الدارقطني من طريق أنس مرفوعا إلى النبي
( هامش ) ( 1 ) سورة البقرة آية رقم 188 . ( 2 ) النهبة وزن غرفة : الشئ المنهوب .
صلى الله عليه وسلم : " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " . 5 - وفي الحديث : " من أخذ مال أخيه بيمينه أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة . . . فقال رجل : يا رسول الله وإن كان شيئا يسيرا ؟ قال : وإن كان عودا من أراك " . 6 - وروى البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من ظلم شبرا من الارض طوقه الله من سبع أرضين " .
يتبع..
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:01 am

زرع الارض أو غرسها أو البناء عليها غصبا : ومن زرع في أرض مغصوبة فالزرع لصاحب الارض وللغاصب النفقة ، هذا إذا لم يكن الزرع قد حصد ، فإذا كان قد حصد فليس لصاحب الارض بعد الحصد إلا الاجرة . أما إذا كان غرس فيها فإنه يجب قلع ما غرسه وكذلك إذا بنى عليها فإنه يجب هدم ما بناه . ففي حديث رافع بن خديج ، أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ ، وله نفقته " . رواه أبو داود وابن ماجه ، والترمذي وحسنه ، وأحمد وقال : إنما أذهب إلى هذا الحكم استحسانا على خلاف القياس . وأخرج أبو داود والدارقطني من حديث عروة بن الزبير أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من أحيا أرضا فهي له وليس لعرق ظالم حق " . قال : ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر . فقضى لصاحب الارض بأرضه . وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها ، قال : فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالفئوس وإنها لنخل عم " . چحرمة الانتفاع بالمغصوب : وما دام الغصب حراما فإنه لا يحل الانتفاع بالمغصوب بأي وجه من وجوه الانتفاع ، ويجب رده إن كان قائما بنمائه ( 1 ) سواء أكان متصلا أم منفصلا . ففي حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " على اليد ( 2 ) ما أخذت حتى تؤديه " .
( هامش ) ( 1 ) فإن كان النتاج مستولدا من الغاصب فمن العلماء من يجعل النماء مقاسمة بين المالك والغاصب كالمضاربة . ( 2 ) أي على اليد ضمان ما أخذت .
أخرجه أحمد وأبو داود ، والحاكم وصححه ، وابن ماجه . فإن هلك وجب على الغاصب رد مثله أو قيمته سواء أكان التلف بفعله أو بآفة سماوية . وذهبت المالكية إلى أن العروض والحيوان وغيرها ، مما لا يكال ولا يوزن ، يضمن بقيمته إذا غصب وتلف . وعند الاحناف والشافعية أن على من استهلكه أو أفسده ضمان المثل ، ولا يعدل عنه إلا عند عدم المثل . واتفقوا على أن المكيل والموزون إذا غصبا وحدث التلف ضمن مثله إذا وجد مثله ، لقوله تعالى : " فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ( 1 ) " . ومؤونة الرد وتكاليفه على الغاصب بالغة ما بلغت . وإذانقص المغصوب وجب رد قيمة النقص ، سواء أكان النقص في العين أو الصفة . الدفاع عن المال : ويجب على الانسان أن يدفع عن ماله متى أراد غيره أن ينتهبه ، ويكون الدفع بالاخف ، فإن لم ينفع الاخف دفع بالاشد ، ولو أدى ذلك إلى المقاتلة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد " . رواه البخاري ومسلم والترمذي . من وجد ماله عند غيره فهو أحق به : ومتى وجد المغصوب منه ماله عند غيره كان أحق به ولو كان الغاصب باعه لهذا الغير ، لان الغاصب حين باعه لم يكن مالكاله ، فعقد البيع لم يقع صحيحا . وفي هذه الحال يرجع المشتري على الغاصب بالثمن الذي أخذه منه . روى أبو داود والنسائي عن سمرة ، رضيا لله عنه ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به ، ويتبع البيع من باعه - أي يرجع المشتري على البائع .
فتح باب القفص : من فتح باب قفص فيه طير ونفره ضمن . واختلفوا فيما إذا فتح القفص عن الطائر فطار ، أو حل عقال البعير فشرد . فقال أبو حنيفة : لا ضمان عليه على كل وجه . وقال مالك و أحمد : عليه الضمان سواء خرج عقيبه أو متراخيا . وعن الشافعي قولان : في القديم : لا ضمان عليه مطلقا . وفي الجديد : إن طار عقيب الفتح وجب الضمان ، وإن وقف ثم طار لم يضمن .
اللقيط تعريفه : اللقيط هو الطفل غير البالغ الذي يوجد في الشارع أو ضال الطريق ولايعرف نسبه .
حكم التقاطه : والتقاطه فرض من فروض الكفاية ، كغيره من كل شئ ضائع لا كافل له ، لان في تركه ضياعه . ويحكم بإسلامه متى وجد في بلاد المسلمين .
من الاولى باللقيط : والذي يجده هو الاولى بحضانته إذا كان حرا عدلا أمينا رشيدا ، وعليه أن يقوم بتربيته وتعليمه روى سعيد بن منصور في سننه ، أن سنين بن جميلة قال : وجدت ملقوطا فأتيت به عمر بن الخطاب ، فقال عريفي : يا أمير المؤمنين ، إنه رجل صالح . فقال عمر : أكذلك هو ؟ قال : نعم . قال : اذهب به ، وهو حر ولك ولاؤه ( 1 ) ، وعلينا نفقته ، وفي لفظ : وعلينا رضاعه . فإن كان في يد فاسق أو مبذر أخذ منه وتولى الحاكم أمر تربيته .
النفقة عليه : وينفق عليه من ماله إن وجد معه مال ، فإن لم يوجد معه مال ، فنفقته من بيت المال لان بيت المال معد لحوائج المسلمين ، فإن لم يتيسر فعلى من علم بحاله أن ينفق عليه ، لان ذلك إنقاذ له من الهلاك ، ولا يرجع على بيت المال إلا إذا كان القاضي أذن له بالنقة عليه ، فإن لم يكن أذن له كانت نفقته تبرعا .
ميراث اللقيط : وإذا مات اللقيط وترك ميراثا ولم يخلف وارثا كان ميراثه لبيت المال ، وكذلك ديته تكون لبيت المال إذاقتل ، وليس لملتقطه حق ميراثه .
ادعاء نسبه : ومن ادعى نسبه من ذكر أو أنثى ألحق به متى كان وجوده منه ممكنا ، لما فيه من مصلحة اللقيط دون ضرر يلحق بغيره ، وحينئذ يثبت نسبه وإرثه لمدعيه . فإن ادعاه أكثر من واحد ثبت نسبه لن أقام البينة على دعواه فإن لم يكن لهم بينة أو أقامها كل واحد منهم عرض على القافة الذين يعرفون الانساب بالشبه ، ومتى
( هامش ) ( 1 ) ولك ولاؤه : أي ولايته وحضانته .
حكم ينسبه قائف واحد أخذ بحكمه متى كان مكلفا ذكرا عدلا مجربا في الاصابة . فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " دخل علي النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مسرور اتبرق أسارير وجهه فقال : ألم تري أن مجززا المدلجي نظر آنفا إلى زيد وأسامة وقد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما ، فقال : إن هذه الاقدام بعضها من بعض " رواه البخاري ومسلم . فإن لم يتيسر ذلك اقترعوا بينهم ، فمن خرجت قرعته كان له . وقال الحنفية : لا يعمل بالقائف ولا بالقرعة ، بل لو تساوي جماعة في ولد وكان مشتركا بينهم ورث كل منهم كابن كامل ، وورثوه جميعا كأب واحد .
اللقطة تعريفها : اللقطة هي كل مال معصوم معرض للضياع لايعرف مالكه . وكثيرا ما تطلق على ما ليس بحيوان ، أما الحيوان فيقال له : ضالة .
حكمها : أخذ اللقطة مستحب . وقيل : يجب . وقيل : إن كانت في موضع يأمن عليها الملتقط إذ تركها استحب له الاخذ . فإن كانت في موضع لا يأمن عليها فيه إذا تركها وجب عليه التقاطها ، وإذا علم من نفسه الطمع فيها حرم عليه أخذها . وهذا الاختلاف بالنسبة للحر البالغ العاقل ، ولو لم يكن مسلما . أما غير الحر والصبي وغير العاقل فليس مكلفا بالتقاط اللقطة . والاصل في هذا الباب ما جاء عن زيد بن خالد ، رضي الله عنه ، قال : جاء رجل إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن اللقطة فقال : " اعرف عفاصها ( 1 ) ، ووكاءها ( 2 ) ، ثم عرفها سنة ، فإن جاء صاحبها ، وإلا شأنك بها ( 3 ) قال : فضالة الغنم ؟ قال : هي لك أو لاخيك ( 4 ) أو للذئب ( 5 ) . قال : فضالة الابل ؟ قال : مالك ولها ( 6 ) معها سقاؤها ( 7 ) وحذاؤها ( 8 )
( هامش ) ( 1 ) العفاص : الوعاء الذي يكون فيه الشئ من جلد أو نسيج أو خشب أو غيره . ( 2 ) الوكاء . الخيط الذي يشد به على رأس الكيس والصرة . والمقصود من معرفة العفاص والوكاء تمييزهما عن غيرهما حتى لا تختلط اللقطة بمال الملتقط ، وحتى يستطيع إذا جاءه صاحبها أن يستوصفه العلامات التي تميزها عن غيرها ليتبين صدقه من كذبه . ( 3 ) تصرف فيها . ( 4 ) أي صاحبها أو ملتقط آخر . ( 5 ) كل حيوان مفترس . ( 6 ) دعها وشأنها . ( 7 ) السقاء ، وعاء الماء ، والمراد به هنا كرشها الذي تختزن فيه الماء . ( 8 ) أخفافها .
وترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها " . رواه البخاري وغيره بألفاظ مختلفة . لقطة الحرم : وهذه في غير لقطة الحرم . أما لقطته فيحرم أخذها إلا لتعريفها ، لقوله ، صلى الله عليه وسلم : " ولا يلتقط لقطتها ( 1 ) إلا من عرفها " . وقوله : " لا يرفع لقطتها إلا منشد " أي المعرف بها ( 2 ) .
التعريف بها : يجب على ملتقطها أن يتبين علاماتها التي تميزها عن غيرها من وعاء ورباط ، وكذا كل ما اختصت به من نوع وجنس ومقدار ( 3 ) . ويحفظها كما يحفظ ماله ويستوي في ذلك الحقير والخطير . وتبقى وديعة عنده لا يضمنها إذا هلكت إلا بالتعدي ، ثم ينشر نبأها في مجتمع الناس بكل وسيلة في الاسواق وفي غيرها من الاماكن حيث يظن أن ربها هناك .
( هامش ) ( 1 ) أي مكة . ( 2 ) ويصح إعطاء اللقطة للحكومة إذا كانت في الجهة التي وجدت فيها حكومة أمينة فيها محل لحفظها ومشهور بين الناس لان ذلك أحفظ لها وأيسر على الناس . ( 3 ) أي كيل أو وزن أو ذرع
فإن جاء صاحبها وعرف علاماتها والامارات التي تميزها عما عداها حل للملتقط أن يدفعها إليه وإن لم يقم البينة . وإن لم يجئ عرفها الملتقط مدة سنة . فإن لم يظهر بعد سنة حل له أن يتصدق بها أو الانتفاع بها ، سواء أكان غنيا أم فقيرا ، ولا يضمن . لما رواه البخاري والترمذي عن سويد بن غفلة قال : لقيت أوس بن كعب فقال : وجدت صرة فيها مائة دينار ، فأتيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : عرفها حولا . فعرفتها فلم أجد ، ثم أتيته ثلاثا فقال : احفظ وعاءها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها . وسئل رسول الله في اللقطة توجد في سبيل العامرة ، قال : عرفها حولا ، فإن وجدت باغيها فأدها إليه ، وإلا فهي لك . قال : ما يوجد في الخراب ؟ قال : فيه وفي الركاز الخمس " . قال ابن القيم : والافتاء بما فيه متعين ، وإن خالفه من خالفه فإنه لم يعارضه ما يوجب تركه .
استثناء المأكول والحقير من الاشياء : وهذا بالنسبة لغير المأكول وغير الحقير من الاشياء . فأن المأكول لا يجب التعريف به ويجوز أكله ، فعن أنس أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مر بثمرة في الطريق فقال : " لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لاكلتها " رواه البخاري ومسلم . وكذلك الشئ الحقير لايعرف سنة بل يعرف زمنا يظن أن صاحبه لا يطلبه بعده ، وللملتقط أن ينتفع به إذا لم يعرف صاحبه . فعن جابر ، رضي الله عنه ، قال : " رخص لنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به " أخرجه أحمد وأبو داود . وعن علي ، كرم الله وجهه ، أنه جاء إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بدينار وجده في السوق ، فقال النبي صلى عليه وسلم : عرفه ثلاثا ففعل فلم يجد أحدا يعرفه ، فقال : كله " . أخرجه عبد الرزاق عن أبي سعيد .
ضالة الغنم : ضالة الغنم ونحوها يجوز أخذها لانها ضعيفة ومعرضة للهلاك وافتراس الوحوش . ويجب تعريفها ، فإن لم يطلبها صاحبها كان للملتقط أن يأخذها وغرم لصاحبها . وقالت المالكية : إنه يملكها بمجرد الاخذ ولاضمان عليه ، ولو جاء صاحبها ، لان الحديث سوى بين الذئب والملتقط ، والذئب لاغرامة عليه فكذلك الملتقط . وهذا الخلاف في حالة ما إذا جاء صاحبها بعد أكلها . أما إذا جاء قبل أن يأكلها الملتقط ردت إليه بإجماع العلماء .
ضالة الابل والبقر والخيل والبغال والحمير : اتفق العلماء على أن ضالة الابل لا تلتقط ، ففي البخاري ومسلم عن زيد بن خالد أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سئل عن ضالة الابل ، فقال : " مالك ولها ، دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها " . أي أن ضالة الابل مستغنية عن الملتقط وحفظه ، ففي طبيعتها الصبر على العطش والقدرة على تناول المأكول من الشجر بغير مشقة لطول عنقها فلاتحتاج إلى ملتقط ، ثم إن بقاءها حيث ضلت يسهل على صاحبها العثور عليه بدل أن يتفقدها في إبل الناس . وقد كان الامر على هذا حتى عهد عثمان ، رضي الله عنه ، فلما كان عثمان رأى التقاطها وبيعها ، فإن جاء صاحبها أخذ ثمنها . قال ابن شهاب الزهري : " كانت ضوال الابل في زمان عمر بن الخطاب إبل مؤيلة ( 1 ) حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها ثم تباع ، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها " . رواه مالك في الموطأ .
على أن الامام عليا كرم الله وجهه أمر بعد عثمان أن يبني لها بيت يحفظها فيه ويعلفها علفا لا يسمنها ولا يهزلها ، ثم من يقيم البينة على أنه صاحب شئ منها تعطى له ، وإلا بقيت على حالها لا يبيعها . واستحسن ذلك ابن المسيب . وأما البقر والخيل والبغال والحمير فهي مثل الابل عند الشافعي ( 2 ) وأحمد . وروى البيهقي أن المنذر بن جرير قال : كنت مع أبي بالبوازيج ( 3 ) بالسواد ، فراحت البقر فرأى بقرة أنكرها فقال : ما هذه البقرة ؟ قالوا : بقرة لحقت بالبقر فأمر بها فطردت حتى توارت ، ثم قال : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : " لا يأوي الضالة إلا ضال " ( 4 ) .
( هامش ) ( 1 ) كثيرة متخذ للقنية . ( 2 ) واستثنى الشافعي الصغار منها وقال : يجوز التقاطها . ( 3 ) بلد قديم على دجلة فوق بغداد . ( 4 ) أي لا يأوي الضالة من الابل والبقر التي تستطيع حماية نفسها وتقدر على التنقل في طلب الكلا والماء إلا ضال .
وقال أبو حنيفة : يجوز التقاطها . وقال مالك : " يلتقطها إن خاف عليها من السباع وإلا فلا " . النفقة على اللقطة : وما أنفقه الملتقط على اللقطة فإنه يسترده من صاحبها ، اللهم إلا إذا كانت النفقة نظير الانتفاع بالركوب أو الدر .
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:02 am

الاطعمة

تعريفها : الاطعمة جمع طعام ، وهي ما يأكله الانسان ويتغذى به من الاقوات وغيرها . وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى : " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " ( 1 ) أي على آكل يأكله . ولا يحل منها إلا ما كان طيبا تتوقه النفس . يقول الله تعالى : " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات " ( 2 ) . والمقصود بالطيب هنا ما تستطيبه النفس وتشتهيه وهذا مثل قول الله تعالى :" ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " ( 1 ) . والطعام ، منه ما هو جماد ، ومنه ما هو حيوان . فالجماد حلال كله ما عدا النجس والمتنجس والضار والمسكر وما تعلق به حق الغير . فالنجس مثل الدم والمتنجس ( 2 ) كالسمن الذي ماتت فيه فأرة ، لحديث الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، الذي رواه البخاري عن ميمونة أنه سئل عن سمن وقعت فيه فأرة فقال : " القوها ، وما حولها فاطرحوه ، وكلوا سمنكم " . وقد أخذ من هذا الحديث أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه إذا تحقق أن شيئا من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك منه . وأما المائع فإنه ينجس بملاقاة النجاسة ( 3 ) . والضار من السموم وغيرها . فالسموم مثل السموم المستخرجة من العقارب والنحل والحيات السامة وما يستخرج
( 1 ) سورة الاعراف آية رقم 157 . ( 2 ) المختلط بالنجاسة . ( 3 ) روى الزهري والاوزاعي وابن عباس وابن مسعود والبخاري أن المائع إذا وقعت فيه النجاسة فإنه لا ينجس إلا إذا تغير بالنجاسة . فإن لم يتغير فهو طاهر .
من النبات السام والجماد كالزرنيخ ، لقول الله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " ( 1 ) . وقوله جل شأنه : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ( 2 ) . وقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الذي رواه أبو هريرة : " من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا . " ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " رواه البخاري . وإنما يحرم من السموم القدر الذي يضر . وأما ما يحرم للضرر من غير السموم مثل الطين والتراب والحجر والفحم بالنسبة لمن يضره تناولها فلقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، : " لا ضر ولا ضرار " رواه أحمد وابن ماجه . ويدخل في هذا الباب " الدخان " فإنه ضار بالصحة وفيه تبذير وضياع للمال ، والمسكر مثل الخمر وغيرها من المخدرات . وما تعلق به حق الغير مثل المسروق والمغصوب فإنه لا يحل شئ من ذلك كله . والحيوان منه ما هو بحري ( 1 ) ومنه ما هو بري ( 2 ) . فأما البحري فهو حلال كله . والحيوان البري : منه ما هو حلال أكله ومنه ما هو حرام . وقد فصل الاسلام ذلك كله وبينه بيانا وافيا ، مصداقا لقول الله عزوجل : " وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه " ( 3 ) . وقد جاء هذا التفصيل مشتملا على أمور ثلاثة : الامر الاول : النص على المباح . الامر الثاني : النص على الحرام . الامر الثالث : ما سكت عنه الشارع .
( 1 ) الحيوان البحري ما كان ساكنا في البحر بالفعل . ( 2 ) الحيوان البري ما يعيش في البر من الدواب والطيور .
ما نص الشارع على أنه مباح : وما نص الشارع على أنه مباح نذكره فيما يلي : الحيوان البحري : الحيوان البحري حلال كله - ولا يحرم منه إلا ما فيه سم للضرر ، سواء أكان سمكا أم كان من غيره وسواء اصطيد أم وجد ميتا ، وسواء أصاده مسلم أم كتابي أم وثني ، وسواء أكان مما له شبه في البر أم لم يكن له شبه . والحيوان البحري لا يحتاج إلى تزكية . والاصل في ذلك قول الله عزوجل : " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة " ( 1 ) قال ابن عباس : " صيد البحر وطعامه : ما لفظ البحر " رواه الدار قطني . وروى عنه في معنى طعامه " ميتته " لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سأل رجل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : يارسول الله ، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هو الطهور ماؤه والحل ميتته " .رواه الخمسة . وقال الترمذي : هذا الحديث حسن صحيح . وسألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال : حديث صحيح .
السمك المملح : كثيرا ما يخلط السمك بالملح ليبقى مدة طويلة بعيدا عن الفساد ويتخذ من أصنافه المختلفة : السردين ، والفسيخ ، والرنجة ، والملوحة . وكل هذه طاهرة ويحل أكلها ما لم يكن فيه ضرر فإنه يحرم لضرره بالصحة حينئذ . قال الدرديري - رضي الله عنه - من شيوخ المالكية : " الذي أدين الله به أن الفسيخ طاهر لانه لا يملح ولا يرضخ إلا بعد الموت ، والدم المسفوح لا يحكم بنجاسته إلا بعد خروجه ، وبعد موت السمك إن وجد فيه دم يكون كالباقي في العروق بعد الذكاة الشرعية ، فالرطوبات الخارجة منه بعد ذلك طاهرة لا شك في ذلك " . وإلى هذا ذهب الاحناف والحنابلة وبعض علماء المالية . الحيوان يكون في البر والبحر : قال ابن العربي : الصحيح في الحيوان الذي يكون في البر والبحر منعه ، لانه تعارض فيه دليلان : دليل تحليل ، ودليل تحريم ، فنغلب دليل التحريم احتياطا . أما غيره من العلماء فيرى أن جميع ما يكون في البحر بالفعل تحل ميتته ، ولو كان يمكن أن يعيش في البر ، إلا الضفدع للنهي عن قتلها . فعن عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه أن طبيبا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها . رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الحاكم ( 1 ) .
الحلال من الحيوان البري : والحلال من الحيوان البري المنصوص عليه نذكره فيما يلي : بهيمة الانعام ، بقول الله تعالى : " والانعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون " ( 2 ) . ويقول جل شأنه : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الانعام إلا ما يتلى عليكم " ( 3 ) . وبهيمة الانعام هي : الابل والبقر ومنه الجاموس والغنم
( هامش ) ( 1 ) القول بتحريم الضفدع فيه نظر وسيأتي تحقيق ذلك في هذا الباب . ( 2 ) سورة النحل آية رقم 5 . ( 3 ) سورة المائدة آية رقم 1 .
ويشمل الضأن والمعز ويلحق بها بقر الوحش وإبل الوحش والظباء ، فهذه كلها حلال بالاجماع ، وثبت في السنة الترخيص في : الدجاج ( 1 ) والخيل ( 2 ) وحمار الوحش ( 3 ) والضب والارنب ( 4 ) والضبع ( 5 ) والجراد ( 6 ) والعصافير . " عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فيما رواه مسلم في صحيحه ، عن أبي الزبير قال : سألت جابرا عن الضب فقال : لا تطعموه وقذره . وقال : قال عمر بن الخطاب ، إن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لم يحرمه ، إن الله ينفع به غير واحد ، وإنما طعام عامة الرعاة منه ، ولو كان عندي طعمته " . وقال ابن عباس ، رواية عن خالد بن الوليد ، رضي الله عنهما ، أنه دخل مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،على خالته ميمونة بنت الحارث فقدمت إلى رسول الله لحم ضب جاءها مع قريبة لها من نجد ، وكان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لا يأكل شيئا حتى يعلم ما هو - فاتفق النسوة ألا يخبرنه حتى يرين كيف يتذوقه ويعرفه إن ذاقه ، فلما أن سأل عنه وعلم به تركه وعافه ، فسأله خالد : أحرام هو ؟ قال : لا ، ولكنه طعام ليس في قومي فأجدني أعافه ، قال خالد : فاجتررته إلى فأكلته ورسول الله ينظر . وروي عن عبد الرحمن بن عمار قال : سألت جابر بن عبد الله عن الضبع ، آكلها ؟ قال : نعم . قلت : أصيد هي ؟ قال : نعم . قلت : فأنت سمعت ذلك من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . رواه الترمذي بسند صحيح . وممن ذهب إلى جواز أكله الشافعي وأبو يوسف ومحمد وابن حزم . وقال الشافعي فيه : إن العرب تستطيبه وتمدحه ولا يزال يباع ويشترى بين الصفا والمروة من غير نكير . ويري بعض العلماء أنه حرام لانه سبع ، ولكن الحديث حجة عليهم . وذكر أبو داود وأحمد أن ابن عمر سئل عن القنفذ فتلا : " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " . فقال شيخ عنده : سمعت أبا هريرة يقول : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " خبيثة من الخبائث " . فقال ابن عمر : إن كان قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هذا فهو كما قال . وهذا الحديث من رواية عيسى ابن نميلة وهو ضعيف ، قال الشوكاني : فلا يصلح الحديث لتخصيص القنفذ من أدلة الحل العامه ، وبناء على ما قاله الشوكاني يكون أكله حلالا . وقال مالك وأبو ثور ويحكى عن الشافعي والليث أنه لا بأس بأكله ، لان العرب تستطيبه ولان حديثه ضعيف . وكرهه الاحناف . وقالت عائشة في الفأرة : ما هي بحرام ، وقرأت : " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " . وعند مالك لا بأس بأكل خشاش الارض وعقاربها ودودها ، ولا بأس بأكل فراخ النحل ودود الجبن والتمر ونحوه . قال القرطبي : وحجته قول ابن عباس وأبي الدرداء : " ما أحل الله فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو " . قال أحمد في الباقلاء المدود : تجنبه أحب إلي ، وإن لم يستقذر فأرجو ( أي أنه لا يكون في أكله بأس ) . وقال عن تفتيش التمر المدود : لا بأس به ، وقد روي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه أتي بتمر عتيق فجعل يفتشه ويخرج السوس منه وينقيه . قال ابن قدامة : وهو أحسن . ويرى ابن شهاب وعروة والشافعي والاحناف وبعض علماء أهل المدينة أنه لا يجوز أكل شئ من خشاش الارض وهو امها مثل الحيات والفأرة وما أشبه ذلك وكل ما يجوز قتله فلا يجوز عند هؤلاء أكله ، ولا تعمل الذكاة عندهم فيه . وقال الشافعي : لا بأس بالوبر واليربوع . وفي أكل العصافير يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم : " ما من إنسان قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله تعالى عنها . قيل : يا : رسول الله ، وما حقها ؟ قال : يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها يرمي بها " رواه النسائي . وأكل بعض الصحابة مع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لحم الحباري " طائر " . رواه أبو داود والترمذي .
يتبع ....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:05 am

ولا ملازمة عقلية ولا عرفية ، فلا وجه لجعل ذلك أصلا من أصول التحريم ، بل إن كان المأمور بقتله أو المنهى عن قتله مما يدخل في الخبائث كان تحريمه بالاية الكريمة . وإن لم يكن من ذلك كان حلالا ، عملا بما أسلفنا من أصالة الحل وقيام الادلة الكلية على ذلك " . المسكوت عنه : أما ما سكت الشارع عنه ولم يرد نص بتحريمه فهو حلال تبعا للقاعدة المتفق عليها ، وهي أن الاصل في الاشياء الاباحة ، وهذه القاعدة أصل من أصول الاسلام . وقد جاءت النصوص الكثيرة تقررها ، فمن ذلك قول الله سبحانه : 1 - " هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا " ( 1 ) . 2 - وروى الدار قطني عن أبي ثعلبة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها " . 3 - وعن سلمان الفارسي أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، سئل عن السمن والجبن والفراء فقال : " الحلال ما أحله الله في كتابه ، والحرام ما حرمه الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم " . أخرجه ابن ماجه والترمذي وقال : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، ورواه أيضا الحاكم في المستدرك شاهدا . 4 - وروى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما ، من سأل عن شئ لم يحرم على الناس فحرم من أجل مسألته " . 5 - وعن أبي الدرداء أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا " . وتلا : " وما كان ربك نسيا ( 1 ) " . أخرجه البزار وقال : سنده صحيح ، والحاكم وصححه .
اللحوم المستوردة : اللحوم المستوردة من خارج البلاد الاسلامية يحل أكلهابشرطين : 1 - أن تكون من اللحوم التي أحلها الله . 2 - أن تكون قد ذكيت ذكاة شرعية . فإن لم يتوفر فيها هذا الشرطان بأن كانت من اللحوم المحرمة مثل الخنزير أو كانت ذكاتها غير شرعية فإنها في هذه الحال تكون محظورة لا يحل أكلها . وقد أصبح من الميسور معرفة هذين الشرطين بواسطة الوسائل الاعلامية التي وفرها العلم الحديث . وكثيرا ما تكون العلب التي تحتوي على هذه اللحوم مكتوبا عليها ما يعرف بها وبأنواعها ، ويمكن الاكتفاء بهذه المعلومات ، إذ الاصل فيها غالبا الصدق . وقد أفتى الفقهاء من قبل في مثل هذا ، فجاء في الاقناع من كتب الشافعية للخطيب الشربيني : " لو أخبر فاسق أو كتابي أنه ذبح هذه الشاة مثلا حل أكلها ، لانه من أهل الذبح ، فإذا كان في البلد مجوس ومسلمون وجهل ذابح الحيوان هل هو مسلم أو مجوسي ؟ لم يحل أكله للشك في الذبح المبيح والاصل عدمه . نعم إن كان المسلمون أغلب كما في بلاد الاسلام فينبغي أن يحل . وفي معنى المجوس كل من لم تحل ذبيحته " .
إباحة أكل ما حرم عند الاضطرار : وللمضطر أن يأكل من الميتة ولحم الخنزير وما لا يحل من الحيوانات ( 1 ) التي لا تؤكل وغيرها مما حرمه الله ، محافظة على الحياة وصيانة للنفس من الموت . والمقصود بالاباحة هنا وجوب الاكل لقوله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " ( 2 ) .
حد الاضطرار : وإنما يكون الانسان مضطرا إذا وصل به الجوع إلى حد الهلاك أو إلى مرض يفضي به إليه سواء أكان طائعا أو عاصيا . يقول الله سبحانه : " فمن اضطر غير باغ ( 3 ) ولا عاد ( 4 ) فلا إثم عليه
( هامش ) ( 1 ) حتى إن الشافعية والزيدية أجازوا اللحم الادمي عند عدم غيره بشروط اشترطوها . وخالف في ذلك الاحناف والظاهرية وقالوا : لا يباح لحم الادمي ولو كان ميتا . ( 2 ) سورة النساء آية رقم 29 . ( 3 ) الباغي : هو الذي يبغي على غيره عند تناول الميتة فينفرد بها فيهلك غيره من الجوع . ( 4 ) العادي : الذي يتجاوز حد الشبع وقيل : الذي يتجاوز القدر الذي يسد الرمق ويدفع عن نفسه الضرر .
إن الله غفور رحيم " ( 1 ) . وروى أبو داود عن الفجيع العامري أنه أتى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما يحل لنا من الميتة ؟ قال : ما طعامكم ؟ قلنا : نغتبق ( 2 ) ونصطبح ( 3 ) . قال : " ذاك - وأبي ( 4 ) - الجوع " . فأحل لهم الميتة على هذه الحال . وقال ابن حزم : " حد الضرورة أن يبقى يوما وليلة لا يجد فيهما ما يأكل أو يشرب ، فإن خشي الضعف المؤذي الذي إن تمادى به أدى إلى الموت أو قطع به عن طريقه وشغله ، جل له من الاكل والشرب ما يدفع به عن نفسه الموت بالجوع أو العطش . أما تحديدنا ذلك ببقاء يوم وليلة بلا أكل فلتحريم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الوصال يوما وليلة - أي وصل الصيام - .
( هامش ) ( 1 ) سورة البقرة آية رقم 173 . ( 2 ) الغبوق : الشرب مساء . ( 3 ) الصبوح : الشرب صباحا . ( 4 ) قسم . أي وحق أبي إن هذا هو الجوع .
وأما قولنا إن خاف الموت قبل ذلك فلانه مضطر " . والمالكية يرون أنه إذا لم يأكل شيئا ثلاثة أيام فله أن يأكل ما حرم الله عليه مما يتيسر له ولو من مال غيره . القدر الذي يؤخذ : ويتناول المضطر من الميتة القدر الذي يحفظ حياته ويقيم أوده ، وله أن يتزود حسب حاجته ويدفع ضرورته . وفي رواية عن مالك وأحمد : يجوز له الشبع ، لما رواه أبو داود عن جابر بن سمرة أن رجلا نزل الحرة فنفقت عنده ناقة فقالت له امرأته : اسلخها حتى نقد شحمها ولحمها ونأكله ، فقال : حتى أسأل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . فسأله فقال : هل عندك غناء يغنيك ؟ قال : لا . قال : فكلوها " . وقال أصحاب أبي حنيفة لا يشبع منه . وعن الشافعي قولان . لا يكون مضطرا من وجد بمكان به طعام ولو كان للغير : وإنما يكون الانسان مضطرا إذا لم يجد طعاما يأكله ولو كان مملوكا للغير . فإن كان مضطرا ووجد طعاما مملوكا للغير فله أن يأكل منه ولو لم يأذن صاحبه به ولم يختلف في ذلك العلماء . وإنما اختلفوا في الضمان . فذهب الجمهور منهم إلى أنه إن اضطر في مخمصة ومالك الطعام غير حاضر فله أن يأخذ منه ويضمن له ، لان الاضطرار لا يبطل حق الغير . وقال الشافعي : لا يضمن ، لان المسئولية تسقط بالاضطرار لوجود الاذن من الشارع ، ولا يجتمع إذن وضمان . فإن كان الطعام موجودا ومنعه صاحبه فللمضطر أن يأخذه بالقوة متى كان قادرا على ذلك . وقالت المالكية : يجوز في هذه الحال مقاتلة صاحب الطعام بالسلاح بعد الانذار بأن يعلمه المضطر بأنه مضطر وإنه إن لم يعطه قاتله ، فإن قتله بعد ذلك فدمه هدر ، لوجوب بذل طعامه للمضطر . وإن قتله الآخر فعليه القصاص . وقال ابن حزم : من اضطر إلى شئ من المحرمات ولم يجد مال مسلم ولا ذمي فله أن يأكل حتى يشبع ويتزود حتى يجد حلالا ، فإذا وجده عاد ذلك المحرم حراما كما كان . فإن وجد مال مسلم أو ذمي فقد وجد ما أمر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بإطعامه منه لقوله " أطعموا الجائع " فحقه فيه ، فهو غير مضطر إلى الميتة فإن منع ذلك ظلما كان حينئذ مضطرا .
هل يباح الخمر للعلاج ؟ وقد اتفق العلماء على إباحة الحرام للمضطر ولم يختلف منهم أحد . وإنما اختلفوا في التداوي بالخمر ، فمنهم من منعه ومنهم من أباحه ، والظاهر أن المنع هو الراجح ، فقد كان الناس في الجاهلية قبل الاسلام يتناولون الخمر للعلاج . فلما جاء الاسلام نهاهم عن التداوي به وحرمه ، فقد روى الامام أحمد ومسلم وأبو داود و الترمذي عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن الخمر فنهاه عنها فقال : إنما أصنعها للدواء . فقال : " إنه ليس بدواء ، ولكنه داء " . وروى أبو داود عن أبي الدرداء أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله أنزل الداء والدواء ، فجعل لكل داء دواء ، فتداووا ولا تتداووا بحرام " . وكانوا يتعاطون الخمر في بعض الاحيان قبل الاسلام اتقاء لبرودة الجو ، فنهاهم الاسلام عن ذلك أيضا . فقد روى أبو داود أن ديلم الحميري سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنا بأرض باردة ، نعالج فيها عملا شديدا ، وإنانتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا . قال رسول الله : هل يسكر ؟ قال : نعم . قال : فاجتنبوه ، قال : إن الناس غير تاركيه . قال : فإن لم يتركوه فقاتلوهم " . وبعض أهل العلم أجاز التداوي بالخمر بشرط عدم وجود دواء من الحلال يقوم مقام الحرام ، وأن لا يقصد المتداوي به اللذة والنشوة ، ولا يتجاوز مقدار ما يحدده الطبيب . كما أجازوا تناول الخمر في حال الضطرار ، ومثل الفقهاء لذلك بمن غص بلقمة فكاد يختنق ولم يجد ما يسيغها به سوى الخمر . أو من أشرف على الهلاك من البرد ، ولم يجد ما يدفع به هذا الهلاك غير كوب أو جرعة من خمر ، أو من أصابته أزمة قلبية وكاد يموت . فعلم أو أخبره الطبيب بأنه لا يجد ما يدفع به الخطر سوى شرب مقدار معين من الخمر . فهذا من باب الضرورات التي تبيح المحظورات .
يتبع ....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:09 am

الصيد تعريفه : الصيد هو اقتناص الحيوان الحلال المتوحش بالطبع ، الذي لا يقدر عليه . حكمه : وهو مباح ، أباحه الله سبحانه بقوله : " وإذا حللتم فاصطادوا ( 1 ) " . والصيد مباح كله ، ما عدا صيد الحرم ، فقد تقدم الكلام عليه في باب الحج . وصيد البحر جائز في كل حال ، وكذلك صيد البر ، إلا في حالة الاحرام . يقول الله تعالى : " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم صيد البر ما دمتم حرما " ( 2. الصيد الحرام : والصيد المباح هو الصيد الذي يقصد به التذكية ، فإن لم يقصد به التذكية فإنه يكون حراما لانه من باب الافساد وإتلاف الحيوان لغير منفعة : وقد نهى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن قتل الحيوان إلا لمأكله . روى النسائي وابن حبان أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من قتل عصفورا عبثا عج ( 1 ) إلى الله يوم القيامة يقول : يا رب ، إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة " . وروى مسلم عن ابن عباس أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا " ( 2 ) . ومر صلوات الله وسلامه عليه على طائر قد اتخذه بعض الناس هدفا يصوبون إليه ضرباتهم ، فقال : " لعن الله من فعل هذا " .
شروط الصائد : ويشترط في الصائد الذي يحل أكل
( هامش ) ( 1 ) عج - رفع صوته بالشكوى . ( 2 ) الهدف يصوب إليه .
صيده ما يشترط في الذابح بأن يكون مسلما أو كتابيا . فصيد اليهودي والنصراني كذبيحته ، وكذلك ما ألحق بهما كما هو موضح في باب الذكاة الشرعية . الصيد بالسلاح الجارح وبالحيوان : والصيد قد يكون بالسلاح الجارح كالرماح والسيوف والسهام ونحوها . وفي هذا يقول الله سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم " ( 1 ) . وقد يكون بواسطة الحيوان ، وفيه يقول الله سبحانه : " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله واتقوا الله إن الله سريع الحساب " ( 2 ) . وعن أبي ثعلبة الخشني قال : قلت يا رسول الله ، إنا بأرض صيد ، أصيد بقوسي وبكلبي المعلم وبكلبي الذي ليس بمعلم فما يصلح لي ؟ فقال : " ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل ،
( هامش ) ( 1 ) سورة المائدة آية رقم 94 . ( 2 ) سورة المائدة آية رقم 4 .
وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل " . رواه البخاري ومسلم . شروط الصيد بالسلاح : ويشترط في الصيد بالسلاح ما يأتي : 1 - أن يخزق السلاح جسم الصيد وينفذ فيه ، ففي حديث عدي بن حاتم قال : يارسول الله ، إنا قوم نرمي فما يحل لنا ؟ قال : " يحل لكم كل ما ذكيتم وما ذكرتم اسم الله عليه فخزقتم ( 1 ) فكلوا " . قال الشوكاني : " فدل على أن المعتبر مجرد الخزق وإن كان القتل بمثقل . فيحل ما صاده من يرمي بهذه البنادق الجديدة التي يرمى بها بالبارود والرصاص ، لان الرصاص تخزق خزقا زائدا على السلاح فلها حكمه ، وإن لم يدرك الصائد بها ذكاة الصيد إذا ذكر اسم الله على ذلك " . وأما النهي من الاكل مما أصابته البندقية ولم يذك واعتباره موقوذة كما جاء في الحديث ، فإن المقصود من البندقية هنا ما يصنع من الطين ثم ييبس ويرمى به ،
( هامش ) ( 1 ) فخزقتم أي خرقتم وجرحتم .
فليست مثل البندقية التي يرمى بها البارود والرصاص . وكما نهى الاسلام عن الاكل من البندقية هذه : ( أي المصنوعة من الطين ) : نهى عن الرمي بالحصاة وما يماثلها . يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، معللا ذلك : " إنها لاتصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ، لكنها تكسر السن وتفقأ العين " . ويحرم كذلك ما قتل بمثقل كالعصا ونحوها ، إلا إذا أدرك حيا وذبح . ففي حديث عدي قال قلت : فإني أرمي بالمعارض الصيد فأصيد . قال : " إذا رميت بالمعارض فخزق ( 1 ) فكل . وإن أصابه بعرضه فلا تأكل " . 2 - أن يذكر الصائد اسم الله عند رمي الصيد ، ولم تختلف الائمة على أن التسمية مشروعة لحديث أبي ثعلبة المتقدم ذكره ولغيره من الاحاديث ، وإنما اختلفوا في حكمها . فذهب أبو ثور والشعبي وداود والظاهري وجماعة أهل
( هامش ) ( 1 ) أي نفذ .
الحديث إلى أن التسمية شرط في الاباحة بكل حال ، فإن تركها عامدا أو ساهيا لم تحل . . . وهذا أظهر الروايات عن أحمد . وقال أبو حنيفة : هي شرط في حال الذكر فإن تركها ناسيا حل الصيد ، وإن تركها عامدا لا يحل . وكذلك قال مالك في المشهور عنه . وقال الشافعي وجماعة من المالكية التسمية سنة ، فإن تركها ولو عامدا لم يحرم الصيد ويحل أكله ، وحملوا الامر بالتسمية على الندب .
شروط الصيد بالجوارح : والصيد بالجوارح مثل الصقر والبازي والفهد والكلب غيرها مما يقبل التعليم جائز بالشروط الآتية : 1 - تعليم الحيوان الصيد ، ويعرف ذلك بأن يأتمر إذا أمر ، وينزجر إذا زجر . 2 - أن يمسك على صاحبه بترك الاكل من الصيد ، فإن أكل فقد أمسك على نفسه فلا يحل صيده ، ففي حديث عدي بن حاتم قال الرسول صلى الله عليه وسلم له : " إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك ، وإن أكل الكلب فلا تأكل ، فإني أخاف أن يكون مما أمسك على نفسه " . 3 - أن يرسله ويذكر اسم الله ، أما ذكر التسمية فقد تقدم حكمها ، وأما قصد إرسال الحيوان فإنه شرط من شروط الصيد ، فإذا انبعث الحيوان الجارح من تلقاء نفسه من غير إرسال ولاإغراء من الصائد فلا يجوز صيده ، ولا يحل أكله عند مالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي ، لانه صاد لنفسه من غير إرسال وإمسك عليها ولا صنع للصائد فيه فلا ينسب إليه ، لانه لا يصدق عليه الحديث المتقدم " إذا أرسلت كلابك المعلمة . . . إلخ " فمفهوم الشرط أن غير المرسل لا يكون كذلك . وقال عطاء والاوزاعي : يؤكل صيده إذا كان أخرج للصيد وكان معلما . اشتراك جارحين في صيد : إذا اشترك جارحان في صيد فهو حلال إذا كان كل واحد منهما أرسله صاحبه للصيد ، أما إذا كان أحدهما مرسلا دون الآخر فإنه لا يؤكل لقوله صلى الله عليه وسلم : " فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره " .
الصيد بكلب اليهودي والنصراني : ويجوز الاصطياد بكلب اليهودي والنصراني وبازه وصقره إذا كان الصائد مسلما ، وذلك مثل شفرته .
إدراك الصيد حيا : إذا أدرك الصائد الصيد وهو حي وكان قد قطع حلقومه ومريئه ان تمزقت أمعاؤه وخرج حشوه فإنه في هذه الحال يحل بدون زكاة . أما إذا أدركه وفيه حياة مستقرة ، فإنه يحب في هذه الحال ذكاته ، ولا يحل بدونها . وجود الصيد ميتا بعد إصابته : إذا رمى الصائد الصيد فأصابه ثم غاب عنه ثم وجده بعد ذلك ميتا ، فإنه يكون حلالا بشروط ثلاثة : الاول : أن لا يكون قد تردى من جبل أو وجده في الماء لاحتمال أن يكون موته بالتردي أو الغرق . روى البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا رميت بسهمك فاذكر الله ، فإن وجدته قد قتل فكل إلا أن تجده قد وقع في ماء ، فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك " . الثاني : أن يعلم أن رميته هي التي قتلته وليس به أثر من رمي غيره أو حيوان آخر . فعن عدي قال : قلت : يا رسول الله ، أرمي الصيد فأجد فيه سهمي من الغد قال : " إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل " . وفي رواية للبخاري : " إنا نرمي الصيد فتقتفي أثره اليومين والثلاثة ثم نجده ميتا وفيه سهمه . قال : يأكل إن شاء " . الثالث : أن لا يفسد فسادا يبلغ درجة النتن ، فإنه حينئذ يكون من المستقذرات الضارة التي تمجها الطباع . فعن أبي ثعلبة الخشني أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا رميت بسهمك فغاب ثلاثة أيام وأدركته فكله ما لم ينتن "
الاضحية تعريفها : الاضحية والضحية اسم لما يذبح من الابل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقربا إلى الله تعالى .
مشروعيتها : وقد شرع الله الاضحية بقوله سبحانه : " إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر إن شانئك هو الابتر " . وقوله : " والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير " ( 1 ) . والنحر هنا هو ذبح الاضحية . وثبت أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ضحى وضحى المسلمون وأجمعوا على ذلك .
فضلها : روى الترمذي عن عائشة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم ( 1 ) . إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظللافها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان ( 2 ) قبل أن يقع على الارض ، فطيبوا بها نفسا " .
يتبع .....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:10 am

الصيد تعريفه : الصيد هو اقتناص الحيوان الحلال المتوحش بالطبع ، الذي لا يقدر عليه . حكمه : وهو مباح ، أباحه الله سبحانه بقوله : " وإذا حللتم فاصطادوا ( 1 ) " . والصيد مباح كله ، ما عدا صيد الحرم ، فقد تقدم الكلام عليه في باب الحج . وصيد البحر جائز في كل حال ، وكذلك صيد البر ، إلا في حالة الاحرام . يقول الله تعالى : " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم صيد البر ما دمتم حرما " ( 2. الصيد الحرام : والصيد المباح هو الصيد الذي يقصد به التذكية ، فإن لم يقصد به التذكية فإنه يكون حراما لانه من باب الافساد وإتلاف الحيوان لغير منفعة : وقد نهى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن قتل الحيوان إلا لمأكله . روى النسائي وابن حبان أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من قتل عصفورا عبثا عج ( 1 ) إلى الله يوم القيامة يقول : يا رب ، إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة " . وروى مسلم عن ابن عباس أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا " ( 2 ) . ومر صلوات الله وسلامه عليه على طائر قد اتخذه بعض الناس هدفا يصوبون إليه ضرباتهم ، فقال : " لعن الله من فعل هذا " .
شروط الصائد : ويشترط في الصائد الذي يحل أكل
( هامش ) ( 1 ) عج - رفع صوته بالشكوى . ( 2 ) الهدف يصوب إليه .
صيده ما يشترط في الذابح بأن يكون مسلما أو كتابيا . فصيد اليهودي والنصراني كذبيحته ، وكذلك ما ألحق بهما كما هو موضح في باب الذكاة الشرعية . الصيد بالسلاح الجارح وبالحيوان : والصيد قد يكون بالسلاح الجارح كالرماح والسيوف والسهام ونحوها . وفي هذا يقول الله سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم " ( 1 ) . وقد يكون بواسطة الحيوان ، وفيه يقول الله سبحانه : " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله واتقوا الله إن الله سريع الحساب " ( 2 ) . وعن أبي ثعلبة الخشني قال : قلت يا رسول الله ، إنا بأرض صيد ، أصيد بقوسي وبكلبي المعلم وبكلبي الذي ليس بمعلم فما يصلح لي ؟ فقال : " ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل ،
( هامش ) ( 1 ) سورة المائدة آية رقم 94 . ( 2 ) سورة المائدة آية رقم 4 .
وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل " . رواه البخاري ومسلم . شروط الصيد بالسلاح : ويشترط في الصيد بالسلاح ما يأتي : 1 - أن يخزق السلاح جسم الصيد وينفذ فيه ، ففي حديث عدي بن حاتم قال : يارسول الله ، إنا قوم نرمي فما يحل لنا ؟ قال : " يحل لكم كل ما ذكيتم وما ذكرتم اسم الله عليه فخزقتم ( 1 ) فكلوا " . قال الشوكاني : " فدل على أن المعتبر مجرد الخزق وإن كان القتل بمثقل . فيحل ما صاده من يرمي بهذه البنادق الجديدة التي يرمى بها بالبارود والرصاص ، لان الرصاص تخزق خزقا زائدا على السلاح فلها حكمه ، وإن لم يدرك الصائد بها ذكاة الصيد إذا ذكر اسم الله على ذلك " . وأما النهي من الاكل مما أصابته البندقية ولم يذك واعتباره موقوذة كما جاء في الحديث ، فإن المقصود من البندقية هنا ما يصنع من الطين ثم ييبس ويرمى به ،
( هامش ) ( 1 ) فخزقتم أي خرقتم وجرحتم .
فليست مثل البندقية التي يرمى بها البارود والرصاص . وكما نهى الاسلام عن الاكل من البندقية هذه : ( أي المصنوعة من الطين ) : نهى عن الرمي بالحصاة وما يماثلها . يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، معللا ذلك : " إنها لاتصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ، لكنها تكسر السن وتفقأ العين " . ويحرم كذلك ما قتل بمثقل كالعصا ونحوها ، إلا إذا أدرك حيا وذبح . ففي حديث عدي قال قلت : فإني أرمي بالمعارض الصيد فأصيد . قال : " إذا رميت بالمعارض فخزق ( 1 ) فكل . وإن أصابه بعرضه فلا تأكل " . 2 - أن يذكر الصائد اسم الله عند رمي الصيد ، ولم تختلف الائمة على أن التسمية مشروعة لحديث أبي ثعلبة المتقدم ذكره ولغيره من الاحاديث ، وإنما اختلفوا في حكمها . فذهب أبو ثور والشعبي وداود والظاهري وجماعة أهل
( هامش ) ( 1 ) أي نفذ .
الحديث إلى أن التسمية شرط في الاباحة بكل حال ، فإن تركها عامدا أو ساهيا لم تحل . . . وهذا أظهر الروايات عن أحمد . وقال أبو حنيفة : هي شرط في حال الذكر فإن تركها ناسيا حل الصيد ، وإن تركها عامدا لا يحل . وكذلك قال مالك في المشهور عنه . وقال الشافعي وجماعة من المالكية التسمية سنة ، فإن تركها ولو عامدا لم يحرم الصيد ويحل أكله ، وحملوا الامر بالتسمية على الندب .
شروط الصيد بالجوارح : والصيد بالجوارح مثل الصقر والبازي والفهد والكلب غيرها مما يقبل التعليم جائز بالشروط الآتية : 1 - تعليم الحيوان الصيد ، ويعرف ذلك بأن يأتمر إذا أمر ، وينزجر إذا زجر . 2 - أن يمسك على صاحبه بترك الاكل من الصيد ، فإن أكل فقد أمسك على نفسه فلا يحل صيده ، ففي حديث عدي بن حاتم قال الرسول صلى الله عليه وسلم له : " إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك ، وإن أكل الكلب فلا تأكل ، فإني أخاف أن يكون مما أمسك على نفسه " . 3 - أن يرسله ويذكر اسم الله ، أما ذكر التسمية فقد تقدم حكمها ، وأما قصد إرسال الحيوان فإنه شرط من شروط الصيد ، فإذا انبعث الحيوان الجارح من تلقاء نفسه من غير إرسال ولاإغراء من الصائد فلا يجوز صيده ، ولا يحل أكله عند مالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي ، لانه صاد لنفسه من غير إرسال وإمسك عليها ولا صنع للصائد فيه فلا ينسب إليه ، لانه لا يصدق عليه الحديث المتقدم " إذا أرسلت كلابك المعلمة . . . إلخ " فمفهوم الشرط أن غير المرسل لا يكون كذلك . وقال عطاء والاوزاعي : يؤكل صيده إذا كان أخرج للصيد وكان معلما . اشتراك جارحين في صيد : إذا اشترك جارحان في صيد فهو حلال إذا كان كل واحد منهما أرسله صاحبه للصيد ، أما إذا كان أحدهما مرسلا دون الآخر فإنه لا يؤكل لقوله صلى الله عليه وسلم : " فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره " .
الصيد بكلب اليهودي والنصراني : ويجوز الاصطياد بكلب اليهودي والنصراني وبازه وصقره إذا كان الصائد مسلما ، وذلك مثل شفرته .
إدراك الصيد حيا : إذا أدرك الصائد الصيد وهو حي وكان قد قطع حلقومه ومريئه ان تمزقت أمعاؤه وخرج حشوه فإنه في هذه الحال يحل بدون زكاة . أما إذا أدركه وفيه حياة مستقرة ، فإنه يحب في هذه الحال ذكاته ، ولا يحل بدونها . وجود الصيد ميتا بعد إصابته : إذا رمى الصائد الصيد فأصابه ثم غاب عنه ثم وجده بعد ذلك ميتا ، فإنه يكون حلالا بشروط ثلاثة : الاول : أن لا يكون قد تردى من جبل أو وجده في الماء لاحتمال أن يكون موته بالتردي أو الغرق . روى البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا رميت بسهمك فاذكر الله ، فإن وجدته قد قتل فكل إلا أن تجده قد وقع في ماء ، فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك " . الثاني : أن يعلم أن رميته هي التي قتلته وليس به أثر من رمي غيره أو حيوان آخر . فعن عدي قال : قلت : يا رسول الله ، أرمي الصيد فأجد فيه سهمي من الغد قال : " إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل " . وفي رواية للبخاري : " إنا نرمي الصيد فتقتفي أثره اليومين والثلاثة ثم نجده ميتا وفيه سهمه . قال : يأكل إن شاء " . الثالث : أن لا يفسد فسادا يبلغ درجة النتن ، فإنه حينئذ يكون من المستقذرات الضارة التي تمجها الطباع . فعن أبي ثعلبة الخشني أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا رميت بسهمك فغاب ثلاثة أيام وأدركته فكله ما لم ينتن "
الاضحية تعريفها : الاضحية والضحية اسم لما يذبح من الابل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقربا إلى الله تعالى .
مشروعيتها : وقد شرع الله الاضحية بقوله سبحانه : " إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر إن شانئك هو الابتر " . وقوله : " والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير " ( 1 ) . والنحر هنا هو ذبح الاضحية . وثبت أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ضحى وضحى المسلمون وأجمعوا على ذلك .
فضلها : روى الترمذي عن عائشة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم ( 1 ) . إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظللافها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان ( 2 ) قبل أن يقع على الارض ، فطيبوا بها نفسا " .
يتبع .....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:13 am

حكمها : الاضحية سنة مؤكدة ، ويكره تركها مع القدرة عليها لحديث أنس الذي رواه البخاري ومسلم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ضحى بكبشين أملحين ( 3 ) أقرنين ( 4 ) ذبحهما بيده وسمى وكبر . وروى مسلم عن أم سلمة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره " . فقوله أراد أن يضحي دليل على السنة لا على الوجوب .
( 1 ) إسالته أي ذبح الاضحية . ( 2 ) كناية عن سرعة قبولها . ( 3 ) الاملح ما يخالط بباضه سواد . ( 4 ) ما له قرن
وروي عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما ، مخافة أن يرى ذلك واجبا
متى تجب : ولا تجب إلا بأحد أمرين : 1 - أن ينذرها لقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم : " من نذر أن يطيع الله فليطعه " وحتى لو مات الناذر فإنه تجوز النيابة فيما عينه بنذره قبل موته " . 2 - أن يقول : هذه لله ، أو : هذه أضحية . وعند مالك إذا اشتراها نيته الاضحية وجبت .
حكمتها : والاضحية شرعها الله إحياء لذكرى إبراهيم وتوسعة على الناس يوم العيد ، كما قال الرسول ، صلى الله عليه وسلم : إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل . مم تكون : ولا تكون إلا من الابل والبقر والغنم ، ولا تجزئ من غير هذه الثلاثة . يقول الله سبحانه :
( هامش ) ( 1 ) وقال ابن حزم : لم يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة ويرى أبو حنيفة أنها واجبة على ذوي اليسار ممن يملكون نصابا من المقيمين غير المسافرين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : : من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا " رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم ورجح الائمة وقفه .
" ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الانعام " ( 1 ) ويجزئ من الضأن ما له نصف سنة ، ومن المعز ما له سنة ، ومن البقر ما له سنتان ، ومن الابل ما له خمس سنين ، يستوي في ذلك الذكر والانثى . 1 - روى أحمد والترمذي عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " نعمت الاضحية الجذع ( 2 ) من الضأن " . 2 - وقال عقبة بن عامر : قلت يا رسول الله ، أصابني جذع قال : ضح به . رواه البخاري ومسلم . 3 - وروى مسلم عن جابر أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تذبحوا إلا مسنة ، فإن تعسر عليكم فاذبحوا جدعة من الضأن " . والمسنة الكبيرة هي من الابل ما لها خمس سنين ، ومن البقر ما له سنتان . ومن المعز ما له سنة ، ومن الضأن ما له سنة وستة أشهر ، على الخلاف المذكور من الائمة . وتسمى المسنة بالثنية . ( هامش ) ( 1 ) سورة الحج آية رقم 34 . ( 2 ) ما له ستة أشهر عند الحنفية . وما له سنة في الاصح عند الشافعية . الاضحية بالخصي : ولا بأس بالاضحية بالخصي . روى أحمد عن أبي رافع قال : ضحى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بكبشين أملحين موجوءين خصيين ، ولان لحمه أطيب وألذ .
ما لا يجوز أن يضحى به : ومن شروط الاضحية السلامة من العيوب ، فلا تجوز الاضحية بالمعيبة ( 1 ) مثل : 1 - المريضة البين مرضها 2 - العوراء البين عورها 3 - العرجاء البين ظلعها 4 - العجفاء ( 2 ) التي لا تنفي رواه الترمذي وقال : حسن صحيح . 5 - العضباء التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربعة لا تجزئ في الاضاحي : العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والعجفاء التي لا تنقي " .
( هامش ) ( 1 ) المعيبة : المقصود بالعيب الظاهر الذي ينقص اللحم ، فإذا كان العيب يسيرا فإنه لا يضر . ( 2 ) العجفاء التي ذهب مخها من شدة الهزال . فقه السنة - 21 ويلحق بهذه : الهتماء ( 1 ) والعصماء ( 2 ) والعمياء والتولاء ( 3 ) والجرباء التي كثر جربها . ولا بأس بالعجماء والبتراء والحامل وما خلق بغير أذن أو ذهب نصف أذنه أو أليته والاصح عند الشافعية لا تجزئ مقطوعة الالية والضرع لفوات جزء مأكول وكذا مقطوعة الذنب . قال الشافعي : لا نحفظ عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الاسنان شيئا .
وقت الذبح : ويشترط في الاضحية ألا تذبح إلا بعد طلوع الشمس من يوم العيد ويمر من الوقت قدر ما يصلى العيد ، ويصح ذبحها بعد ذلك في أي يوم من الايام الثلاثة في ليل أو نهار ، ويخرج الوقت بانقضاء هذه الايام . فعن البراء ، رضي الله عنه ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : إن أول ما نبدأ به في يومنا ( 4 ) هذا أن نصلي
( هامش ) ( 1 ) الهتماء هي التي ذهب ثناياها من أصلها . ( 2 ) العصماء ما انكسر غلاف قرنها . ( 3 ) التولاء التي تدور في المرعى ولا ترعى . ( 4 ) أي يوم العيد .
ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لاهله ليس من النسك في شئ " . وقال أبو بردة : خطبنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوم النحر فقال : " من صلى صلاتنا ووجه قبلتنا ونسك نسكنا فلا يذبح حتى يصلي ، روى الشيخان عن الرسول صلى الله عليه وسلم : من ذبح قبل الصلاة ، فإنما يذبح لنفسه ، ومن ذبح بعد الصلاة والخطبتين فقد أتم نسكه وأصاب سنة المسلمين " . كفاية أضحية واحدة عن البيت الواحد : إذا ضحى الانسان بشاة من الضأن أو المعز أجزأت عنه وعن أهل بيته . فقد كان الرجل من الصحابة ، رضي الله عنهم ، يضحي بالشاة عن نفسه وعن أهل بيته ، فهي سنة كفاية . روى ابن ماجه والترمذي وصححه أن أبا أيوب قال : " كان الرجل في عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما ترى " .
جواز المشاركة في الاضحية : تجوز المشاركة في الاضحية إذا كانت من الابل أو البقر ، وتجزئ البقرة أو الجمل عن سبعة أشخاص إذا كانوا قاصدين الاضحية والتقرب إلى الله ، فعن جابر قال : " نحرنا مع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة " . رواه مسلم وأبو داود والترمذي .
توزيع لحم الاضحية : يسن للمضحي أن يأكل من أضحيته ويهدي الاقارب ويتصدق منها على الفقراء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلوا وأطعموا وادخروا " وقد قال العلماء : الافضل أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويدخر الثلث . ويجوز نقلها ولو إلى بلد آخر ، ولا يجوز بيعها ولا بيع جلدها . [ ولا يعطى الجزار من لحمها شيئا
كأجر ، وله أن يكافئه نظير عمله ] وإنما يتصدق به المضحي أو يتخذ منه ما ينتفع به . وعند أبي حنيفة أنه يجوز بيع جلدها ويتصدق بثمنه وأن يشتري بعينه ما ينتفع به في البيت .
المضحي يذبح بنفسه : يسن لمن يحسن الذبح أن يذبح أضحيته بيده ويقول : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عن فلان - ويسمي نفسه - فإن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذبح كبشا وقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي " . رواه أبو داود والترمذي . فإن كان لا يحسن الذبح فليشهده ويحضره ، فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال لفاطمة : يا فاطمة ، قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملته ، وقولي : " إن صلاتي ونسكي ( 1 ) ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " . فقال أحد الصحابة : يا رسول الله ، هذا لك ولاهل بيتك خاصة أو للمسلمين عامة ؟ قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : بل للمسلمين عامة .
( هامش ) ( 1 ) النسك : الذبح .
العقيقة تعريفها : العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود . قال صاحب مختار الصحاح : العقيقة والعقة بالكسر ، الشعر الذي يولد عليه كل مولود من الناس والبهائم ، ومنه سميت الشاة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه .
حكمها : والعقيقة سنة مؤكدة ولو كان الاب معسرا ، فعلها الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، وفعلها أصحابه ، روى أصحاب السنن أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ، ويرى وجوبها الليث وداود الظاهري . ويجري فيها ما يجري في الاضحية من الاحكام ، إلا أن العقيقة لا تجوز فيها المشاركة .
فضلها : روى أصحاب السنن عن سمرة عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : 1 - " كل مولود رهينة ( 1 ) بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى " . 2 - وعن سلمان بن عامر الضبي ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " مع الغلام عقيقته ، فأهريقوا علهى دما ، وأميطوا عنه الاذى ( 2 ) " رواه الخمسة .
ما يذبح عن الغلام وللبنت : ومن الافضل أن يذح عن الولد شاتان متقاربتان شبها وسنا . وعن البنت شاة . فعن أم كرز الكعبية قالت : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : " عن الغلام شاتان متكافئتان ( 3 ) وعن الجارية شاة " .
( هامش ) ( 1 ) أي تنشئته تنشئة صالحة وحفظه حفظا كاملا مرهون بالذبح عنه . ( 2 ) أي أزيلوا عنه القذارة والنجاسة . ( 3 ) أي شاتان متقاربتان شبها وسنا .
ويجوز ذبح شاة واحدة عن الغلام لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك مع الحسن والحسين - رضي الله عنهما - كما تقدم في الحديث .
وقت الذبح : والذبح يكون يوم السابع بعد الولادة إن تيسر ، وإلا ففي اليوم الرابع عشر وإلا ففي اليوم الواحد والعشرين من يوم ولادته ، فإن لم يتيسر ففي أي يوم من الايام . ففي حديث البيهقي : تذبح لسبع ، ولاربع عشر ، ولاحدي وعشرين .
اجتماع الاضحية والعقيقة : قالت الحنابلة : وإذا اجتمع يوم النحر مع يوم العقيقة فإنه يمكن الاكتفاء بذبيحة واحدة عنهما ، كما إذا اجتمع يوم عيد ويوم جمعة واغتسل لاحدهما .
التسمية والحلق : ومن السنة أن يختار للمولود اسم حسن ويحلق شعره ويتصدق بوزنه فضة إن تيسر ذلك ، لما رواه أحمد والترمذي عن ابن عباس ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عق عن الحسن بشاة ، وقال : يا فاطمة ، احلقي رأسه وتصدقي بوزنه فضة على المساكين ، فوزناه فكان وزنه درهما أو بعض درهم .
يتبع .....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:14 am

أحب الاسماء : وأحب الاسماء عبد الله وعبد الرحمن ، لحديث مسلم ، وأصدقها همام وحارث كما ثبت في الحديث الصحيح . ويصح التسمية بأسماء الملائكة والانبياء وطه ويس . وقال ابن حزم : اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى ، وعبد هبل ، وعبد عمر ، وعبد الكعبة ، حاشا عبد المطلب . كراهة بعض الاسماء : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التسمي بالاسماء الاتية : يسار ، ورباح ، ونجيح ، وأفلح ، لان ذلك ربما يكون وسيلة من وسائل التشاتم ، ففي حديث سمرة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تسم غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجيحا ولا أفلح فإنك تقول : أثم هو - فلا يكون - فيقول : لا " . رواه مسلم . الاذان في أذن المولود : ومن السنة أن يؤذن في أذن المولود اليمنى ، ويقيم في الاذن اليسرى ، ليكون أول ما يطرق سمعه اسم الله . روى أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، عن أبي رافع رضي الله عنه ، قال : رأيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أذن بالصلاة في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة رضي الله عنهم . وروى ابن السني عن الحسن بن علي أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من ولد له ولد فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم تضره أم الصبيان " ( 1 ) .
لا فرع ولا عتيرة : الفرع : ذبح أول ولد الناقة ، كانت العرب تذبحه لاصنامهم . العتيرة : ذبيحة رجب تعظيما له . وقد نهى الاسلام عن الذبح تعظيما للاصنام ، وغير معالم الجاهلية . وأباح الذبح باسم الله برا وتوسعا . روى أبو هريرة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا فرع ولا عتيرة " ( 2 ) . رواه البخاري ومسلم .
( هامش ) ( 1 ) يقال إنها القرينة . ( 2 ) بالمعنى الذي كان عليه في الجاهلية .
وقال نبيشة ، رضي الله عنه : نادى رجل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب ، فما تأمرنا ؟ قال : اذبحوا لله في أي شهر كان ، وبروا لله وأطعموا . قال : إنا كنا نفرع فرعا في الجاهلية ، فما تأمرنا ؟ قال : في كل سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استجمل ( 1 ) ذبحته ، فتصدقت بلحمه على ابن السبيل ، فذلك خير " . رواه أبو داود والنسائي . وعن أبي رزين قلت : يا رسول الله ، كنا نذبح في رجب فنأكل ونطعم من جاءنا ، فقال : " لا بأس به " . وروى أحمد والنسائي عن عمر بن الحارث أنه لقي النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع ، فقال رجل : يا رسول الله الفرائع والعتائر ؟ قال : من شاء فرع ومن شاء لم يفرع ، ومن شاء عتر ومن شاء لم يعتر في الغنم الاضحية " .
( هامش ) ( 1 ) أي صار جملا . ( . ) / صفحة 332 /
ثقب أذن الصغير : في كتب الحنابلة : إن تثقيب آذان الصبية للحلية جائز ويكره للصبيان . وفي فتاوي قاصي خان ، من الحنفية : لا بأس بتثقيب آذان الصبية ، لانهم كانوا في الجاهلية يفعلونه ، ولم ينكره عليهم النبي ، صلى الله عليه وسلم .
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:15 am

الكفالة

تعريفها : الكفالة معناها في اللغة : الضم ، ومنه قول الله ، عز وجل : " وكفلها زكريا ( 1 ) " . وفي الشرع عبارة عن ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الاصيل في المطالبة بنفس أو دين أو عين أو عمل ، وهذا التعريف لفقهاء الاحناف . وعند غيرهم من الائمة يعرفونها بأنها ضم الذمتين في المطالبة والدين .
والكفالة تسمي : حمالة وضمانة وزعامة . وهي تقتضي كفيلا وأصيلا ومكفولا له ومكفولا به .فالكفيل هو الذي يلتزم بأداء المكفول به ، ويجب أن يكون بالغا عاقلا مطلق التصرف في ماله رضايا بالكفالة ( 1 ) فلا يكون المجنون ولا الصبي ولو كان مميزا كفيلا . ويسمى الكفيل بالضامن والزعيم والحميل والقبيل . والاصيل هو المدين وهو المكفول عنه ، ولا يشترط بلوغه ولا عقله ولا حضوره ولا رضاه بالكفالة . بل تجوز الكفالة عن الصبي والمجنون والغائب . ولكن الكفيل لا يرجع على أحد من هؤلاء إذا أدى عنه ، بل يعتبر متبرعا إلا في حالة ما إذا كانت الكفالة عن الصبي المأذون له في التجارة وكانت بأمره . والمكفول له هو الدائن . ويشترط أن يعرفه الضامن ، لان الناس يتفاوتون في المطالبة تسهيلا وتشديدا . والاغراض تختلف بذلك ، فيكون الضمان بدونه غررا . ولا تشترط معرفة المضمون عنه . والمكفول به هو النفس أو الدين أو العين أو العمل الذي وجب أداؤه على المكفول عنه ، وله شروط ستأتي في موضعها .
مشروعيتها : والكفالة مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع .
( هامش ) ( 1 ) لانه لا يلزمه الحق ابتداء إلا برضاه .
ففي الكتاب يقول الله تعالى : " قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به ( 1 ) " ، وقوله ، جل شأنه : " ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم " ( 2 ) . وجاء في السنة عن أبي أمامة أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " الزعيم غارم " . رواه أبو داود والترمذي وحسنه ، وصححه ابن حبان .
ومعنى الزعيم : الكفيل . والغارم : الضامن . وقد أجمع العلماء على جوازها . ولا يزال المسلمون يكفل بعضهم بعضا من عصر النبوة إلى وقتنا هذا ، دون تكبر من أحد من العلماء . التنجيز والتعليق والتوقيت : وتصح الكفالة منجزة ، ومعلقة ، ومؤقتة . فالمنجزة مثل قول الكفيل : أنا أضمن فلانا الان ، وأكفله . قال العلماء : إذا قال الرجل : تحملت أو تكفلت أو ضمنت ، أو
أنا حميل لك ، أو زعيم أو كفيل أو ضامن أو قبيل ، أو هو لك عندي أو علي أو إلي أو قبلي ، فذلك كله كفالة . ومتى انعقدت الكفالة كانت تابعة للدين في الحلول والتأجيل والتقسيط ، إلا إذا كان الدين حالا واشترط الكفيل تأجيل المطالبة إلى أجل معلوم ، فإنه يصح ، لما رواه ابن ماجه عن ابن عباس أن النبي ، صلى الله عليه وسلم : تحمل عشرة دنانير عن رجل قد لزمه غريمه إلى شهر ، وقضاها عنه . وفي هذا دليل على أن الدين إذا كان حالا وضمنه الكفيل إلا أجل معلوم صح ، ولا يطالب به الضامن قبل مضي الاجل
والمعلقة مثل : إن أقرضت فلانا فأنا ضامن لك ، وكما جاء في الاية الكريمة قول الله تعالى : ولمن جاء به حمل بعير " ( 1 ) .
والمؤقتة مثل : إذا جاء شهر رمضان فأنا ضامن لك . وهذا مذهب أبي حنيفة وبعض الحنابلة . وقال الشافعي : لا يصح التعليق في الكفالة
مطالبة الكفيل والاصيل معا : ومتى انعقدت الكفالة جاز لصاحب الحق أن يطالب الضامن والمضمون معا ، كما جاز له أن يطالب أيهما شاء بناء على تعدد محل الحق ، كما يرى جمهور العلماء .
أنواع الكفالة : والكفالة نوعان : الاول : كفالة بالنفس . الثاني : كفالة بالمال . الكفالة بالنفس : وتعرف بضمان الوجه ، وهي التزام الكفيل بإحضار الشخص المكفول إلى المكفول له . وتصح بقوله : أنا كفيل بفلان أو ببدنه أو وجهه ، أو : أنا ضامن أو زعيم ونحو ذلك ، وهي جائزة إذا كان على المكفول به حق لادمي ، ولا يشترط العلم بقدر ما على المكفول لانه تكفل بالبدن لا بالمال . أما إذا كانت الكفالة في حدود الله ، فإنها لا تصح ، سواء أكان الحد حقا لله تعالى كحد الخمر ، أو كان حقا لادمي كحد القذف . وهذا مذهب أكثر العلماء ، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا كفالة في حد " . رواه البيهقي بإسناد ضعيف وقال : إنه منكر . ولان مبناه على الاسقاط والدرء بالشبهة ، فلا يدخله الاستيثاق ، ولا يمكن استيفاؤه من غير الجاني . وعند أصحاب الشافعي تصح الكفالة بإحضار من عليه عقوبة لادمي كقصاص وحد قذف ، لانه حق لازم ، أما إذا كان حدا لله فلا تصح فيه الكفالة . ومنعها ابن حزم فقال : " لا تجوز الضمانة بالوجه أصلا لا في مال ولا حد ، ولا في شئ من الاشياء ، لان كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل . ومن طريق النظر أن نسأل من قال بصحته عمن تكفل بالوجه فقط فغاب المكفول عنه ماذا تصنعون بالضامن بوجهه ؟ أتلزمونه غرامة ما على المضمون ؟ فهذا جور وأكل مال بالباطل ، لانه لم يلتزمه قط . أم تتركونه ؟ فقد أبطلتم الضمان بالوجه ، أم تكلفونه طلبه ؟ فهذا تكليف الحرج وما لا طاقة له به وما لم يكلفه الله إياه قط . وأجاز الكفالة بالوجه جماعة من العلماء . واستدلوا بأنه ، صلى الله عليه وسلم ، كفل في تهمة ، قال : وهو خبر باطل ، لانه من رواية إبراهيم بن خيثم بن عراك ، وهو وأبوه في غاية الضعف لا تجوز الرواية عنهما . ثم ذكر آثارا عن عمر بن عبد العزيز وردها كلها بأنها لا حجة فيها ، " إذا الحجة في كلام الله ورسوله لا غير " . ومتى تكفل بإحضاره لزمه إحضاره فإن تعذر عليه إحضاره مع حياته أن امتنع الكفيل عن إحضاره غرم ما عليه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " الزعيم غارم " . إلا إذا اشترط إحضاره دون المال ، وصرح بالشرط لانه يكون ألزم ضد ما اشترط ، وهذا مذهب المالكية وأهل المدينة . وقالت الاحناف : يحبس الكفيل إلى أن يأتي به أو يعلم موته ، ولا يغرم المال إلا إذا شرطه على نفسه . وقالوا : إذا مات الاصيل فإنه لا يلزم الكفيل الحق الذي عليه ، لانه إنما تكفل بالنفس ولم يكفل بالمال ، فلا يلزمه ما لم يتكفل به . وهذا هو المشهور من قول الشافعي . وكذلك يبرأ الكفيل إذا سلم المكفول نفسه . ولا يبرأ الكفيل بموت المكفول له بل تقوم ورثته مقامه في المطالبة بإحضار المكفول الكفالة بالمال : والكفالة بالمال : هي التي يلتزم فيها الكفيل التزاما ماليا ، وهي أنواع ثلاثة : 1 - الكفالة بالدين : وهي التزام أداء دين في ذمة الغير . ففي حديث سلمة بن الاكوع ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، امتنع من الصلاة على من عليه الدين ، فقال أبو قتادة : صل عليه يا رسول الله وعلي دينه . فصلى عليه ( 1 )
يتبع
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:17 am

ويشترط في الدين : ( أ ) أن يكون ثابتا وقت الضمان كدين القرض والثمن والاجرة والمهر ، فإذا لم يكن ثابتا فإنه لا يصح ، فضمان ما لم يجب غير صحيح ، كما إذا قال : بع لفلان وعلي أن أضمن الثمن ، أو : أقرضه ، وعلي أن أضمن بدله . وهذا مذهب الشافعي ومحمد بن الحسن والظاهرية . وأجاز ذلك أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف ، وقالوا بصحة ضمان ما لم يجب . ( ب ) أن يكون معلوما ، فلا يصح ضمان المجهول ، لانه غرر ، فلو قال : ضمنت لك ما في ذمة فلان ، وهما لا
( 1 ) ذهب الجمهور إلى صحة الكفالة عن الميت ولا رجوع له في مال الميت . والحديث من رواية البخاري وأحمد .
يعلمان مقداره فإنه لا يصح . وهذا مذهب الشافعي وابن حزم . وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يصح ضمان المجهول . 2 - كفالة بالعين أو كفالة بالتسليم : وهي التزام تسليم عين معينة موجودة بيد الغير مثل : رد المغصوب إلى الغاصب وتسليم المبيع إلى المشتري . ويشترط فيها أن تكون العين مضمونة على الاصيل كما في المغصوب . فإذا لم تكن مضمونة كالعارية والوديعة فإن الكفالة لا تصح . 3 - كفالة بالدرك : أي بما يدرك المال المبيع ويلحق به من خطر بسبب سابق على البيع ، أي أنها كفالة . وضمانة لحق المشتري تجاه البائع إذا ظهر للمبيع مستحق ، كما لو تبين أن المبيع مملوك لغير البائع أو مرهون . رجوع الكفيل على المضمون عنه : وإذا أدى الضامن عن المضمون عنه ما عليه من دين رجع عليه متى كان الضمان والاداء بإذنه ، لانه أنفق ماله فميا ينفعه بإذنه . وهذا مما اتفق الائمة الاربعة عليه . واختلفوا فيما إذا ضمن عن غيره حقا بغير أمره وأداه . وقال الشافعي وأبو حنيفة : هو متطوع ، وليس له الرجوع عليه . والمشهور عن مالك : أن له الرجوع به . وعن أحمد : روايتان . قال ابن حزم : " لا يرجع الضامن بما أدى سواء بأمره أو بغيره أمره إلا أن يكون المضمون عنه استقرضه . قال : وقال ابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو ثور وأبو سليمان بمثل قولنا " . ا ه‍ .
من أحكام الكفالة: 1 - ومتى عدم المضمون أو غاب ، ضمن الكفيل ، ولا يخرج عن الكفالة إلا بأداء الدين منه أو من الاصيل ، أو بإبراء الدائن نفسه من الدين أو نزوله عن الكفالة ، وله هذا النزول لانه من حقه . 2 - من حق المكفول له ( أي صاحب الدين ) فسخ عقد الكفالة من ناحية ، ولو لم يرض المدين المكفول عنه أو الكفيل . وليس هذا الفسخ للمكفول عنه ولا للكفيل .
المساقاة تعريفها : المساقاة مفاعلة من السقي ، وهذه المفاعلة على غير بابها . وسميت بهذه التسمية لان شجر أهل الحجاز أكثر حاجة إلى السقي لانها تسقى من الابار ، فسميت بهذه التسمية . وهي في الشرع دفع الشجر لمن يقوم بسقيه ويتعهده حتى يبلغ تمام نضجه نظير جزء معلوم من ثمره . فهي شركة زراعية على استثمار الشجر يكون فيها الشجر من جانب ، والعمل في الشجر من جانب ، والثمرة الحاصلة مشتركة بينهما بنسبة يتفق عليها المتعاقدان كالنصف والثلث ونحو ذلك . ويسمى العامل بالمساقي ، والطرف الاخر يسمى برب الشجر . والشجر يطلق على كل ما غرس ليبقى في الارض سنة فأكثر من كل ما ليس لقطعه مدة ونهاية معلومة ، سواء أكان مثمرا أم غير مثمر . وتكون المساقاة على غير المثمر نظير ما يأخذه المساقي من السعف والحطب ونحوها . مشروعيتها : والمساقاة مشروعة بالسنة ، وقد اتفق الفقهاء على جوازها للحاجة إليها ، ما عدا أبا حنيفة الذي رأى أنها لا تجوز . وقد استدل الجمهور من العلماء على جوازها بما يأتي : 1 - روى مسلم عن ابن عمر أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع . 2 - وروى البخاري أن الانصار قالت للنبي ، صلى الله عليه وسلم : اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل . قال : لا . فقالوا : تكفونا المؤونة ونشرككم في الثمرة ؟ قالوا : سمعنا وأطعنا . أي أن الانصار أرادوا أن يشركوا معهم المهاجرين في النخيل فعرضوا ذلك على الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، فأبى ، فعرضوا أن يتولوا أمره ولهم الشطر فأجابهم . وفي نيل الاوطار : قال الحازمي : روي عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وسعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى وابن شهاب الزهري ، ومن أهل الرأي أبو يوسف القاضي ، ومحمد بن الحسن ، فقالوا : تجوز المزارعة والمساقاة بجزء من الثمر أو الزرع قالوا : ويجوز العقد على المزارعة والمساقاة مجتمعين ، فتساقيه على النخل وتزارعه على الارض كما جري في خيبر . ويجوز العقد على كل واحدة منها منفردة .
أركانها : والمساقاة لها ركنان : 1 - الايجاب . 2 - القبول . وتنعقد بكل ما يدل عليها من القول أو الكتابة أو الاشارة ما دام ذلك صادرا ممن يجوز تصرفهم . شروطها : ويشترط في المساقاة الشروط الاتية : 1 - أن يكون الشجر المساقى عليه معلوما بالرؤية أو بالصفة التي لا يختلف معها ، لانه لا يصح العقد على مجهول . 2 - أن تكون مدتها معلومة ، لانها عقد لازم يشبه عقد الايجار ، وحتى ينتفي الغرر . وقال أبو يوسف ومحمد : إن بيان المدة ليس بشرط في المساقاة استحسانا ، لان وقت إدراك الثمر معلوم غالبا ولا يتفاوت تفاوتا يعتد به . وممن قال بعدم اشتراط هذا الشرط الظاهرية ، واستدلوا بما رواه مالك مرسلا ، أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، قال لليهود : " أقركم ما أقركم الله " . وعند الاحناف أنه متى انتهت مدة المساقاة قبل نضج الثمر تترك الاشجار للعامل ليعمل فيها بلا أجر إلى أن ينضج . 3 - أن يكون عقد المساقاة قبل بدو الصلاح ، لانها في هذه الحال تفتقر إلى عمل . أما بعد بدو الصلاح ، فمن الفقهاء من رأى أن المساقاة لا تجوز ، لانه لا ضرورة تدعو إليها . ولو وقعت ، لكانت إجارة لا مساقاة . ومنهم من جوزها في هذه الحال ، لانها إذا جازت قبل أن يخلق الله الثمر فهي بعد بدو الثمر أولى . 4 - أن يكون للعامل جزء مشاع معلوم من الثمرة ، أي يكون نصيبه معلوما بالجزئية : كالنصف والثلث ، فلو شرط له أو لصاحب الشجر نخلات معينة أو قدرا معينا بطلت . وقال في بداية المجتهد : واتفق القائلون بالمساقاة على أنه إن كانت النفقة كلها على رب الحائط ( 1 ) وليس على العامل إلا ما يعمل بيده أن ذلك لا يجوز ، لانها إجارة بما لم يخلق . ومتى فقد شرط من هذه الشروط انفسخ العقد وفسدت المساقاة ، فإن كان قد مضى فيها المساقي ونما الشجر أو الزرع بعمله فله أجر مثله ، ونماء الشجر أو الزرع لمالكه .
ما تجوز فيه المساقاة : اختلف الفقهاء فيما تجوز عليه المساقاة . فمنهم من قصرها على النخل كداود ، ومنه من زاد على النخل العنب كالشافعي ، ومنهم من توسع في هذا كالاحناف ، فعندهم تصح على الشجر والكروم والبقول وكل ما له أصول في الارض ليس لقلعها نهاية معلومة ، بل كلما جزت نبتت ، وذلك كالكراث والقصب الفارسي . وإذا لم تبين المدة وقع العقد على أول جز يحصل بعد العقد . وتصح أيضا على ما تتلاحق آحاده وتظهر شيئا فشيئا كالباذنجان . ولو دفع شخص لاخر رطبة انتهى جذاذها على أن يقوم
( هامش ) ( 1 ) الحائط : البستان .
بخدمتها وسقيها حتى يخرج بذرها ويكون بينهما أنصافا جاز ذلك بلا بيان المدة . وعند مالك أنها تجوز في كل أصل ثابت ، كالرمان والتين والزيتون وما أشبه ذلك من غير ضرورة ، وتكون في الاصول غير النابتة كالمقاثي والبطيخ مع عجز صاحبها عنها ، وكذلك الزرع . وعند الحنابلة تجوز المساقاة في كل ثمر مأكول . قال في المغني : وتصح المساقاة على البعلي من الشجر ، كما تجوز فيما يحتاج إلى سقي ، وبهذا قال مالك . قال : ولا نعلم فيه خلافا .
يتبع .....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:18 am

وظيفة المساقي : ووظيفة عامل المساقاة - كما قال النووي : أن عليه كل ما يحتاج إليه في إصلاح الثمر ، واستزادته مما يتكرر كل سنة : كالسقي وتنقية الانهار وإصلاح منابت الشجر وتلقيحه وتنحية الحشيش والقضبان عنه وحفظ الثمرة وجذاذها ونحو ذلك . وأما ما يقصد به حفظ الاصل ولا يتكرر كل سنة . كبناء الحيطان وحفر الانهار فعلى المالك .
عجزالعامل عن العمل : إذا وجد عذر يمنع العامل من العمل ، كأن يمرض أو تصيبه عاهة أو يسافر سفرا اضطراريا فإن المساقاة تفسخ . وهذا في حالة ما إذا كان الطرف الاخر قد اشترط عليه أن يعمل بنفسه . فإذا لم يكن قد اشترط عليه هذا الشرط فإن المساقاة لا تنفسخ بل على العامل أن يقيم غيره مقامه . وهذا عند الاحناف . وقال مالك : إذا عجز العامل وقد حل بيع الثمر لم يكن له أن يساقي غيره ، ووجب عليه أن يستأجر من يعمل . وإن لم يكن له شئ استؤجر من نصيبه من الثمر . وقال الشافعي : تنفسخ المساقاة بالعجز . موت أحد المتعاقدين : إذا مات أحد المتعاقدين فإن كان في الشجر ثمر لم يبد صلاحه فلرعاية مصلحة الطرفين يستمر العامل أو ورثته على العمل حتى ينضج الثمر ، ولو جبرا على صاحب الشجر أو ورثته ، لانه لا ضرر على أحد في ذلك ، وليس للعامل أجرة في المدة التي بين انفساخ العقد ونضج الثمر . وإذا امتنع العامل أو ورثته عن العمل بعد انتهاء المدة أو انفساخ العقد لا يجبرون عليه ، ولكنهم إذا أرادوا قطع الثمر قبل نضجه فلا يمكنون منه ، وإنما يكون الحق للمالك أو ورثته في أحد ثلاثة أشياء : 1 - الموافقة على قطع الثمر وقسمته حسب الاتفاق . 2 - إعطاء العامل أو ورثته من النقود قيمة ما يخص نصيبهم وهو مستحق القطع . 3 - الانفاق على الشجر حتى ينضج الثمر ثم الرجوع على المساقي أو ورثته بما أنفق أو يأخذ به ثمارا من نصيبه . وهذا مذهب الاحناف .
الجعالة ( ) تعريفها : الجعالة عقد على منفعة يظن حصولها ، كمن يلتزم بجعل ( 1 ) معين لمن يرد عليه متاعه الضائع ، أو دابته الشاردة ، أو يبني له هذا الحائط ، أو يحفر له هذه البئر حتى يصل إلى الماء ، أو يحفظ ابنه القرآن ، أو يعالج المريض حتى يبرأ ، أو يفوز في مسابقة كذا . . . الخ .
مشروعيتها : والاصل في مشروعيتها قول الله سبحانه : ( 2 )
( هامش ) الجعالة مثلثة الجيم . ( 1 ) الجعل . ما يعطى مقابل عمل . ( 2 ) سورة يوسف الاية رقم 72 .
ولمن جاء به حمل بعير ( 1 ) وأنا به زعيم " ( 2 ) . ولان الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، أجاز أخذ الجعل على الرقية بام القرآن كما تقدم في باب الاجارة . وقد أجيزت للضرورة ، ولهذا جاز فيها من الجهالة ما لم يجز في غيرها ، فإنه يجوز أن يكون العمل مجهولا . ولا يشترط في عقد الجعالة حضور المتعاقدين كغيره من العقود ، لقول الله تعالى : " ولمن جاء به حمل بعير " . والجعالة عقد من العقود الجائزة التي يجوز لاحد المتعاقدين فسخه . ومن حق المجعول له أن يفسخه قبل الشروع في العمل كما أن له أن يفسخه بعد الشروع إذا رضي بإسقاط حقه . أما الجاعل فليس له أن يفسخه إذا شرع المجعول له في العمل . وقد منعها بعض الفقهاء منهم ابن حزم ، قال في المحلى : " لا يجوز الحكم بالجعل على أحد . فمن قال لاخر : إن جئتني بعبدي الابق فلك علي دينار ، أو قال : إن فعلت ( هامش ) ( 1 ) البعير : الجمل . ( 2 ) الزعيم : الكفيل .
كذا وكذا فلك درهم ، أو ما أشبه ذلك ، فجاءه بذلك . أو هتف وأشهد على نفسه : من جاءني بكذا فله كذا فجاءه به ، لم يقض عليه بشئ ، ويستحب لو وفى بوعده . وكذلك من جاء بآبق فلا يقضى له بشئ ، سواء عرف بالمجئ بالاباق أو لم يعرف بذلك ، إلا أن يستأجره على طلبه مدة معروفة أو ليأتيه به من مكان معروف ، فيجب له ما استأجره به . وأوجب قوم الجعل وألزموه الجاعل واحتجوا بقول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " ( 1 ) . وبقول يوسف عليه السلام : " قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم " ، وبحديث الذي رقى على قطيع من الغنم " . انتهى .
الشركة تعريفها : الشركة هي الاختلاط . ويعرفها الفقهاء بأنها عقد بين المتشاركين في رأس المال والربح ( 1 ) .
مشروعيتها : وهي مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع . ففي الكتاب يقول الله سبحانه : " فهم شركاء في الثلث " ( 2 ) . وقوله سبحانه : " وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم " ( 1 ) ، والخلطاء هم الشركاء . وفي السنة يقول الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه : إن الله تعالى يقول : " أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه . فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما " ( 2 ) . رواه أبو داود عن أبي هريرة . وقال زيد : كنت أنا والبراء شريكين . رواه البخاري . وأجمع العلماء على هذا . ذكر ذلك ابن المنذر .
أقسامها : والشركة قسمان : القسم الاول : شركة أملاك . والقسم الثاني : شركة عقود . شركة الاملاك : وهي أن يتملك أكثر من شخص عينا من غير عقد . وهي إما أن تكون اختيارية أو جبرية : فالاختيارية ، مثل أن يوهب هبة أو يوصى لهما بشئ فيقبلا فيكون الموهوب والموصى به ملكا لهما على
( هامش ) ( 1 ) سورة " ص " ، الاية رقم 24 . ( 2 ) أي أن الله يبارك للشريكين في المال ويحفظه لهما ما لم تكن خيانة بينهما . فإذا خان أحدهما نزع البركة من المال
سبيل المشاركة . وكذلك إذا اشتريا شيئا لحسابهما فيكون المشترى شركة بينهما شركة ملك . والجبرية : هي التي تثبت لاكثر من شخص جبرا دون أن يكون فعل في إحداث الملكية كما في الميراث . فإن الشركة تثبت للورثة دون اختيار منهم ، وتكون شركة بينهم شركة ملك . حكم هذه الشركة : وحكم هذه الشركة أنه لا يجوز لاي شريك أن يتصرف في نصيب صاحبه بغير إذنه ، لانه لا ولاية لاحدهما في نصيب الاخر ، فكأنه أجنبي .
يتبع ....
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:20 am

شركة العقود : هي أن يعقد اثنان فأكثر عقدا على الاشتراك في المال وما نتج عنه من ربح . أنواعها : وأنواعها كما يلي : 1 - شركة العنان . 2 - شركة المفاوضة . 3 - شركة الابدان . 4 - شركة الوجوه . ركنها : وركنها الايجاب والقبول ، فيقول أحد الطرفين : شاركتك في كذا وكذا ، ويقول الثاني : قبلت .
حكمها : أجاز الاحناف كل نوع من أنواع الشركات السابقة متى توفر فيها الشروط التي ذكروها . والمالكية أجازوا كل الشركات ، ما عدا شركة الوجوه . والشافعية أبطلوها كلها ما عدا شركة العنان . والحنابلة أجازوها كلها ما عدا شركة المفاوضة . شركة العنان : ( 1 ) وهي أن يشترك اثنان في مال لهما على أن يتجرا فيه والربح بينهما ، ولا يشترط فيها المساواة في المال ولا في التصرف ولا في الربح . فيجوز أن يكون مال أحدهما أكثر من الاخر . ويجوز أن يكون أحدهما مسئولا دون شريكه . ويجوز أن يتساويا في الربح . كما يجوز أن يختلفا حسب الاتفاق بينهما . فإذا كان ثمة خسارة فتكون بنسبة رأس المال . شركة المفاوضة : ( 2 ) هي التعاقد بين اثنين أو أكثر على الاشتراك في عمل بالشروط الاتية :
( هامش ) ( 1 ) العنان بكسر العين وتفتح قال الفراء : اشتقاقها من عن الشئ إذا عرض ، فالشريكان كل واحد منها تعن شركة الاخر . وقيل هي مشتقة عناني الفرسين في التساوي . ( 2 ) المفاوضة : أي المساواة وسميت بهذه التسمية لاعتبار المساواة في رأس المال والربح والتصرف ، وقيل : هي من التفويض لان كل واحد يفوض شريكه في التصرف .
1 - التساوي في المال ، فلو كان أحد الشركاء أكثر مالا فإن الشركة لا تصح ( 1 ) . 2 - التساوي في التصرف ، فلا تصح الشركة بين الصبي والبالغ . 3 - التساوي في الدين ، فلا تنعقد بين مسلم وكافر . 4 - أن يكون كل واحد من الشركاء كفيلا عن الاخر فيما يجب عليه من شراء وبيع كما أنه وكيل عنه ، فلا يصح أن يكون تصرف أحد الشركاء أكثر من تصرف الاخر . فإذا تحققت المساواة في هذه النواحي كلها انعقدت الشركة وصار كل شريك وكيلا عن صاحبه وكفيلا عنه يطالب بعقده صاحبه ، ويسأل عن جميع تصرفاته . وقد أجازها الحنفية والمالكية ولم يجزها الشافعي ، وقال : " إذا لم تكن شركة المفاوضة باطلة فلا باطل أعرفه في الدنيا " لانها عقد لم يرد الشرع بمثله . وتحقق المساواة في هذه الشركة أمر عسير لما فيها من غرر وجهالة . وما ورد من
( هامش ) ( 1 ) فلو كان أحد الشركاء يملك 100 والاخر يملك دون ذلك فإن الشركة لا تصح ولو لم يكن ذلك مستعملا في التجارة
الحديث : " فاوضوا فإنه أعظم للبركة " وقوله : " إذا تفاوضتم فأحسنوا المفاوضة " فإنه لم يصح شئ من ذلك . وصفتها عند الامام مالك : هي أن يفوض كل واحد منهما إلى الاخر التصرف مع حضوره وغيبته ، وتكون يده كيده . ولا يكون شريكه إلا بما يعقدان الشركة عليه . ولا يشترط المفاوضة أن يتساوي المال ولا أن لا يبقي أحدهما مالا إلا ويدخله في الشركة .
شركة الوجوه : هي أن يشتري اثنان فاكثر من الناس دون أن يكون لهم رأس مال اعتمادا على جاههم وثقة التجار بهم ، على أن تكون الشركة بينهما في الربح ، فهي شركة على الذمم من غير صنعة ولا مال . وهي جائزة . عند الحنفية والحنابلة لانها عمل من الاعمال فيجوز أن تنعقد عليه الشركة ويصح تفاوت ملكيتهما في الشئ المشترى . وأما الربح فيكون بينهما على قدر نصيب كل منهما في الملك . وأبطلها الشافعية والمالكية ، لان الشركة إنما تتعلق بالمال أو العمل ، وهما هنا غير موجودين .
شركة الابدان : هي أن يتفق اثنان على أن يتقبلا عملا من الاعمال على أن تكون أجرة هذا العمل بينهما حسب الاتفاق . وكثيرا ما يحدث هذا بين النجارين والحدادين والحمالين والخياطين والصاغة وغيرهم من المحترفين . وتصح هذه الشركة سواء اتحدث حرفتها أم اختلفت " كنجار مع نجار أو نجار مع حداد " . وسواء عملا جميعا أو عمل أحدهما دون الاخر ، منفردين ومجتمعين . وتسمى هذه الشركة بشركة الاعمال أو الابدان أو الصنائع أو التقبل . ودليل جواز هذه الشركة ما رواه أبو عبيدة عن عبد الله قال : " اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر ، قال : فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشئ " . رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه . ويرى الشافعي أن هذه الشركة باطلة ، لان الشركة عنده تختص بالاموال لا بالاعمال . وفي كتاب الروضة الندية كلام حسن في هذا الموضوع نورده فيما يلي : " واعلم أن هذه الاسامي التي وقعت في كتب الفروع لانواع من الشركة : كالمفاوضة ، والعنان ، والوجوه ، والابدان ، لم تكن أسماء شرعية ولا لغوية ، بل اصطلاحات حادثة متجددة ، ولا مانع للرجلين أن يخلطا ماليهما ويتجرا كما هو معنى المفاوضة المصطلح عليها ، لان للمالك أن يتصرف في ملكه كيف يشاء ما لم يستلزم ذلك التصرف محرما مما ورد الشرع بتحريمه ، وإنما الشأن في اشتراط استواء المالين وكونهما نقدا واشتراط العقد ، فهذا لم يرد ما يدل على اعتباره بل مجرد التراضي بجمع المالين والاتجار بهما كاف . وكذلك لا مانع من أن يشترك الرجلان في شراء شئ بحيث يكون لكل واحد منهما نصيب منه بقدر نصيبه من الثمن ، كما هو معنى شركة العنان اصطلاحا ، وقد كانت هذه الشركة ثابتة في أيام النبوة ودخل فيها جماعة من الصحابة فكانوا يشتركون في شراء شئ من الاشياء ويدفع كل واحد منهم نصيبا من قيمته يتولى الشراء أحدهما أو كلاهما . وأما اشتراط العقد والخلط فلم يرد ما يدل على اعتباره . وكذلك لا بأس أن يوكل أحد الرجلين الاخر أن يستدين له مالا ويتجر فيه ويشتركا في الربح كما هو معنى شركة الوجوه اصطلاحا . ولكن لا وجه لما ذكروه من الشروط . وكذلك لا بأس بأن يوكل أحد الرجلين الاخر في أن يعمل عنه عملا استؤجر عليه كما هو معنى شركة الابدان اصطلاحا . ولا معنى لا شتراط شروط في ذلك . والحاصل أن جميع هذه الانواع يكفي في الدخول فيها مجرد التراضي ، لان ما كان منها من التصرف في الملك فمناطه التراضي ولا يتحتم اعتبار غيره . وما كان منها من باب الوكالة أو الاجارة فيكفي فيه ما يكفي فيهما ، فما هذه الانواع التي نوعوها والشروط التي اشترطوها ؟ وأي دليل عقلي أو نقلي ألجأهم إلى ذلك ؟ فإن الامر أيسر من هذا التهويل والتطويل ، لان حاصل ما يستفاد من شركة : المفاوضة ، والعنان ، والوجوه ، أنه يجوز للرجل أن يشترك هو وآخر في شراء شئ وبيعه
ويكون الربح بينهما على مقدار نصيب كل واحد منهما من الثمن ، وهذا شئ واحد واضح المعنى يفهمه العامي فضلا عن . العالم ، ويفتي بجوازه المقصر فضلا عن الكامل ، وهو أعم من أن يستوي ما يدفعه كل واحد منهما من الثمن أو يختلف ، وأعم من أن يكون المدفوع نقدا أو عرضا ، وأعم من أن يكون ما اتجرا به جميع مال كل واحد منهما أو بعضه ، وأعم من أن يكون المتولي للبيع والشراء أحدهما أو كل واحد منهما . وهب أنهم جعلوا لكل قسم من هذا الاقسام - التي هي في الاصل شئ واحد - اسما يخصه ، فلا مشاحة في الاصطلاحات ، لكن ما معنى اعتبارهم لتلك العبارات ، وتكلفهم لتلك الشروط ، وتطويل المسافة على طالب العلم وإتعابه بتدوين ما لا طائل تحته ؟ وأنت لو سألت حراثا أو بقالا عن : جواز الاشتراك في شراء الشئ وفي ربحه ، لم يصعب عليه أن يقول : نعم . ولو قلت له : هل يجوز العنان أو الوجوه أو الابدان ؟ لحار في فهم معاني هذه الالفاظ . بل قد شاهدنا كثيرا من المتبحرين في علم الفروع يلتبس عليه الكثير من تفاصيل هذه الانواع ويتلعثم إن أراد تمييز بعضها من بعض . اللهم إلا أن يكون قريب عهد بحفظ مختصر من مختصرات الفقه ، فربما يسهل عليه ما يهتدى به إلى ذلك . وليس المجتهد من وسع دائرة الاراء العاطلة عن الدليل ، وقبل كل ما يقف عليه من قال وقيل ، فإن ذلك هو دأب أسراء التقليد ، بل المجتهد من قرر الصواب ، وأبطل الباطل ، وفحص في كل مسألة عن وجوه الدلائل ، ولم يحل بينه وبين الصدع بالحق مخالفة من يخالفه ممن يعظم في صدور المقصرين ، فالحق لا يعرف بالرجال . ولهذا المقصد سلكنا في هذه الابحاث مسالك لا يعرف قدرها إلا من صفى فهمه عن التعصبات ، وأخلص ذهنه عن الاعتقادات المألوفات . والله المستعان " . ا ه‍ .
يتبع......
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:20 am

شركة الحيوان : ويرى ابن القيم جواز المشاركة في الحيوان بأن تكون العين مملوكة لشخص ويقوم الاخر على تربيتها على أن يكون الربح بينهما حسب الاتفاق . قال في إعلام الموقعين : تجوز المغارسة عندنا على شجر الجوز وغيره ، بأن يدفع إليه أرضه ويقول : اغرسها من الاشجار كذا وكذا ، والغرس بيننا نصفان ، وهذا كما يجوز أن يدفع إليه ماله يتجر فيه والربح بينهما نصفان ، وكما يدفع إليه أرضه يزرعها والزرع بينهما ، وكما يدفع إليه شجره يقوم عليه والثمر بينهما ، وكما يدفع إليه بقره أو غنمه أو إبله يقوم عليها والدر والنسل بينهما ، وكما يدفع إليه زيتونه يعصره والزيت بينهما ، وكما يدفع إليه دابته يعمل عليها والاجرة بينهما ، وكما يدفع إليه فرسه يغزو عليها وسهمها بينهما ، وكما يدفع إليه قناة يستنبط ماءها والماء بينهما ، ونظائر ذلك ، فكل ذلك شركة صحيحة قد دل على جوازها النص والقياس واتفاق الصحابة ومصالح الناس ، وليس فيها ما يوجب تحريمها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ، ولا مصلحة ولا معنى صحيح يوجب فسادها ، والذين منعوا ذلك عذرهم أنهم ظنوا ذلك كله من باب الاجارة ، فالعوض مجهول فيفسد . ثم منهم من أجاز المساقاة والمزارعة للنص الوارد فيها والمضاربة للاجماع دون ما عدا ذلك ، ومنه من خص الجواز بالمضاربة ، ومنهم من جوز بعض أنواع المساقاة والمزارعة ، ومنه من منع الجواز فيما إذا كان بعض الاصل يرجع إلى العامل كقفيز الطحان وجوزه فيما إذا رجعت إليه الثمرة مع بقاء الاصل كالدر والنسل ، والصواب جواز ذلك كله ، وهو مقتضى أصول الشريعة وقواعدها ، فإنه من باب المشاركة التي يكون العامل فيها شريك المالك : هذا بماله وهذا بعمله ، وما رزق الله فهو بينهما ، وهذا عند طائفة من أصحابنا أولى بالجواز من الاجارة ، حتى قال شيخ الاسلام : هذه المشاركات أحل من الاجارة . قال : لان المستاجر يدفع ماله وقد يحصل له مقصوده وقد لا يحصل ، فيفوز المؤجر بالمال والمستأجر على الخطر ، إذا قد يكمل الزرع وقد لا يكمل ، بخلاف المشاركة ، فإن الشريكين في الفوز وعدمه على السواء ، إن رزق الله الفائدة كانت بينهما ، وإن منعها استويا في الحرمان ، وهذا غاية العدل ، فلا تاتي الشريعة بحل الاجارة وتحريم هذه المشاركات . وقد أقر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، المضاربة على ما كانت عليه قبل الاسلام ، فضارب أصحابه في حياته وبعد موته ، وأجمعت عليها الامة ، ودفع خيبر إلى اليهود يقومون عليها ويعمرونها من أموالهم بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ، وهذا كانه رأي عين ، ثم لم ينسخه ولا ينه عنه ولا امتنع منه خلفاؤه الراشدون وأصحابه بعده ، بل كانوا يفعلون ذلك بأراضيهم وأموالهم ، يدفعونها إلى من يقوم عليها بجزء مما يخرج منها ، وهم مشغولون بالجهاد وغيره ، ولم ينقل عن رجل واحد منهم المنع ، إلا فيما منع منه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ، والله ورسوله لم يحرم شيئا من ذلك ، وكثير من الفقهاء يمنعون ذلك ، فإذا بلي الرجل بمن يحتج في التحريم بأنه هكذا في الكتاب وهكذا قالوا ، ولا يدله من فعل ذلك ، إذ لا تقوم مصلحة الامة إلا به ، فله أن يحتال على ذلك بكل حيلة تؤدي إليه ، فإنها حيل تؤدي إلى فعل ما أباحه الله ورسوله ولم يحرمه على الامة . بعض صور من الشركات الجائزة : أورد ابن قدامة بعض صور من الشركات الجائزة ، فقال في المغني : " فإن كان لقصار أداة ولاخر بيت ، فاشتركا على أن يعملا بأداة هذا في بيت هذا والكسب بينهما ، جاز ، والاجرة على ما شرطاه ، لان الشركة وقعت على عملهما والعمل يستحق به الربح في الشركة ، والالة والبيت لا يستحق بهما شئ لانهما يستعملان في العمل المشترك ، فصارا كالدابتين اللتين أجراهما لحمل الشئ الذي تقبلا حملا . وإن فسدت الشركة قسم ما حصل لهما على قدر أجر عملهما وأجر الدار والالة ، وإن كانت لاحدهما آلة وليس للاخر شئ ، أو لاحدهما بيت وليس للاخر شئ ، فاتفقا على أن يعملا بالالة أو في البيت والاجرة بينهما ، جاز لما ذكرناه . قال : وإن دفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها وما يرزق الله بينهما نصفين أو أثلاثا أو كيفما شرطا ، صح ، نص عليه في رواية الاثرم ومحمد بن أبي حرب وأحمد بن سعيد ، ونقل عن الاوزاعي ما يدل على هذا . وكره ذلك الحسن والنخعي . وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي : لا يصح ، والربح كله لرب الدابة لان الحمل الذي يستحق به العوض منها وللعامل أجر مثله ، لان هذا ليس من أقسام الشركة ، إلا أن تكون المضاربة ، ولا تصح المضاربة بالعروض ، ولان المضاربة تكون بالتجارة في الاعيان وهذه لا يجوز بيعها ولا إخراجها عن ملك مالكها . وقال القاضي : يتخرج أن لا يصح ، بناء على أن المضاربة بالعروض لا تصح ، فعلى هذا : إن كان أجر الدابة بعينها فالاجر لمالكها ، وإن تقبل حمل شئ فحمله عليها أو حمل عليها شيئا مباحا فباعه ، فالاجرة والثمن له ، وعليه أجرة مثلها لمالكها . ولنا انها عين تنمى بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها ، كالدراهم والدنانير ، وكالشجر في المساقاة والارض في المزارعة . وقولهم إنه ليس من أقسام الشركة ولا هو مضاربة ، قلنا : نعم ، لكنه يشبه المساقاة والمزارعة ، فإنه دفع لعين المال إلى من يعمل عليها ببعض نمائها مع بقاء عينها . وبهذا يتبين أن تخريجها على المضاربة بالعرض فاسد ، فإن المضاربة إنما تكون بالتجارة والتصرف في رقبة المال ، وهذا بخلافه . قال : ونقل أبو داود عن أحمد فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة : أرجو ألا يكون به بأس . قال إسحاق ابن إبراهيم قال أبو عبد الله : إذا كان على النصف والربع فهو جائز ، وبه قال الاوزاعي . قال : وقالوا ( 1 ) لو دفع شبكة إلى الصياد ليصيد بها السمك بينهما نصفين فالصيد كله للصياد ولصاحب الشبكة أجر مثلها . وقياس ما نقل عن أحمد صحة الشركة وما رزق بينهما على ما شرطا ، لانها عين تنمى بالعمل فيها فصح دفعها ببعض نمائها كالارض " ( انتهى ) .
يتبع......
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفقة والسنة - صفحة 7 Empty رد: كتاب الفقة والسنة

مُساهمة من طرف AaMmOoRr الخميس ديسمبر 24, 2009 5:21 am

شركات التأمين : أفتى فضيلة الشيخ أحمد ابراهيم بعدم جواز عقود التأمين على الحياة ، فقال : إن حقيقة الامر في عقود التأمين على الحياة هو عدم صحتها ، ولبيان ذلك أقول : إن عاقد التأمين مع الشركة إذا أوفى الاقساط حال حياته كان له أن يسترد من الشركة كل المبلغ الذي دفعه مقسطا مع الربح الذي اتفق عليه مع الشركة . فأين هذا من عقد المضاربة الجائزة شرعا ؟ . فعقد المضاربة : أن يعطي زيد بكرا مائة جنيه ( مثلا ) ليتجر بها بكر على أن يكون الربح بينهما مشتركا بنسبة كذا على حسب ما يتفقان ، لرب المال النصف وللمضارب الذي هو العامل النصف . الاول في مقابلة ماله ، والثاني في مقابلة عمله . أو يكون للاول الثلثان وللثاني الثلث أو العكس . وهكذا . فشرط صحة المضاربة الاساسي أن يأخذ رب المال حقه مما تربحه التجارة بماله بعمل المضارب . فإذا لم تكسب التجارة ولم تخسر سلم لرب المال رأس ماله ولا شئ له ولا للمضارب بعد ذلك لعدم الربح ، عملا بحكم المضاربة . وإذا خسرت التجارة كانت الخسارة على رب المال من رأس ماله دون المضارب ، ولاشئ للمضارب في مقابل عمله لانه في هذه الحالة شريك وليس بأجير . أما إذا شرط رب المال على المضارب أن يأخذ رب المال مقدارا معينا فوق رأس ماله بصرف النظر عن كون التجارة كسبت أو خسرت ، فهذا شرط فاسد ، لانه يؤدي إلى قطع الشركة في الربح ، وهذا مخالف لحكم المضاربة ، أو إلى التزام المضارب بدفع مبلغ من ماله الخاص لرب المال . وهذا من باب أكل أموال الناس بالباطل . ثم إذا فسدت المضاربة بالشرط الذي ذكرته آنفا وهو الموجود في عقد التأمين ، وربحت التجارة ، كان الربح كله لرب المال . وأما المضارب فاء على رب المال أجر مثل عمله بالغا ما بلغ ، على رواية الاصل لمحمد ( رحمه الله ) لانه انقلب أجيرا بفساد المضاربة وخرج عن كونه شريكا . وعلى قول أبي يوسف المفتى به يكون للعامل أجر مثل ( 1 ) عمله دون أن يتجاوز المتفق عليه في العقد . وذلك لان المضاربة إذا كانت صحيحة لم يكن للعامل إلا المتفق عليه مع الربح . فإذا فسد العقد فلا ينبغي أن يستفيد المضارب من العقد الفاسد أكثر مما يستفيده من العقد الصحيح . وقول محمد في الاصل هو القياس . وقول أبي يوسف استحسان ، للمعنى الذي قلنا . هذه هي المضاربة الشرعية ، وهذه هي أحكامها . . . فهل يندرج عقد التأمين تحت المضاربة الصحيحة ؟ . الجواب : لا . وإذن هو يندرج تحت المضاربة الفاسدة . وحكمها شرعا هو ما أسمعتك هنا ، وهو مخالف لحكم عقد التأمين قانونا . ولا يمكن أن يقال إن الشركة تتبرع للمؤمن بما
( هامش ) ( 1 ) أجر المثل : هو الاجر الذي قدره أهل الحبرة المنزهين عن الهوى والتحيز ، ويكون اختيارهم بموافقة المتعاقدين أو باختيار الحاكم .
التزمته . لان طبيعة عقد التأمين قانونا أنه من عقود المعاوضة الاحتمالية . وإذا قيل إن ما يدفعه المؤمن للشركة يعتبر قرضا يسترده مع أرباحه إذا كان حيا ، فهذا قرض جر نفعا . وهو حرام . وهذا هو الرب المنهي عنه . وبالجملة فالموضوع على أي وجه قلبته وجدته لا ينطبق على عقد يصححه الشرع الاسلامي . وهذا الذي قدمناه هو فيما إذا بقي المؤمن على حياته حيا بعد توفيته ما التزمه على نفسه من الاقساط ، أما إذا مات قبل إيفاء جميع الاقساط ، وقد يموت بعد دفع قسط واحد فقط ، وقد يكون الباقي مبلغا عظيما جدا ، لان مبلغ التأمين على الحياة موكول تقديره إلى طرفي العقد على ما هو معلوم ، فإذا أدت الشركة المتفق عليه كاملا لورثته أو لمن جعل له المؤمن ولاية قبض ما التزمت به الشركة بعد موته ، ففي مقابل أي شئ دفعت الشركة هذا المبلغ ؟ . أليست هذه مخاطرة ومغامرة ؟ وإذا لم يكن هذا من صميم المغامرة ، ففي أي شئ المغامرة إذن . . . ؟ وهل يتصور أن يجيز شرع يحرم أكل أموال الناس بالباطل أن يكون موت شخص مصدرا لان يجني ورثته أو من يقوم مقامه بعد موته ربحا اتفق عليه قبل موته مع آخر مجازف يؤديه بعد موت الاول إلى هؤلاء ؟ مع العلم بأنه يجوز الاتفاق على أي مبلغ ، بالغا قدره ما بلغ ؟ ومتى كانت حياة الانسان وموته محلا للتجارة ، ومن الاشياء التي تقوم بالمال غير الواقف مقداره عند أي حد ، بل يوكل ذلك إلى تقدير العاقدين ؟ على أن المغامرة حاصلة أيضا من ناحية أخرى . فإن المؤمن له ، بعد أن يوفي جميع ما التزمه من الاقساط يكون له كذا . وإن مات قبل أن يوفيها كلها يكون لورثته كذا . أليس هذا قمارا ومخاطرة ؟ حيث لا علم له ولا للشركة بما سيكون من الامرين على التعيين . . . الصلح تعريفه : الصلح في اللغة : قطع المنازعة . وفي الشرع : عقد ينهي الخصومة بين المتخاصمين . ويسمى كل واحد من المتعاقدين مصالحا . ويسمى الحق المتنازع فيه ، مصالحا عنه . وما يسمى يؤديه أحدهما لخصمه قطعا للنزاع : مصالحا عليه أو بدل الصلح .
مشروعيته . والصلح مشروع بالكتاب والسنة والاجماع من أجل أن يحل الوفاق محل الشقاق ، ولكي يقضي على البغضاء بين المتنازعين . ففي الكتاب يقول الله سبحانه وتعالى : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ( 1 ) " . وفي السنة يروي أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وابن حيان عن عمرو بن عوف أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " الصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما " . وزاد الترمذي : " والمسلمون على شروطهم " ثم قال : هذا حديث حسن صحيح . وقال عمر ، ، رضي الله عنه : " ردوا الخصوم حتى يصطلحوا ، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن " . وقد أجمع المسلمون على مشروعية الصلح بين الخصوم .
أركانه : وأركان الصلح : الايجاب والقبول بكل لفظ ينبئ عن المصالحة ، كأن يقول المدعى عليه : " صالحتك على المائة التي لك عندي على خمسين " . ويقول الاخر : " قبلت " . ونحو ذلك . ومتى تم الصلح أصبح عقدا لازما للمتعاقدين ، فلا يصح لاحدهما أن يستقل بفسخه بدون رضا الاخر ، وبمقتضى العقد يملك المدعي بدل الصلح ولا يملك المدعى عليه استرداده وتسقط دعوى المدعي فلا تسمع منه مرة أخرى .
شروطه : من شروط الصلح ما يرجع إلى المصالح ، ومنها ما يرجع إلى المصالح به ، ومنها ما يرجع إلى المصالح عنه . شروط المصالح : يشترط في المصالح أن يكون ممن يصح تبرعه ، فلو كان المصالح ممن لا يصح تبرعه مثل : المجنون أو الصبي أو ولي اليتيم أو ناظر الوقف ، فإن صلحه لا يصح لانه تبرع ، وهم لا يملكونه . ويصح صلح الصبي المميز وولي اليتيم وناظر الوقف إذا كان فيه نفع للصبي أو لليتيم أو للوقف ، مثل أن يكون هناك دين على آخر وليس ثمة أدلة على ثبوت هذا الدين ، فيصالح المدين على أخذ بعض دينه وترك البعض الاخر .
يتبع ........
AaMmOoRr
AaMmOoRr
المدير العامـ
المدير العامـ

عدد المساهمات : 1448
نقاط : 56016
الجنس : انثى
الابراج : الثور
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://na3m-al-hazen.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 7 من اصل 8 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى